يستأثر المهاجم الدولي السابق سامي العروسي بحيّز كبير من الاهتمام والاصغاء كلما ظهر في وسائل الاعلام بالنظر لقيمة مخزونه الكروي في تجاربه المتعددة وكذلك صراحته الجليّة في التقييم بعيدا عن التلوّن بجلباب العاطفة والبحث عن تموقع في الساحة..وللغرض استضافته الرياضية في حوار خال من المجاملة وتحّدث خلاله العروسي كعادته بقلب مفتوح حول مختلف الجوانب التي تشغل بال متتبعي المشهد الكروي في تونس..
-في البداية، ماذا اختار سامي العروسي كوجهة بين التدريب والتحليل الفني ومركز التكوين؟
حاليا أتممت الديبلوم التدريبي “الكاف أ” وأنا متحمّس صراحة لخوض تجربة تدريبية..سأحاول اقناع مكونات المشهد الكروي بوجود تهميش كبير لخطة مدرب المهاجمين وهنالك معضلة حقيقية في تونس لكن سأسعى للاجتهاد..على العموم التوفيق بين تجربتي التدريب والتحليل الفني صعب جدا ولا يمكن الجمع بينهما وحاليا تلقيت عروضا من فرق في الرابطة الثالثة لكنني صراحة لست متحمّسا لذلك لانعدام المشروع الرياضي..(الحوار أجري قبل الاتفاق مع ترجي الكريب).
– لكن هنالك من يرى أن تأخر اندماجك تدريبيا سببه مواقفك الصريحة اعلاميا..هل هنالك جانب من الصحة في ذلك؟
فعلا لمست ذلك، أنا لا أجيد المجاملات وبلغتني بعض الأصداء في هذا الخصوص..سامي العروسي يتفهّم مثلا أن تطارده انتقادات من جماهير منافسة لفريقه ولكن في الحقيقة فان الملاحظات تصلني حتى من أنصار فريقي الترجي لأنني لا أجامل وأقدم طرحا فنيا بلا عاطفة، ولهذا يمكن القول ان الصراحة ثمنها باهض في كرتنا.
لا يمكن التوفيق بين التدريب والتحليل الفني..وبعض مواقفي جعلتني معطّلا في الساحة
– ما دمنا نتحدث عن الترجي..ما تقييمك للكوتشبنغ الحاصل ونهاية الموسم؟
الظفر بلقب البطولة جاء بصعوبة كبرى لكن يمكن القول ان التغيير أعطى ثماره لينجح الترجي في انقاذ موسمه.
توقيت الاعتماد على معلول كان مهما في تحدّ صعب انطلق بدربي خاضه الترجي منقوصا مع تنقل صعب للغاية الى سوسة ثم مواجهة ختامية مشوقة وتنافس حاد مع الاتحاد المنستيري..وفي المجمل حصل النجاح.
– بحسّك التدريبي ورصيدك كلاعب سابق في الحديقة ب ، ما قراءتك لحظوظ الفريق اثر الميركاتو الحالي؟
ما يمكن قوله ان نبيل معلول مطّلع بشكل كبير على فريق أكابر كرة القدم لذلك تم تدارك النقائص الجلية في وقت قياسي..ولكن الأهم في نظري هو حسن تعامل الاطار الفني مع أجواء حجرات الملابس وخاصة حسن توظيف ترسانة النجوم وهذا مفتاح كلمة السرّ في الترجي..وأظن أن معلول خبر ذلك جيّدا كلاعب ومدرب..فعلاوة على الشغل الفني هنالك جوانب اضافية يجب الاعتناء بها لضمان التوفيق.
الجعايدي اختار الابتعاد عن الضغط لخطّ مسيرته من جديد
– يبدو الهدف الأسمى في الترجي هو التتويج القاري..كيف تتراىء لك حظوظ النادي؟
هذا مرتبط بعدة جوانب ومنها الاشتغال على تحسين أداء الخط الأمامي فالترجي توّج سابقا بثالوث من الهدافين وهم البلايلي والخنيسي والبدري..كما ان أرسان فينغار تحدث عن خصوصية برشلونة سابقا في وجود ميسي وسواريز ونيمار كماكينة أهداف..معلول مطالب بالاشتغال على تحسين الأرقام التهديفية لبن حمودة وبن عياد وشرارة والهوني بتجاوز سقف 10 أهداف لكلّ منهم وحينها يمكن التفاؤل..فالساحة جلية للأعين ومستوى المنافسين معلوم ومتقارب للغاية..
خط الوسط يبدو متماسكا وقويا وهنالك ضرورة ملحّة لادخال بعض الروتوشات على الخط الخلفي وهذا ما ستكفله المباريات الرسمية دون شكّ..
