11.9 C
تونس
22 نوفمبر، 2024
غير مصنف

غادروا أنديتهم نحو السجون: هل أصبحت المسؤولية الرياضية غطاء للهروب من المحاسبة؟

الرياضية – هاني إبراهمي

تتطلع عدد من الشخصيات في المجال الكروي وحتى خارجه دائما لتقلد المسؤوليات في الجمعيات الرياضية سواء بعضوية الهيئات المديرة لها أو برئاسة ناد معيّن حسب الجهة التي ينتمي إليها كل مسؤول أو حسب صوت القلب كأن يكون ذلك الشخص محبا لفريق معين فيتقدم صحبة قائمته الانتخابية  لتولي الإشراف على ناديه وتسييره لفترة محددة.

ولا يخفى على الجميع أن عديد المسؤولين في الأندية التونسية قد استعملوا تلك النوادي كغطاء عن تجاوزاتهم وحماية لهم من التتبعات القانونية التي قد يتعرضون لها في صورة قيامهم ببعض الخروقــات في بعض الحالات فنجد أن بعض المسؤولين السابقين قد وجدوا أنفسهم متورطين في عدد من القضايا بعد مغادرتهم لمناصبهم تلك، والأمثلة عديد في السنوات الأخيرة دون الخوض في الأسماء التي يشملها هذا الموضوع.

المسؤولية الرياضية غطاء للهروب من المحاسبة

ويبقى السؤال المطروح في هذا الصدد، هل أن المسؤولية الرياضية باتت تُستعمل كغطاء للهروب من المحاسبة أم أنها خطوة “بريئة” يقدم عليها المسؤولون لتقديم يد المساعدة لأنديتهم؟

سؤال يجيب عنه الزميل الصحفي عربي الوسلاتي في حديثه مع الرياضية قائلا ان الأندية يمكن أن تكون غطاءً للمسؤولين للهروب من المحاسبة خاصة أن الجمعيات الكبرى مثلا، لها خزان جماهيري كبير يجعل من المحاسبة والمساءلة أمرا صعبا، ضاربا مثال الرئيس السابق للنادي الإفريقي سليم الرياحي حين أراد الجمع بين منصبه كرئيس لنادي باب الجديد ومنصبه الثاني كرئيس لحزبه السياسي وهو أمر ممنوع قانونيا، لكن غضب جمهور الإفريقي آنذاك ونزوله للشارع ومساندته لرئيس ناديه جعلت الدولة تتراجع عن تطبيق ذلك القانون عليه.

ويضيف محدثنا أن العديد من المسؤولين ورؤساء الأندية الرياضية يمارسون نشاطات غير قانونية وفيهم من يميلون لتبييض الأموال عبر النوادي الرياضية وعبر الانتدابات والصفقات المشبوهة وهو ما يفسر حجم الديون التي تثقل كاهل الأندية وما يثبت أن الغايات ليس بريئة، كما أن التداخل السياسي في الرياضي جعل من عديد الشخصيات تدخل المجال الرياضي لخدمة مآربها السياسية.

وأكد الوسلاتي أن العديد من الأندية في ظل “هذا الاحتراف المغلوط والمشبوه” قد أضحت تبحث عن رؤوس الأموال والشخصيات التي تملك نفوذا ماليا كبيرا وهو ما يجعل من أي كان قادرا على شغل هذه المناصب التي تعتبر  مراكز ذات صيت وأهمية كبيرين، مشيرا إلى أن رئيس أحد الأندية السابق الذي تم القبض عليه في تهمة تهريب الأدوية وهو مثال عن المسؤولين الذين “أخذوا حجما أكبر من حجمهم بفضل الجمعيات الرياضية”، حسب قوله.

ويقول رئيس النادي الرياضي لحمام الأنف معاوية الكعبي في حديثه للرياضية ان المسؤولين في الأندية الرياضية يجب أن يكونوا “مسؤولين فعلا” وليس فقط من ناحية الصفة ويجب أن يتحلّوا بالعطاء والبذل والتضحية في سبيل أنديتهم بالإضافة لنظافة اليد وهي صفات يعتبرها رئيسية ومفصلية في تصنيف المسؤولين بين مذنب وبريء وأن الوضعية في الوقت الحالي خاصة في كرة القدم ببلادنا، قد تغيرت حيث أصبحت المسؤولية ملاذا للبعض للهروب من التتبعات وسبيلا للبروز والشهــرة وتحصيل مكانة اجتماعية معينة.

