22.9 C
تونس
22 نوفمبر، 2024
اخبار متفرقة كرة قدم وطنية

قضيّة “شهيد الملاعب” عُمَر العبيدي :”مُسكِّنات” قضائية مُتواصِلة أم سنوات أخرى لتحقيق العدالة ؟

 

الريّاضية – أميمة الجبالي

تتعدد الظّواهر و المآسي التي تُزهق أرواح الشباب في بلادنا منذ سنوات و خاصة بعد ثورة 14 جانفي 2011 كظاهرة الهجرة غير النظامية “الحرقة” و المخدرات و غيرها ,من جانبها تُواصل ظاهرة العنف في الملاعب التونسية القضاء على شباب لم يتجاوز أغلبهم عقده الثلاثين , 31 مارس 2018 هو تاريخ رسخ في أذهان أحباء النادي الإفريقي خاصة و الوسط الرياضي عامة وهو التاريخ الذي وُلد فيه شعار “تعلم عوم” إلا أنه زهق روح عمر العبيدي الذي توفي عقب أحداث شغب واشتباكات اندلعت بين جماهير النادي الإفريقي و الأمنيين في المباراة التي جمعت فريق باب جديد بأولمبيك مدنين ضمن مواجهات الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم وتواصلت عمليات الكرّ والفرّ في الأحياء المجاورة للحي الرياضي برادس و لملعب حمادي العقربي الذي إحتضن المباراة وخلال الإشتباكات بين الطّرفين سقط محب النادي الافريقي عمر العبيدي في واد مليان المحاذي للملعب اثر مطاردته من طرف أعوان الأمن إلا أنه رغم استنجاده بالأعوان لإنقاذه من الغرق إمتنعوا عن نجدته وتوجه أحد الأعوان الى عمر بالقول”تعلّم عوم” وفق رواية شهود القضيّة ليلقى عمر العبيدي حتفه غرقا الى جانب ابتلاعه للأوحال ,كما أكدت تقارير الطب الشرعي وجود كدمات على جثة عمر بعد عملية التّشريح لتصبح القضية عقب تلك التطورات قضية رأي عام شغلت بال التونسييين منذ أكثر من 4 سنوات.

بعد السّنوات الأربع أيّ تطورات في قضيّة عمر العبيدي : هل ستُختتم القضية ويُرفع عنها القلم أم أنها ستتواصل في أروقة المحاكم؟

حُكم لم يُرضي الشّارع الرّياضي و القضيّة مُتواصلة…

بعد انتظار دام أكثر من 4 سنوات أصدرت يوم الخميس 3 نوفمبر المحكمة الإبتدائية ببن عروس حكما في قضية عمر العبيدي يقضي بسجن 12 عون أمن لمدة عامين لجريمة القتل غير العمد مع الحكم بعدم سماع دعوى في حق عونين آخرين وهو حكم ابتدائي قابل للإستئناف من جميع الأطراف وقد تم رفض تهمة عدم الإنجاد باعتبارهم أمنيين و من واجبهم انجاد المواطنين والتي تقدر عقوبتها بخمس سنوات سجن وفق ماجاء على لسان الأستاذ التومي بن فرحات رئيس هيئة الدفاع عن عمر العبيدي في تصريحاته لوسائل اعلامية مختلفة اثر صدور الحكم وأكد بن فرحات أن الهيئة ستعمل على استئناف الحكم و مواصلة الدفاع عن حق عمر العبيدي لكشف الحقيقة كاملة و فرض العدالة وقال أن الحكم ضد أعوان الأمن هو خطوة أولى لم نتعود عليها لذلك سنواصل العمل على القضية.

وعقب هذه التطورات عادت بذلك قضية عمر العبيدي صاحب ال19 عاما للواجهة من جديد فتعددت أدلة و تطورات هذه القضية الشائكة و التي تواصلت لمدة أربع سنوات و سبعة أشهر الى حدود 3 نوفمبر موعد النّطق بالحكم الذي أعلنته المحكمة الإبتدائية ببن عروس في الجلسة الخامسة عشر التي عُقدت يوم 20 أكتوبر 2022 ويذكر أن هيئة الدفاع عن عمر العبيدي التي يترأسها المحامي التومي بن فرحات إلى جانب الأستاذ نبيل السبعي نظمت وقفة إحتجاجية يوم الجلسة تحت شعار “الرّجاء توخي الحذر : هناك شرطي يمثل خطر” ,يذكر أن هذه القضية تواصلت في أروقة المحاكم لسنوات دون اصدار الجانب القضائي للأحكام و التهم للأمنيين وذكرت هيئة الدفاع في مناسبات اعلامية مختلفة أن هناك ضغط مسلط على شهود القضية مما دفع بعضهم للهجرة الغير النظامية كما لم يقع استدعاء الشهود في جلسات مختلفة.