بالاضافة الى ذلك لا بدّ من الاعتراف بأن أداء الترجي قاريا ستتوضح معالمه بالمستوى المقدم محليا وسينعكس الأمر على المجموعة في دوري الأبطال هذا دون التغافل عن قوة الدفع الأولى وهي الجماهير التي سيكون تأثيرها مهما.
– لنعد الى زميل الأمس راضي الجعايدي..ما تقييمك لاختياره مولدية وهران؟
أظنّ أن الجعايدي درس مليّا المقترحات واختار اعادة ترتيب أوراقه عبر وجهة بعيدة عن الضغط تتيح له الاندماج في افريقيا ثم التقدم بطموحاته الى الكبار في القارة ثم الخليج لاحقا..ومن يدري فقد تتاح له فرصة العمل والنجاح لاحقا في تونس بعد أن يشتدّ عوده..
تكوين المهاجمين معضلة كبرى مسكوت عنها في كرتنا
– حال الترجي لن يكون بمعزل عن بقية المنافسين الكلاسيكيين في تونس..فكيف تلوح لك استعداداتهم؟
لست متشائما، لكن هذا المآل كمتنت قد توقّعته منذ سنوات حين قلت “باي باي ميركاتو”..وها أننا بلغنا هذه المرحلة لسببين أولهما انعدام المواهب والعناصر المطلوبة في السوق والثاني هو الانهيار التام ماديا للفرق الكبرى حتى أن جلّها بات معاقبا بالمنع من الانتداب.
هذه الفرق مطالبة باعادة التأسيس قاعديا فهي مهدّدة بالاندثار..فلا بدّ من التضحية بسنوات والتخلي عن الشعارات الواهية من خلال توظيف الانتاج الخاص من التكوين للتغطية عن القصور المادي الحاصل وبعدها يمكن الحديث عن منافسة على البوديوم دون شكّ..
– لنمرّ الى منتخبنا، كيف تلوح لك نسخة القادري وحظوظنا في المونديال؟
الأرقام تبدو واعدة مع الكوتش حقيقة..هنالك 7 لقاءات مرّت دون قبول هدف وهذا معطى مهم يكشف حقيقة تفكير المدرب ولا بدّ من دعم ذلك في المونديال..
المهمة ليست مستحيلة ومفتاحها مواجهة الدنمارك، فهو ليس المنتخب الذي لا يقهر وعلينا بضمان الدخول الجيّد في هذا الاسنحقاق حتى بضمان التعادل وحينها سنجيد التفاوض في بقية اللقاءات..
مشكلة كرتنا هي الخشية مما يسمّى بالفرق الكبرى وهذا عامل بسيكولوجي يجب معالجته حتى نخوض المونديال ندّا للندّ ونرتقي الى الانتظارات الجماهيرية والفنية..
– في معطى فنّي، هل ترى ان هنالك بعض العناصر مهضومة الجانب وتستحق مكانا تحت الظلّ في منتخبنا؟
على العموم يبدو المستوى والأداء متقاربين لدى مكوّنات المنتخب والظلم سيحصل دون شكّ حيث لا يمكن ارضاء جميع الأذواق والمطالب..لكن أعتبر أن الثالوث ديلان برون ونادر الغندري ووجدي كشريدة يستحقون الحضور في القائمة لقاء امكاناتهم وبامكانهم تقديم الاضافة..
أرقام القادري مشجّعة..وعلينا بالتخلّص من هاجس عقدة الكبار
– لنختم بمجال تخصّصك وهو المهاجمين..ماهي التركيبة الأمثل للخط الأمامي لنسور قرطاج في نظرك؟
أعتبر أن الواقعية هي ستكون السلاح الأول لمنتخبنا وهو ليس مطالبا بصنع اللعب وانما بحسن التعاطي مع المتغيرات وخصائص كل منافس..
الثابت أن القادري لن يعتمد على جميع المهاجمين دفعة واحدة ولكل خصائصه..فقد يعوّل على المساكني كلاعب حرّ أو على سرعة السليتي مع اعتماد ثالوث في الخط الأمامي وقد يختار ورقة الخبرة والجاهزية لدى الخزري أو المهاجم الذي يرهق المدافعين وهو الجزيري أو استغلال الخنيسي ونزعته الدفاعية في التغطية..كما أن حيوية الجبالي وجاهزيته مهمّة..وعلى أية حال فان هذه الحيرة الايجابية مهمة وستساعدنا في مجابهة فرنسا وأستراليا والدنمارك كلّ على حدة..