14.9 C
تونس
22 نوفمبر، 2024
اخبار متفرقة

رياضيّون في “قوارب الموت” !

 

الرّياضيّة – أميمة الجبالي

أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشّرعيّة تتصدّر المشهد الرّياضي في تونس في السّنتين الأخيرتين بعد أن أصبحت طريقا يتخذّه اللاّعبون أو الرّياضيّون لمغادرة أراضي الوطن و التي تحوّلت من حالات نادرة مسكوت عنها إلى مسألة شائعة و بارزة في الوسط الرّياضي ، و تعدّ إيطاليا أو لامبادوزا كما هو معلوم وجهة لا الرّياضيين فقط بل الشّباب التّونسي عامّة و الذّي يختار بعضهم إمّا الإستقرار بها أو عبروها نحو الدّول الأوروبيّة لخوض غمار المستقبل.

فمالذّي يدفع الرّياضيّين إلى خوض هذه التّجربة المميتة ؟

حوادث صادمة .. و الدّولة لا تحرّك ساكنا !

لم تعد الهجرة غير الشّرعيّة أو “الحرقة” حكرا على العاطلين عن العمل فقط بل أصبحت ملاذا للرّياضيّين التّونسيّين ، إذّ سُجلّت في الفترات الأخيرة حالات عديدة لهجرة الرّياضيّين من بينهم لاعبي كرة القدم عن طريق قوارب الموت ، ظاهرة تجدّدت أو عادت إلى الواجهة من جديد عقب خبر هجرة ريّان غريسة صاحب ال16 سنة بطريقة غير شرعيّة وهو أحد أبرز الأبطال الواعدين في رياضة رفع الأثقال التونسية ، و ترعرع غريسة في المنتخب الوطني التونسي و جمعية الشبيبة الرياضية بالمكنين كما شارك في بطولة العالم للأصاغر و بطولة إفريقيا .. حادثة غريسة ليست الأولى من نوعها بل سبقتها العديد من التّجارب الصّادمة لعلّ أبرزها حادثة فريق غار الدّماء الشّهيرة ، أين تمّ حلّ النّادي بعد أكثر من 100 سنة على تأسيسه بسبب هجرة أكثر من 60 لاعب إلى الأراضي الإيطاليّة ما خلّف جدلا كبيرا في الوسط الإعلامي و الرّياضي في تونس ، علي شلبي صاحب 18 سنة الحارس السابق للنّادي الصّفاقسي و المنتخب الوطني التونسي للأواسط ، و الذّي إختار هو الآخر أواخر السّنة الفارطة تحديدا خلال شهر أوت الهجرة إلى لامبادوزا عقب تعرّضه إلى مظلمة في صفوف المنتخب وفق تعبيره ، وأضاف شلبي عقب الحادثة أن وضعه بالنادي الصّفاقسي كان جيّدا إلاّ أنّه تلقّى عروضا من فرق إيطاليّة و تابع أنّه تقدّم بطلب الحصول على تأشيرة إلى السّفارة الإيطاليّة في مناسبتين إلاّ أنّ مطلبه رُفض و هو ما دفعه إلى إختيار قوارب الموت كحلّ أساسي وفق ما صرّح به ، من جانبها إستنكرت إدارة فريق عاصمة الجنوب الحادثة وأكّدت أن شلبي كان منتظما في التّدريبات و لم تكن عليه بوادر أو نيّة الهجرة غير الشّرعيّة و أكّدوا أن كامل الإطار الفنّي تلقّى صدمة كبرى إثر الحادثة مصرّون على أنّه كان من الأجدر على علي شلبي أن يخبر الفريق لإتّخاذ حلّ أنسب و إنقاذه.

أسباب إنتشار ظاهرة الهجرة غير الشّرعيّة في الوسط الرّياضي التّونسي

إنتشرت ظاهرة الحرقة في الدّول العربيّة أو دول شمال إفريقيا في الفترة الأخيرة بشكل كبير أين إختار العديد من الرّياضيين في مختلف المجالات التّخلي عن مستقبلهم مقابل ضمان مقوّمات العيش الكريم في أوروبا ، ولئن تعدّدت الأسباب التّي دفعت بهؤلاء لإلقاء أنفسهم في قوارب الموت إلاّ أنّها تتجسّد أساسا في تدهور الوضع الإقتصادي عموما ، أما على وجه الخصوص فتعيش الرّياضة في تونس خاصّة الرّياضات الفرديّة منها أسوء فتراتها على الإطلاق أين يعاني أغلب الرّياضيّون من التّهميش و التّي تُعتبر مورد رزقهم الوحيد ، فالرّياضيّ في تونس على سبيل المثال يتكفّل من ماله الخاصّ بخلاص التّدريبات ،كما هو مطالب بدفع معاليم و إشتراكات عديدة تتراوح بين 40 دينار و 700 دينار للمشاركة في المسابقات و خوض التّربصات بين رياضييّن و حكّام (مثل رياضة التايكواندو) ، وهو ما يثقل كاهل اللاّعبين و يدفع بهم إلى الإعتزال و ذلك ما يفسّر بروز عدد محدود من اللاّعبين في السّاحة الرّياضيّة التّونسية و العالميّة مقابل 30 ألف رياضي مُجاز ، وعلى سبيل المثال تجربة المقاتل التّونسي حمزة لحمر و الذّي تخلّف هذه السّنة عن مسابقة قتال بسبب غياب التّمويل و الدّعم المادي لضمان مصاريف التّنقل و السّفر.

تراكم هذه الأسباب بسبب سياسة التّهميش من شأنه أن يسهم بشكل كبير في تدهور وضعيّة الرّياضييّن التّونسيين و غياب الدّولة لن يزيد الوضع إلاّ تعقيدا ، و التي من واجبها اليوم ضبط إستراتيجيّة شاملة لدعم الرّياضيّين (خاصّة الرّياضات الفرديّة) خلال التّربصات و المسابقات و رصد منح دعم لضمان إستمراريّتهم و تفادي إنقطاعهم في سنّ مبكّرة.

 

 

آخر الأخبار