أميمة الجبالي – الرياضية
لئن تجسّد متابعة مباريات الفريق المفضل متنفّس الجماهير الرياضية الوحيد لتجاوز الضغوطات الإجتماعية والترويح عن النّفس، إلا أنها قد تتحول إلى كابوس في دقائق معدودة خلال التنقلات نحو الملاعب ، فنكهة التشجيع و مشاهدة المباريات من المدرّجات لا يعرفها إلا كل متيّم بأحد الفرق الرياضية وهو ما يدفعه لتَحمُّلِ ما أصبح محيط الملاعب عموما و ملعب حمادي العقربي برادس خصوصا من مخاطر تحيط بالمشجعين.
كثيرا ما تعد مباراة دربي أو كلاسيكو أو مواجهة ضمن مسابقة رابطة أبطال إفريقيا أو حتى المباريات العادية مواعيد مهمة تقرأ لها الجماهير ألف حساب إنطلاقا من التذاكر إلى وسائل النقل و مصاريفه وصولا إلى أبواب الملاعب .. رحلة شاقّة تعيشها الجماهير التي تتنقل ساعات طويلة لمتابعة فريقها إلا أن إنعدام الأمن أحيانا لا يثنها عن الإستمتاع بلذّة هذه المشقّة .
فأي سيناريوهات قد تعترض الجماهير خلال تنقلاتها إلى ملعب حمادي العقربي برادس؟ و مالذي يعانيه متساكني المناطق المجاورة عقب كل مباراة؟
خطر “البراكاجات” يداهم الجماهير :
كثيرا ما يتعرض العديد من الجماهير التي تتابع مباريات فرقها بملعب رادس إلى حوادث مختلفة من نشل هواتف و ملابس و التي قد تصل إلى حدّ الضّرب في حال لم يجد قطاع الطرق ما يمكن سلبه ! وذلك لما يحيط بالملعب من مخاطر خاصة في الغابة الصغرى المجاورة و ابتعاد مناطق العمران أمتارا قليلة عن الحي الأولمبي ما يفسح المجال للمتسكعين وقطاع الطرق بالتعرّض لروّاد ملعب حمادي العقربي برادس، ومع إنتهاء المباريات خاصة تلك التي تنتهي في وقت متأخر تفتعل بعض الأطراف مناوشات وهمية في محيط الملعب مما يمكنّها من تفرقة الجماهير والأمنيين ما يدفع الجماهير لاختيار مناطق محاذية تكون عادة خالية من المترجلين لسلكها للإبتعاد عن المناوشات وهو ما يسمح للمجرمين بترصدهم فإن كنت مترجلا أو بسيارتك قد يعترضك قطاع الطرق على مستوى طريق السيارة الرابط بين ملعب رادس و المدينة الجديدة و الذين يبحثون بعد كل حدث رياضي عن ضحايا خاصة الذين ليسوا من أبناء المنطقة.
وتتكرر مثل هذه الحوادث عشرات المرات إذ كشف لنا شهود عيّان أن العديد من الجماهير الذين تم سلب أموالهم و هواتفهم بعد المباريات أمام أعين الجميع دون أن يحرّك أحد ساكنا و تابعوا أن العديد منهم أصبحوا يرفضون اليوم الذهاب لملعب حمادي العقربي برادس و متابعة المباريات خوفا من الحوادث كما أجمعت كل مصادرنا أن الضحايا عادة ليسوا من أبناء الجهة مؤكدين أن عمليات النشل قد تودي أحيانا بضحاياها إلى مستشفى بن عروس أو المستشفى الجهوي بالياسمينات لتعرضهم لإعتداءات بآلات حادة خلال محاولات الدفاع عن النفس.
يذكر أن الجماهير التي تتنّقل عبر قطار خط رادس – تونس تكون أكثر عرضة لهذه الظواهر و ذلك لإنعدام الأمن في وسائل النقل العمومي و المحطات خاصة في أوقات متأخرة.
لا تحيط كل هذه المخاطر بالجماهير فقط، إذ تطال كافة متساكني المناطق المجاورة لملعب حمادي العقربي برادس ليتحول يوم المباراة لكابوس حقيقي ! فكيف ذلك؟
ملعب رادس .. كابوس متساكني المنطق !