ويؤكد الكعبي أن تقلد المسؤوليات صلب الأندية الرياضية أصبح اليوم في تونس أداة لتحقيق الأهداف والغايات السياسية للبعض، وأن هذا لا ينفي وجود بعض المسؤولين الذين لم يحيدوا عن أصل مهمتهم القائمة بالأساس على تسيير شؤون أنديتهم وفق ما ينصّ عليه القانون وفي كنف المصداقية والشفافية التامة.

تطبيق القانون لا يُستثنى منه المسؤولون ورؤساء الأندية

ويوجد رأي آخر مخالف لوجهة النظر هذه والذي يعتبر أن المسؤولية الرياضية اليوم لا تضمن أي غطاء للمسؤول للهروب من المحــاسبة، وهو رأي  يعبر عنه المحامي المختص في القانون الرياضي أنيس بن ميم الذي يقول ان الغطاء السياسي قد أسدل على الجمعيات الرياضية ورؤساء الأندية خاصة بعد الثورة وأضحت هذه المناصب لا تشكل أي حصانة للمسؤولين الذين يتمتعون بحماية من جماهير أنديتهم أكثر من حماية النوادي، وأن هؤلاء الرؤساء في الوقت الحالي ليس لهم أي قوة أو حماية على المستوى القانوني مشيرا إلى مثال الرئيس السابق للنادي الرياضي البنزرتي عبد السلام السعيداني الذي تم إيقافه في وقت سابق وهو لا يزال رئيسا لفريق قرش الشمال، بل أنه ليس المثال الوحيد في هذا الإطار.

ويضيف بن ميم أن رئيس النادي الإفريقي السابق سليم الرياحي كان “يتردد” على المحاكم في مجموعة من القضايا في ذلك الوقت وهو يمارس نشاطه كرئيس للأحمر والأبيض، كما شدد محدثنا على أن الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة حيث أصبح رؤساء الأندية ينفقون أموالا طائلة على أنديتهم وهو ما يجعلهم يتورطون بعد ذلك وأن الدولة لا تحمي أي رئيس قام بتجاوز القانون سواء أثناء فترة رئاسته أو حتى بعد مغادرته لذلك المنصب، فيكون القانون فوق الجميع وتطبقه الدولة على أي كان، حسب تعبيره.

ويقول العضو الجامعي السابق، بلال الفضيلي في حديثه للرياضية حول هذا الموضوع، ان بعض الشخصيات في فترات سابقة كانت تسعى لترؤس الجمعيات الرياضية لتحقيق أهداف سياسية كالترشح للانتخابات التشريعية خاصة الأندية التي تملك قاعدة جماهيرية محدودة وحتى الرئاسية بالنسبة للأندية التي تملك قاعدة جماهيرية كبرى على غرار أندية الترجي والإفريقي والنجم والنادي الصفاقسي، لكن الوضعية تغيرت في السنوات الأخيرة عندما أصبح الوضع الاقتصادي صعبا فأضحت الأندية هي المتسبب الأول في دخول بعض من مسؤوليها للسجن جراء الديون والشيكات وكل الأمور المالية التي تجعل من رئيس النادي معرضا لتجاوز القانون مجبرا في أغلب الأحيان، نافيا في الآن ذاته أن تكون الجمعيات غطاءً لهؤلاء وسبيلا للهروب من المحاسبة. ويضيف الفضيلي بأن الجمعيات الرياضية تمثّل عبئا ثقيلا على مسيّريها ومشاكل لا نهاية لها خاصة بعد أزمة انتشار فيروس كورونا الذي أثر بشكل مباشر على مداخيل الأندية مما جعل الرؤساء ينفقون من مالهم الخاص تارة ويضطرون للاقتراض أو ما شابه، تارة أخرى، وهذا أمر وضع المسؤولين بصفة عامة في دائرة الخطر وأصبحوا مهددين بالسجن في كل وقت جراء غرقهم رويدا رويدا في “مستنقع” الديون.

آخر الأخبار