29.9 C
تونس
17 مايو، 2024
كرة قدم وطنية

الحديقة “ب” مقبرة الشّبان .. وهذه الأطراف وراء “تهريب” بن رمضان!

(تمّ نشر هذا المقال في جريدة الرّياضيّة بتاريخ 31 جويلية 2023)

  • حديقة حسّان بلخوجة مقبرة الشّبان .. و هذه الأطراف الحقيقيّة وراء تهريب بن رمضان” –

التّرجي تقيّد شبّانها يعقود “الفقر و الميزيريا” ! و مصالح جانبيّة تسيطر على الإدارة .. 

الرّياضيّة – تونس

نعيش في هذه الفترة تحت وقع الإنتقالات الصّيفية أو ما يعرف “بالميركاتو”، أين تسعى الفرق التّونسية لتعزيز صفوفها بإنتدابات محليّة أو أجنبيّة و التّعويل على شبّانها ، و أصبحت السّوق المحليّة هي مصدر اللّاعبين الأوّل خاصّة أمام تراجع مستوى البطولة الوطنيّة مقارنة بمختلف الدّوريات الإفريقيّة و العربيّة ما جعل إنتداب بعض النّجوم أو لاعبين من طراز عالي مهمّة  شبه مستحيلة للفوارق الماديّة الكبرى لفرقنا مقارنة بنظيرتها سواء العربيّة أو الإفريقيّة  وهو ما أكّده مسؤولي الفرق التّونسيّة في أكثر من مناسبة.

و مع إستحالة إستقطاب نجوم القارّة السّمراء أو المواهب العربيّة، تطمح الجماهير نحو إنتدابات محليّة قويّة أو التّعويل على شبّان فرقها ، إذ خلّف إنتقال اللاّعب الشّاب “هيثم ضو” الذّي نشأ في صفوف التّرجي الرّياضي التّونس إلى الإتّحاد المنستيري بعقد مدّته خمس سنوات في الآونة الأخيرة حالة إحتقان كبرى في صفوف جماهير التّرجي التّي إستنكرت تجاهل إدارة الفريق للأصناف الشّابة و إنتقالهم إلى فرق أخرى بالمجّان دون إستغلال مواهبهم ، الحال نفسه تكرّر منذ سنوات مع محمد وائل الدّربالي الذّي نشأ هو الآخر في الحديقة “ب” قبل أن يعزّز صفوف الأولمبي الباجي و الذّي قضّى موسما ممتازا مع اللّقالق توجّ خلاله بلقب كأس تونس ، ما جعل إدارة فريق باب سويقة تدخُل في مفاوضات مع إدارة الأولمبي الباجي متواصلة لأسابيع لإنتداب الدّربالي و التّي تعثّرت في محطّات عديدة بسبب مبلغ “خيالي و غير معقول” للتّفريط في نجمها وفق ما صرّح به المسؤول الأوّل عن الإنتدابات صلب هيكل التّرجي طارق ثابت لتطبيق ترجي + ، و بعد محاولات عدّة نجحت إدارة التّرجي في الظّفر بخدمات الدّربالي و إستعادته إلى صفوفها.

التّرجي الرّياضي كنموذج لم ينجح في السّنوات العشر الأخيرة إلاّ في إبراز أسماء قليلة من شبّانه ، رغم عراقة “المدرسة التّرجيّة” فما سرّ تهميش شبّان التّرجي و خروجهم بالمجّان بعد سنوات التّكوين في الحديقة “ب” ؟

شوشان :” هذه هي الأطراف الحقيقيّة وراء “تهريب” محمد علي بن رمضان”