يعيش متساكني منطقة رادس ، الياسمينات، المدينة الجديدة رعبا حقيقيا بعد المباريات التي يحتضنها ملعب حمادي العقربي برادس و خاصة خلال المواجهات الكبرى كالدربيات و الكلاسيكو و التي تشهد حضورا جماهيريّا كبيرا يتخطّى الآلاف، إذ تتحول تلك المناطق لمواقع النشل و البراكاجات، و الى جانب ذلك يتعرض متساكني المناطق المجاورة إلى حوادث عديدة تهدد حياتهم من تهشيم للسيارات و اندلاع أحداث شغب بين الجماهير تنتهي بعمليات كرّ و فرّ بين الأحياء ، علاوة على ذلك يحول العديد من أصحاب المحلات يوم المباراة إلى يوم عطلة فطالما إعتادت بعض الأطراف على إفتعال أحداث عنف و التي تستغلها لإقتحام محلات المواد الغذائية و سرقة كل السّلع التي يعرضها الباعة على قارعة الطريق ، وفي هذا السياق تواصلنا مع أحد متساكني منطقة المدينة الجديدة والذي تعوّد دائما على الذهاب إلى ملعب حمادي العقربي برادس لحضور مباريات فريقه الترجي الرياضي التونسي ، وصرّح لنا أنه كان شاهدا على العديد من الحوادث التي جدّت في محيط الملعب و قال أنها تتواتر خاصة مع بداية نقص الحركة في محيط الملعب و أن السيارات الأخيرة في المأوى تكون عُرضة لخطر محدق مؤكدا أن بعض الجماهير القادمة من مناطق بعيدة أصبحت تتفادى ركن سياراتها قرب الملعب لسهولة تعرضها للتهشيم و السرقة و تختار وضع سياراتها بالمناطق المذكورة المجاورة لرادس إلا أنها تتعرض مع ذلك للتهشيم فالمباريات التي تستقبل عادة جماهير الطرفين ينجر عنها مناوشات تتسبب في تهشيم السيارات في الأحياء.
وإسترجع متحدثنا حادثة جدّت بمقهى عقب مباراة دربي بين الترجي الرياضي التونسي و النادي الإفريقي أين إقتحم عدد كبير من جماهير نادي باب جديد المقهى و قاموا خلالها بعمليات نشل لأحد روّاد المقهى من هاتف و ملابس أمام مرأى الجميع ، و تابع انه دائما ما تتكرر مثل هذه الحوادث عقب كل مباراة و دعا من خلال مداخلته كل الجماهير التي تواكب مواجهات في ملعب حمادي العقربي برادس إلى عدم التنقل بشكل فردي بل في شكل مجموعات و الابتعاد عن الأحياء النائية التي قد يلجأ لها البعض إبتعادا عن الضغط المروري.
الوسائل الأمنيّة حاضرة و لكن .. !
و في بحثنا عن سُبل تصدي الجهات الأمنيّة لمثل هذه الظّواهر صرّحت لنا جهة أمنيّة أن مقاومة ظاهرة “البراكاجات” و الجريمة بشكل عام هي مسؤولية مشتركة بين الامن و المجتمع المدني و العائلات و الاولياء. وتابع أن معالجة الجريمة تتجاوز الجانب الامني لتشمل الجانب الاجتماعي و التربوي عموما.
و أضاف خلال حديثه أن الأمن متوفّر و ظاهر للعيان قبل المباريات و بعدها وأن الوحدات الأمنية جاهزة لمجابهة كل أنواع الجريمة وحوادث العنف التي قد تنداع بعد المباراة مؤكدا أن العمل يتواصل سواء بشكل يومي أو من خلال الحملات الامنية لايقاف المتورطين في مثل هذه الحوادث.
أما في إجابته عن سؤالنا إن كانت هناك إجراءات خاصّة لحماية المواطنين خاصة بعد المباريات الكبرى التي يحتضنها ملعب حمادي العقربي برادس أو أي ملعب عموما أكّد لنا مصدرنا أنّ فرقة امنيّة خُصّصت للتصدي لحوادث للعنف وظاهرة النشل “البراكاجات” في وسائل النقل العمومي (المترو) RFR (شركة تونس للشبكة الحديدية السريعة) يتمّ إستغلالها خلال تأمين مقابلات كرة القدم و الأحداث الرياضية الكبرى و يتم تعزيزها بالدّراجات النّاريّة.
وتابع مصدرنا أن الإجراءات تختلف عادة حسب عدد الجمهور المسموح به أو حسب أهمية المباراة (الإستعدادات الأمنية للكلاسيكو أو الدربي تختلف عن مباريات البطولة الأخرى).