وتحدث نبيل السبعي محامي عمر العبيدي للرياضية أنه لا يمكن الحديث عن مماطلة في قضية عمر العبيدي في الوقت الحالي ، و ان هناك بعض اللوم على الجانب القضائي بخصوص التمديد و لا يمكن اعتبارها مماطلة إلى حدود المرافعة الأخيرة ، أما بخصوص بعض المضايقات التي تعرض لها شهود القضية فأكد أن ذلك حدث سابقا مع انطلاق القضية و تطورها و قال السبعي قبل اصدار الحكم يوم الخميس 3 نوفمبر 2022 بدقائق أنه من المتوقع أن الحكم لن يرضي هيئة الدفاع و أن الهيئة ستلجأ للاستئناف ، و طالب السبعي بالحكم عشر سنوات على الأقل التي تنقسم إلى خمس سنوات للقتل غير العمد و خمس سنوات تُنسب لعدم الإنجاد القانوني لأن الأمني من واجبه انجاد المواطنين وتقديم المساعدة وبالتالي ضرورة تطبيق عقوبة مشددة و الاتجاه لتسليط أقصى العقوبات. وعبر السبعي عن مخاوفه من أن تصدر المحكمة عقوبتها دون النفاذ العاجل (حكم غير نافذ) وطالب أنه مع وجود الأدلة اللازمة التي تدين المتهمين و ان القضية قد أخذت حصتها اللازمة من جلسات و مرافعات امتدت لأكثر من أربع سنوات ، فإنه من الضروري اليوم إصدار الأحكام المناسبة مع النفاذ العاجل. وأضاف السبعي في تصريحه أن عقوبة القتل العمد تصل إلى السجن مدى الحياة وأن القضية لا تتعلق بأربعة عشر عنصر أمني بل بعنصر فقط هو الذي أقدم على قتل عمر العبيدي إلا أنه يتم التستر عنه من طرف زملائه و من طرف وزارة الداخلية و قد تعذر على هيئة الدفاع عن عمر العبيدي التوصل للجاني و أصبح من الصعب إثباته بعد إخفاء جملة من المعطيات التي تتعلق بالملف مما جعل الهيئة تتطالب على الأقل بعشر سنوات سجن لكل فرد مع النفاذ العاجل اي ايقافهم فوريا ونفاذ الحكم بصدور منشور تفتيش في الابان و أكد السبعي أن اي حكم مخالف لا يرضي الهيئة لذلك وجب تطبيق حُكم عاجل يعزل المتورطين . وختم السبعي تصريحه بأنه منذ الانطلاق في التحقيق في القضية فإن الامنيين المتهمين يباشرون عملهم بصفة عادية وتحصلوا على جملة من الترقيات لذلك وجب اليوم اصدار الأحكام اللازمة التي تضمن حق عمر العبيدي عبر اللجوء الى الإستئناف.

هرسلة لشهود القضية وتجاوزات علنيّة

” إن سألوك عن العدل في بلاد المسلمين قل مات عمر” بهذه العبارات نعت جماهير النادي الافريقي “شهيد الملاعب” عمر العبيدي كما تلقبه الساحة الرياضية لتصبح قضية كل الجمعيات الرياضية التونسية وتتواصل الوقفات الاحتجاجية التي تطالب منذ 2018 بالكشف عن ملابسات الحادثة و محاسبة المتورطين خاصة مع انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب في السنوات الأخيرة كما اتخذت الجماهير الرياضية و المنظمات شعار “تعلم عوم” واجهةً لاحتجاجاتها ضد التجاوزات الامنية, وتتسبب كل هذه التراكمات في اندلاع الفوضى و شحن الجماهير الرياضية خاصة في الملاعب مما سيهيأ أرضية متجددة لعودة انتشار ظاهرة العنف في الملاعب.

وقال الصحفي الرياضي محمد العبدلي في حديثه للرياضية أن جريمة مقتل عمر العبيدي مُكتملة الأركان انطلقت من المطاردة و انتهت الى “تعلّم عوم” و عدم انجاد الضحية في مرحلة ثانية اضافة الى ثبوت الاعتداءات على جثة الضحية اذ كشفت التقارير وجود كدمات على مستوى الصدر قبل سقوط عمر العبيدي في الوادي المحاذي للملعب اذ تسبب الاعتداء على الجماهير في هروب الضحية باتجاه الوادي مما أودى بحياته غرقا ,واستنكر الصحفي عدم ثبوت تهمة عدم الإنجاد على الأمنيين والاكتفاء بالقتل على وجه الخطأ معتبرا أنّنا مازلنا اليوم نعيش تحت وطأة “دولة البوليس” وأن القضاء التونسي لم يتعافى كليا لاتخاذ الأحكام العادلة و انصاف الضحية وقد اتخذت الهيئة القضائية يوم الخميس أقصى عقوبة لكنها وفق التكييف الذي قدمته دائرة الإتهام وذلك لإرضاء جميع الأطراف كفريق الدفاع و الجمعيات القائمة بالحق الشخصي سواء من النادي الافريقي أو جمعيات المجتمع المدني وفي نفس الوقت يُرضي الحكم الصادر الطرف الأمني و النقابات الأمنية باعتبار أن الأمنيين في حالة سراح بالتالي يعتبر العبدلي أن هذا الحكم هو لإرضاء الأطراف وليس حكم لضمان العدالة وتطبيق القانون.

وقال العبدلي أن الهيئة التي أصدرت الحكم كان بإمكانها رفع الحرج اذ أن هيئة الدفاع عن عمر العبيدي طالبتها مسبقا بالتخلي عن القضية لاعتبارها قضية جنائية و ليست جنحة , وتتولى الآن محكمة الإستئناف النظر في القضية اذ دعا العبدلي من جانبه القضاة لتحكيم ضمائرهم و اصدار أحكام عادلة على حد تعبيره.

أما عن المضايقات التى تعرض لها شهود القضية فقد تحدث العبدلي عن تجاوزات عديدة في حقهم ومنهم عون أمن كان قد بلّغ مسبقا عن تورط زملائهم في مقتل عمر العبيدي عقب حديثهم في إحدى المقاهي اثر نهاية مباراة النادي الافريقي و أولمبيك مدنين ,وأكد العبدلي أنه لم يقع الإستماع لشهادة عون الأمن منذ الإبلاغ عنها وتعرضه لهرسلة من قبل زملائه الأمنيين. لذلك وجب النّظر في أطوار القضية من جديد و الإستماع لكافة الأطراف و الشهود.

آخر الأخبار