بعد تباين الآراء في صفوف جماهير التّرجي ، و حالة الإحتقان التّي خلّفها إنتقال اللاّعب هيثم ضوّ إلى صفوف فريق عاصمة الرّباط ، إتّصلنا بالمحامي و المسؤول السّابق بصنف الشّبان بالترّجي الرّياضي عبد الرّحمان حسّن شوشان للحديث عن خفايا واقع الأصناف الشّابة بالتّرجي ، و فنّد شوشان في بداية حديثه الشائعات التّي تتّهمه وفق تعبيره “بتهريب” محمد علي بن رمضان إلى الفريق المجري مؤكّدا أنه  لم يكن وراء تهريب بن رمضان وأضاف أن وكلاء اللّاعب (مصطفى منوّر و عزيز بن عيسى) وراء “تهريبه” إلى فريق فريكنفاروش المجري و هم نفسهم وكلاء كل من بسّام الصّرارفي و فخر الدّين بن يوسف و الفرجاني ساسي سابقا و هم السّبب الأوّل وراء إنتقالهم إلى فرق أخرى ، و إستهدف هؤلاء الوكلاء اللّذان ذكرتهما بن رمضان عندما كان أجره (500 دينار) بعقد مدّته خمس سنوات (منها ثلاث سنوات محميّة période sécurisée) و السّنتين الأخيرتين هي فترة غير محميّة période non sécurisée)) يُسمح فيها للّاعب شراء بقيّة عقده ، وإستغلّ وكلاء بن رمضان هذه الفترة لإستدارج اللاّعب بعرض من سانت إتيان الفرنسي ، أين إلتقى اللاّعب برئيس التّرجي حمدي المدّب و الذّي إقترح عليه مبلغ 20 ألف دينار و هو ما رفضه بن رمضان مقارنة بأجور زملائه في تلك الفترة التّي تراوحت بين 70 و 90 ألف دينار (مثل رؤوف بن غيث و كوليبالي) لينتهي الحوار بطرد حمدي المدّب للاّعب من مكتبه و هو ما أثار إستياء بن رمضان الذّي تعهّد بمغادرة فريق باب سويقة بعد حجز جواز سفره من قبل إدارة الفريق و إسترجاع السّيارة التّي منحتها الإدارة لللاّعب ، و كنت شخصيّا في تلك الفترة في إختلاف متواصل مع حمدي المدّب بخصوص وضعيّة الشّبان إلاّ أنّه إتّصل بي بعد فترة وجيزة من هذه الحادثة بهدف إقناع بن رمضان للعودة إلى التّرجي و خلال إتّصالي باللّاعب إكتشفت أن وكلائه متمسّكون بإقناعه بمغادرة الفريق و إلتقيتهم في باريس لأكتشف فيما بعد أنه لا حقيقة لوجود عرض من سانت إيتيان الفرنسي بل هي مجرّد دعوة لإجراء إختبار مع الفريق ، و تدّخلت لإقناع بن رمضان بالعودة إلى التّرجي بالتّالي لا صحّة لكلّ الأخبار التّي تتّهمني بتهريب محمد علي بن رمضان ، و قد ساعدت بعض اللاّعبين الذّين طردتهم إدارة التّرجي دون إبرام عقود (هيثم ضوّ ، الجفالي .. و غيرهم من اللاّعبين) بسبب الوضعيّة التّي يعيشها شبّان الفريق.”

شوشان :”التّرجي تقيّد شبّانها بعقود الفقر و الميزيريا .. و مصالح جانبيّة تُسيطر على الإدارة”

