25.9 C
تونس
19 سبتمبر، 2024
غير مصنف

جدل أثارته صفقة العيفة: سمسرة المدربين.. ظاهرة حقيقية أم ادعاءات بلا أدلة مادية؟

الرياضية – مراد الربيعي

فجّر اللاعب الدولي السابق للنادي الإفريقي والملعب التونسي أسامة السلامي جدلا كبيرا عندما صرح بأن صفقة انتقال المدافع الدولي بلال العيفة إلى نادي أبها السعودي تعطلت في وقت سابق بسبب تدخلات قام بها المدرب عبد الرزاق الشابي الذي كانت له تجربة سابقة ناجحة في أبها ويحتفظ بعلاقات قوية هناك جعلته يتدخل لإبطال الصفقة من أجل تسويق اللاعب الجزائري الدولي حسين بن عيادة لاعب النجم الرياضي الساحلي الذي ينتمي إليه الشابي، قبل أن يرد الأخير ليؤكد أنه لا يد له في تعطل الصفقة ولم يتدخل فيها أصلا ولا علاقة له بهذه الممارسات وأنه لا عمل له في موضوع تسويق اللاعبين وهو يكتفي فقط بمهمته كمدرّب.

وبغض النظر عن صحة ادعاءات أسامة السلامي من عدمها إلا أنه أثار قضية تبدو مسكوتا عنها في الشارع الكروي التونسي ويتم تداولها والحديث عنها في الكواليس وبصوت خافت وهو موضوع تجاوز عدد من المدربين التونسيين لمهمتهم الأصلية أي التدريب ودخولهم عالم تسويق اللاعبين أو بلغة أدق السمسرة في اللاعبين بطرق مختلفة سواء في تونس أو خارجها مع ارتفاع عدد المدربين التونسيين الناشطين سواء في الخليج أو مصر وليبيا وارتفاع عدد اللاعبين التونسيين في تلك البطولات وهو أمر تم ربطه بكون بعض المدربين يحملون معهم لاعبين يتبعونهم أو يتبعون وكيل أعمال المدرب أو حتى في البطولة المحلية في تونس عندما يتولون تدريب بعض الفرق.

وبما أن الكلام عن سمسرة بعض المدربين لا يخرج للعلن سوى في مناسبات قليلة متباعدة، لازال هناك من يعتقد أن هذه الظاهرة غير موجودة وأغلبها ادعاءات لتشويه هذا المدرب أو ذاك بينما يؤكد آخرون أن ما خفي كان أعظم وأنها ظاهرة موجودة بل وباتت رائجة.

ظاهرة موجودة بطرق مختلفة وعناصر متداخلة

يعتبر وكلاء أعمال اللاعبين والمدربين دون شك أكثر من يعرفون الكواليس الخفية في كرة القدم والظواهر الموجودة فيها ومنها سمسرة بعض المدربين وهي ظاهرة يؤكد وكيل اللاعبين لطفي بالحاج محمد أنها موجودة دون أدنى شك تتعلق خاصة بالمدربين الشبان أو الذين لم ينجحوا كثيرا في مسيرتهم وليسوا مطلوبين كثيرا فيكون عليهم التعامل مع بعض السماسرة الذين يفرضون عليهم انتداب لاعبين معينين يتبعونهم في الفريق الذي سيتعاقد معهم لكن في أحيان أخرى يكون هناك تعاون بين الوكيل والمدرب مع اقتسام العمولة.

ويقول بالحاج محمد إن الظاهرة تتوضح أكثر عند التمعن في بعض المدربين التونسيين في الخليج والذين ينتدبون أسماء من الواضح أنها لن تقدم فائدة لكن المهم بالنسبة للمدرب أنه تحصل على نسبة من انتقال ذلك اللاعب أو أن الوكيل الذي جلب له عرض التدريب قد سوق لاعبيه.

ويقول وكيل اللاعبين سليم بولصنام للرياضية إن هناك مدربين يتعاملون مع وكلاء معينين أو يذهبون إلى أبعد من ذلك ويخبّرون اللاعبين الذين قد يتم انتدابهم بأن عليهم التعامل مع وكيل محدد يكون نفس وكيل المدرب وهذا يمثل ضغطا على اللاعب إذا ما أراد الانتقال والتوقيع مع فريق آخر أو قد يتم توجيهه أيضا إلى محام يشتغل مع المدرب.. ومهما كان اسم اللاعب أو وكيله عليه المرور بذلك المحامي حيث هناك مدربون معروفون لدى الجميع بأنهم لا ينتدبون لاعبا إلا إذا مرّ بأحد المحامين.

