32.6 C
تونس
24 يونيو، 2025
اخبار متفرقة كرة قدم عالمية

الترجي يواجه فجر الغد تشيلسي من مجد ناشفيل إلى معركة فيلادلفيا .. حين يتحوّل الحلم إلى واجب وطني

في قلب الجنوب الأمريكي، وتحديدًا على أرضية ملعب “جيوديس بارك” بمدينة ناشفيل، دوّى صوت الترجي الرياضي التونسي عاليًا، معلنًا عن أول انتصار عربي في النسخة الجديدة من كأس العالم للأندية 2025. فوزٌ لم يكن فقط ثمرة مجهود بدني أو تكتيكي، بل كان تتويجًا لمسيرة نادٍ لا يعرف الاستسلام، ويؤمن بأن المجد لا يُمنح بل يُنتزع.

فوز بطعم الذهب… وغياب بطعم المرارة

هدف يوسف البلايلي في الدقيقة 70، بعد عمل ممتاز من محمد أمين بن حميدة، لم يكن مجرد كرة في الشباك، بل كان لحظة اختزلت فيها كل معاني الإصرار، المهارة، والانتماء. لكن فرحة الهدف لم تكتمل، إذ تلقّى البلايلي إنذاره الثاني في البطولة، ما يعني غيابه عن المواجهة المصيرية أمام تشيلسي. غيابٌ يُعدّ ضربة موجعة، خاصة وأنه كان أحد أبرز نجوم الفريق في المباراتين السابقتين.

بشير بن سعيد… حارس بمقام قائد

في الدقيقة 99، حين احتُسبت ركلة جزاء لصالح لوس أنجلوس، خيّم الصمت على قلوب التونسيين. لكن بشير بن سعيد، الحارس الذي بات يُلقّب بـ”أسد المونديال”، تصدّى ببراعة لتسديدة دينيس بوانغا، مؤكدًا أن الترجي لا ينهار في اللحظات الحرجة، بل ينهض ويُقاتل.

المدرب ماهر الكنزاري، الذي تولّى المهمة في ظروف دقيقة، أثبت أنه رجل المرحلة. بخياراته التكتيكية الذكية، وتعامله النفسي المتوازن مع اللاعبين، أعاد التوازن للفريق، وخلق روحًا جماعية تُذكّر بأمجاد الترجي في نهائي رادس 2018. تصريحاته بعد المباراة كانت واضحة: “نحترم تشيلسي، لكننا لا نخشاه. سنلعب من أجل الفوز، ولا شيء غيره.”

الترتيب… ومعادلة التأهل الصعبة

بعد جولتين، يتصدّر فلامنغو البرازيلي المجموعة الرابعة بـ6 نقاط، يليه الترجي وتشيلسي بـ3 نقاط لكل منهما، بينما يتذيّل لوس أنجلوس الترتيب بلا رصيد. وبما أن الترجي يتأخر بفارق الأهداف، فإن فرضية التأهل الوحيدة هي الانتصار على تشيلسي. التعادل أو الخسارة يعنيان الإقصاء، مهما كانت نتائج المباراة الأخرى.

وبعيدًا عن الجانب الرياضي، فإن فوز الترجي على لوس أنجلوس جلب معه مكاسب مالية ضخمة. وفقًا لتقارير صحفية، تحصل الفريق على منحة فوز تُقدّر بـ2 مليون دولار، تُضاف إلى منحة المشاركة التي تبلغ 9.5 مليون دولار، ليصل مجموع ما دخل خزينة النادي إلى 11.5 مليون دولار حتى الآن. وفي حال التأهل إلى الدور القادم، قد ترتفع العائدات إلى أكثر من 20 مليون دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الأندية التونسية.

التحضيرات لموقعة تشيلسي… بين الواقعية والحلم

التحضيرات لمباراة تشيلسي لا تقتصر على الجانب البدني، بل تشمل أيضًا الجانب الذهني. الجهاز الفني يُركّز على رفع المعنويات، خاصة بعد غياب البلايلي. البدائل موجودة: أنيس البدري بخبرته، يان ساس بتحركاته، وربما مفاجأة من الشاب ياسين مرياح. لكن الأهم هو أن الترجي لا يعتمد على نجم واحد، بل على منظومة جماعية تُقاتل من أجل الشعار.

تشيلسي… عملاق جريح

الفريق اللندني يدخل المباراة تحت ضغط كبير، بعد خسارته أمام فلامنغو بنتيجة 3-1. مدربه ماوريسيو بوتشيتينو يتعرّض لانتقادات لاذعة، والجماهير تطالب بردّ اعتبار. لكن هذا لا يعني أن الترجي سيواجه خصمًا ضعيفًا، بل خصمًا جريحًا، وقد يكون أكثر خطورة. وهنا تكمن أهمية التركيز والانضباط التكتيكي.

الجماهير… اللاعب رقم 12

ما حدث في ناشفيل كان استثنائيًا: آلاف التونسيين، من شيكاغو إلى مونتريال، من نيويورك إلى ديترويت، حضروا لمساندة الفريق. الأعلام، الأهازيج، والدموع بعد صافرة النهاية، كلها كانت دليلًا على أن الترجي ليس مجرد نادٍ، بل هو وطنٌ يُختصر في قميص أحمر وأصفر. وفي فيلادلفيا، يُنتظر أن يتضاعف الحضور، في مشهد قد يُعيد إلى الأذهان أجواء نهائي دوري الأبطال في رادس.

الترجي لا يُمثّل نفسه فقط، بل يُمثّل تونس، والعرب، وإفريقيا. هو سفير لقارة بأكملها، يحمل على عاتقه آمال الملايين. كل تمريرة، كل تصدٍ، كل هدف، هو رسالة بأن الكرة التونسية قادرة على مقارعة الكبار، وأن “المكشخة” ليست مجرد لقب، بل هوية، وتاريخ، وحلم لا يموت.

فجر غد الأربعاء، سيكون الموعد مع التاريخ. الترجي أمام تشيلسي، في مباراة لا تقبل القسمة على اثنين. لا حسابات، لا أعذار، فقط الانتصار. فهل ينجح أبناء الكنزاري في كتابة فصل جديد من ملحمة “المكشخة”؟ كل شيء ممكن… والقلوب معلّقة.

 

آخر الأخبار