أكّد الأستاذ شوشان في حديثه أن “شّبان التّرجي يعيشون وضعيّة مزرية في الفريق و تتعامل معهم الإدارة بمفهوم “لا يرحموا لا يخليّوا رحمة ربّي تنزل” بعقود مدّتّها خمس سنوات و بشرط تسريحي قيمته 18 مليار “فالتّسمسير” الحقيقي يمكن وراء إدارة كاملة تنتدب لاعبين منتهية الصّلوحيّة تفوق قيمتهم 100 مليون (إنتدابات فاشلة) و يخرجون أحرارا من الفريق بالمجّان ، و أنا على علاقة قريبة مع كافّة اللاّعبين الشبّان و هم قادمون من أحياء شعبيّة (الملاّسين ، حيّ هلال ، سيدي حسين ..) و إتّصل بي في الفترة الأخيرة بين 10 و 15 عشر لاعب وقع طردهم من التّرجي بعد تحديد قائمتي الآمال و الأصاغر دون إعلامهم و هو من غير المعقول طرد لاعبين في سنّ الثامنة عشر بعد قضاء أكثر من عشر سنوات في الحديقة “ب” دون مساعدتهم للإلتحاق بفرق أخرى على الأقلّ خاصّة و أنّهم خسروا دراستهم في سبيل كرة القدم و هذه الأمثلة هي قطرة من فيض الوضعيّات الكارثيّة التّي يعيشها شبّان التّرجي ، و تعتمد الإدارة عقود قيمتها 1000 دينار (أجرة شهريّة تعادل 300 أورو) بشرط جزائي قيمته 18 مليار (ما يعادل 5 مليون أورو) و هو ما يعبر عنه بالظلم و القهر و الإستبداد، و من الكارثيّ أن يصل إلى الإتّحاد الدّولي لكرة القدم (الفيفا) لأنّها عقود باطلة و كاذبة لكن ظروف اللاّعبين لا تسمح لهم بتوكيل محامين لفسخ العقد و يبقى اللاّعب مرتبطا بعقده في التّرجي لسنوات مع تهميشه ، و على سبيل المثال وضعيّة اللاّعب عزيز الكناني و الذّي ساعدته شخصيّا للإنتقال إلى صفوف إتّحاد تطاوين و أوصيت كافّة اللاّعبين في سنة 2021 (من بينهم عزيز الكناني) بعدم إمضاء عقود مدّتها خمس سنوات مع التّرجي و نبّهتهم إلى ذلك و طلبت منهم أن يتثّبتوا مع المدرّب راضي الجعايدي في تلك الفترة إن كان سيمنحهم فرصة للمشاركة قبل التّوقيع و إن ضمن لكم ذلك وقّعوا العقود و إلاّ فإنكم ستتحوّلون إلى المقبرة و التّي ستدمرّكم كرويّا ، و فعلا بعد توقيعهم نزلوا إلى  صنف الآمال ، وتدّخلت شخصيّا في ملف عزيز الكناني الذّي تدّرب في التّرجي منذ سنّ السّادسة و توّج بالبطولة مع صنف  senior bو إتّصّلت بالنّائب السّابق لرئيس إتّحاد تطاوين توفيق القاصر و التّي كان يشرف على طاقمها الفنّي كل من نعيم بالرّبط و محمد علي معالج و تردّد الإطار الفنّي في البداية في منح الثّقة للكناني قبل أن أُقنعهم بإمكانيّاته و مهاراته ، و بالفعل قضّى الكناني موسما رائعا مع الفريق كأفضل مدافع لقّبته الجماهير ” بالصّخرة” ليقود فريقه إلى مرحلة التتويج بخوض 27 لقاء ، و كان من المفترض أن يعود الكناني بعد موسم ممتاز إلى فريقه الأم أو أن كان يكون على دكّة البدلاء على الأقّل إلاّ أن إدارة التّرجي تجاهلته وخيّرت منح الفرصة لزين الدّين ساسي ليتواجد ضمن القائمة و الذّي لم يخض أي مقابلة في الموسم الفارط إلى جانب هاني عمامو الذّي خاض أربع مقابلات فقط في الموسم الفارط (ويتقاضى الكناني ألف دينار مقابل 25/30 ألف دينار لزين الدّين ساسي و 40 ألف دينار لهاني عمامو) و جدير بالذّكر أن الكناني طلب من إدارة التّرجي فسخ عقده إلاّ أنّها رفضت”.

و تابع :”هذه السّياسة طالت العديد من اللاّعبين منهم أحمد الجفالي و زكريّا العايب الذّين غادروا سابقا إلى تركيا و إتّصل بي حمدي المدّب لإسترجاعهما في فترة ما إلاّ أنني أكّدت له أن الجفالي يرفض قطعا العودة لإمضاء عقده مع غالاتاساراي التّركي في تلك الفترة فيما أقنعت العايب بالعودة إلى صفوف التّرجي و الذّي قضّى 6 أشهر في صنف الأواسط (عقوبة) و غيرها من الأمثلة بالتالي فإن إدارة التّرجي تعمل على سياسة “البزنس و التمكميك” بعقود مدّتّها خمس سنوات تقيّد عبرها شبّانها و بإنتدابات مثل (كينغسلاي إيدو و كوناتي) تبلغ قيمتها 500 أو 600 ألف دولار ثمّ تسريحهما مجانيّا و هو من غير المعقول و الذي يدلّ على خفايا كبيرة .. فكيف يمكن لفريق مثل التّرجي الرّياضي التّونسي أن يُبرز ثنائي فقط من تكوين شبّانه في العشر سنوات الاخيرة و هما الشعلالي و بن رمضان ؟ كل ذلك بسبب قمع الشّبان و الإعتماد على الإنتدابات الأجنبيّة.”

هيثم ضوّ .. الموهبة الضّائعة !

“هيثم ضوّ هو أكبر موهبة صُقلت في الحديقة “ب” في السنوات الأخيرة و تكفّلت به شخصيّا للتّرجي لمدّة سنوات حفاظا على موهبته و تابعته منذ سنّ الثانية عشر قادما من ولاية جرجيس ، و أمام الواقع الكارثي و الفوضى التّي تعيشها إدارة الفريق بتهميش هيثم ضوّ و أمثاله، قرّرت إنقاذ مستقبل اللاّعب في سبيل كرة القدم التّونسية أملا في إحترافه في أندية عالميّة كبرى في سنّ 21 و 22 سنة و الذّي إذا بلغ سنّ 24 أو 25 ستكون وجهته الوحيدة هي الخليج بالتّالي الأندية التّونسية عموما أصبحت لا تعوّل على تكوين الشّبان بل تسعى وراء الإنتدابات و البحث عن مزدوجي الجنسيّة.