ويشدد بولصنام على أن هناك مدربين لا يخجلون حتى من التدخل لإفشال بعض الصفقات من أجل تسويق لاعبين يتبعونهم أو القيام بألاعيب ليحلوا محل مدربين آخرين معروفين بنزاهتهم وذلك حتى يجدوا مكانا جديدا للسمسرة فيه، ويقول بولصنام إن المدربين الذين يعملون في مجال السمسرة اغلبهم فاشلون ويدركون أنه سيتم طردهم سريعا لذلك يحاولون جمع أكبر قدر ممكن من المال بكل الطرق بما فيها السمسرة في اللاعبين بل وحتى في الإطارات التي تشتغل معهم.

ويقول وكيل اللاعبين هيثم الزرقي في حديثه مع الرياضية إن مهمة المدرب العام موجودة في كل العالم حيث يشرف على الانتدابات ويتفاوض مع اللاعبين كما لديه نسبة من قيمة الصفقة وهذا كله في العلن.. لكن في تونس تم تشويهها وبات المدرب يتصل باللاعبين في السر ويطلب نسبة مقابل انتدابهم وإلا لن يقوم بذلك وهناك لاعبون تعطلت انتقالاتهم لأنهم رفضوا التعامل مع بعض المدربين ومنهم مدرب حصلت حوله ضجة مؤخرا يدور الحديث حوله كثيرا بأنه لا ينتدب لاعبا إلا بعد ضمان نسبته بينما يكفي إلقاء نظرة على سوق انتقالات اللاعبين لرؤية ما يحدث بشكل واضح فليس صدفة أن يتولى مدرب تدريب فريق خليجي ثم بعد فترة قصيرة يتفاوض مع مهاجم تونسي عاطل منذ فترة وينتدبه لفريقه وليس صدفة أن ينتقل لاعبون مع مدرب في أغلب الفرق التي يدربها.

بين الإنكار وعدم التعميم

لا ينظر المدرب الوطني السابق اسكندر القصري للأمر من هذه الزاوية ولا يعتقد بوجود مدربين سماسرة وفي حديثه للرياضية يقول القصري إنه لا يوجد أي دليل على أن هناك مدربين يتقاضون عمولات من اللاعبين أو يتعاملون مع لاعبي وكيل بعينه وهذا كله حديث لا يمكن إثباته خاصة أن المدرب التونسي معروف بكفاءته ونزاهته أينما حل ولا يمكن تشويه سمعته بهذه الطريقة.

ويشدد القصري على أن أي مدرب يريد انتداب اللاعبين الذين يثق فيهم وفي قدراتهم لذلك يقوم بعض المدربين بانتداب أسماء سبق أن لعبت معهم في فرق أخرى وهو نفسه فعل هذا في نادي عندما انتدب اللاعب ميدوين لأنه دربه ويعرف إمكاناته ولا علاقة للأمر بأي سمسرة لا متعلقة به ولا بغيره من المدربين.

ولا يرى الزميل الصحفي من إذاعة كنوز اف ام فوزي الضويوي أن الأمر يمكن اعتباره سمسرة من المدربين مادام ذلك معمولا به في كل العالم حيث يتدخل المدربون في انتداب لاعبين كما يتعاملون مع وكلاء يجلبون انتدابات لفرقهم ويتحصل المدرب على عمولة عند انتداب لاعب وقد يكون فرض الوكيل على المدرب الذي يضعه في فريق ما أن ينتدب لاعبيه أمرا منبوذا بعض الشيء لكنه رغم ذلك معمول به في أوروبا في أحيان عديدة.

ويؤكد لطفي بالحاج محمد انه لا يجب التعميم فهناك مدربون عدة لا دخل لهم في مثل هذه الممارسات وهم على الأغلب المدربون الكبار الناجحون والذين لا ينزلون إلى ذلك المستوى ولا يسمحون بفرض اي لاعب عليهم من وكيل أو بالتعامل مع وكيل محدد ولا ينتدبون لاعبا لأنه يتبع وكيل المدرب بل لأنه يحقق الإضافة وهذا ما يجعلهم ناجحين ويجعل المدربين الذين يمتهنون السمسرة يفشلون في محطاتهم التدريبية. ولا يختلف رأي الثنائي هيثم الزرقي وسليم بولصنام كثيرا فهما يؤمنان بأنه ورغم وجود الظاهرة الا أنها لا تتعلق بكل المدربين فهناك مدربون يحترمون أنفسهم ويحترمون الفرق التي يدربونها ونسبتهم لا تقل عن نسبة المدربين الذين انتهجوا “السمسرة” في اللاعبين

آخر الأخبار