بالنّسبة لأحمد الجفالي هو حاليّا لاعب الإتّحاد المنستيري بعقد لمدّة خمس سنوات أمضاه الموسم الفارط ، و من جانبها أكّدت إدارة غالاتاساراي التّركي أن لها الأفضليّة في عودة الجفالي في حال بروز نجمه مع فريق عاصمة الرّباط  ويذكر أن الجفالي وقع طرده من صنف الاصاغر “أ” ثمّ عاد رفقة المدرّب رفقي الرّويسي و كان على دكّة البدلاء قبل أن يتحوّل إلى تركيا ، هيثم ضوّ صاحب 18 سنة و الذّي عزّز صفوف الفريق في موسم الإنتقالات الصّيفيّة الحاليّة إن مُنحت له الفرصة كاملة أؤكّد لكم أنه سيتلقّى عروضا أوروبيّة عديدة في الموسم القادم ، عموما العديد من اللاّعبين الآن بلا مستقبل بسبب تهميشهم و أعمل مع عدّة لاعبين من مالي الخاصّ سعيا لضمان مستقبلهم .”

شوشان :”القنيشي كان ضمن قائمة البطولة العربيّة .. و هذا سبب إستبعاده في السّاعات الأخيرة !

أكّد الأستاذ حسن شوشان في حديثه للرّياضيّة أن إعداد قائمة الفريق لا ينبي فقط على مهارة اللاّعبين أو مستواهم الكروي ! و إنّما مُعطيات عديدة و متداخلة تقف وراء تحديد قائمة اللاّعبين لخوض الإستحقاقات العربيّة و القاريّة ، و أردف :” خليل القنيشي من أفضل لاعبي الوسط كان ضمن قائمة فريق التّرجي لخوض منافسات البطولة العربيّة “كأس الملك سلمان للأندية” و تجهّز إلى حدود آخر حصّة تدريبيّة و تسلّم (الفيزا و الملابس ..) للتّحول مع وفد الفريق إلى المملكة العربيّة السّعودية ، و في السّاعات الأخيرة إنقلبت المعطيات و تمّ تعويضه بمالك المهري بقرار و تدخّل من أعلى سلطة في التّرجي لأسباب خاصّة (بوبكر المهري مدير عام بشركة دليس دانون) ، ليدخل بذلك القنيشي في حالة حزن و تحسّر كبيران بعد هذه الحادثة.”

“السّماسرة” وراء خروج المنتدبين بالمجّان !

أما عن خروج المنتدبين بصفة مجانيّة أكّد شوشان في حديثه للرّياضيّة أن خروج اللاّعبين بهذه الطّريقة خلفه العديد من التّجاوزات فاللاعب الذّي تطلب مثلا التّرجي مليار لبيعه تتدخّل العديد من “السّماسرة” التّي تدفع مبلغ مالي لبعض الأطراف و التّي تمكنّهم بذلك من الحصول على الموافقة المجانيّة للمغادرة ، و شدّد في حديثه على ضرورة فتح تحقيق لكشف المصالح و الحقائق وراء لاعب تنتدبه الإدارة  بالمليارات و خروجه بالمجّان و إستشهد شوشان في حديثه بباريس سان جيرمان التّي عرضت مؤّخّرا نجمها الأوّل مبابي للبيع فضلا عن إكمال موسمه المتبقيّ مع النّادي الباريسي و خروجه بالمجّان صائفة 2024.

و أضاف شوشان في تصريحه أن حالة الملاعب في مركّب حسّان بالخوجة كارثيّة مؤكّدا أن الملاعب التّي تتمرّن بها الأصناف الشّابة في وضعية مزرية منذ التّسعينات ما يتسبب في إصابات خطيرة لما لا يقلّ عن أربع أو خمس لاعبين كل موسم و تابع شوشان أنّه تكفّل بصيانة قاعة تقوية العضلات و التي بلغت كلفتها أربعون ألف دينار إلى جانب بعض الإضافات بمركز التّكوين على حدّ تعبيره مؤّكّدا أن إدارة النّادي تتهاون في صيانة الملاعب و إعادة تجهيزها و تعوّل على البلديّة لصيانة الملاعب و إختتم حديثه قائلا :” التّرجي لم تعد تُنتج المواهب في السّنوات الأخيرة بسبب سياسة تدمير المواهب و تقييدهم بعقود “الفقر و الميزيريا”، على حدّ تعبيره.

هيثم ضو
حمدي المدّب
حسن شوشان
آخر الأخبار