19.9 C
تونس
23 نوفمبر، 2024
رياضات جماعية

كرة اليد التونسية في سقوط حرّ : هل باتت الجهويات “مظلّة” لتغطية الفشل وسوء الاختيارات؟

الرياضية – هاني ابراهمي
خلفت القطيعة بين الجامعة التونسية لكرة اليد ومدرب المنتخب الوطني الأول سامي السعيدي ردود فعل متباينة في الشارع الرياضي التونسي بين موافق ومعارض بل وصل الحد بالبعض لإستغلال الفرصة وإشعال نيران الانتماءات للأندية والنعرات الجهوية بحكم إنتماء السعيدي للنجم الساحلي.
وفي سياق متصل وكخطوة طبيعية بعد إقالة السعيدي فإن المكتب الجامعي الجديد بقيادة كريم الهلالي بدأ في التباحث حول هوية المدرب المقبل للمنتخب الوطني وعن جنسيته التي ستكون إما تونسية أو قادما من احدى الدول أوروبية، وهنا يكمن مربط الفرس حيث تنقسم المواقف إلى جبهتين، جبهة تساند فكرة مواصلة التجرية مع المدرب التونسي وأخرى تتيمن بالتجارب الفارطة الناجحة مع عدد من الأسماء الأوروبية على غرار أفنديتش ولابورت وغيرهم كثر
ويبقى السؤال المطروح حول ملامح الفترة المقبلة للمنتخب ومن سيقودها، فهل ستكون المدرسة الأجنبية ملاذا للمنتخب من جديد أم أن تونسيا آخر سيكون في هذا الموقع، وماذا عن النعرات الجهوية التي تحركت في كرة اليد التونسية بسبب المدرب السابق للمنتخب ؟
شحّ الإمكانيات المادية سبب الفشل
يقول اللاعب الدولي السابق صبحي صيود في حديثه مع الرياضية ان الظروف التي جاء فيها سامي السعيدي للمنتخب كانت صعبة خاصة من الناحية الإدارية وأن رحيله لم يكن لأسباب جهوية لأن كل ما يحكى عن هذا الموضوع هي أمور “تافهة” مشيرا إلى أن الخطأ الأكبر للسعيدي في فترته مع المنتخب هو سوء اختيار اللاعبين للاستحقاقات الرسمية على غرار ما حصل بين ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي شارك فيها لاعبون تم الإستغناء عنهم لاحقا في كأس افريقيا رغم أنها أقيمت بعد نهاية الألعاب بثلاثة أيام فقط.
صبحي صيود: النعرات الجهوية “تفاهات”
ويضيف صيود أن الحل في الوقت الحالي ليس في جلب مدرب أجنبي وأن المنتخب ليس في حاجة لمدرب أجنبي بل لمدير فني يضع استراتيجية طويلة المدى خاصة أن مستقبل كرة اليد التونسية “مظلم” وفق تعبيره، بالإضافة إلى المصاعب المادية وقلة الامكانات، مشددا في الآن ذاته على أن العمل الحقيقي يتمثل في الإعتناء بالأصناف الشابة وتكوينهم جيدا وتخصيص برنامج واضح يمتد على 4 سنوات أو 6 سنوات مثل التجربة المصرية بين سنتي  2012و 2018 عندما كوّنت جيلا قويا .
ويؤكد صبحي صيود أهمية العمل الجيد والإصرار على تكوين جيل قوي ولكن بتحمّل كل طرف لمسؤوليته وأن يقوم كل عنصر بدوره وأن تتوقف “الولاءات” عند حدها، وفق قوله، موضحا في الآن ذاته أن الأسماء التي يتم تداولها حاليا أسماء كبيرة وعالمية ويمكنها تقديم الإضافة لكرة اليد التونسية لكن هذا الأمر لن يتحقق في ظل عدم توفر جيل مميز في الوقت الحالي مع ضرورة أن يكون المدرب مقيما في تونس ليتابع كل شاردة وواردة سواء في البطولة الوطنية أو مع المنتخب.
ويقول الصحفي حاتم بن آمنة وهو العالم بدواليب كرة اليد التونسية ان إقالة سامي السعيدي لم تكن هي الحل الأمثل لمشاكل المنتخب، متسائلا عن المعايير التي تم من خلالها تقييم عمل هذا المدرب من قبل المكتب الجامعي وعن تحقيقه للأهداف المضمنة في عقده من عدمها وهو أمر يبقى غامضا وفق بن آمنة.
ويقول محدثنا أيضا ان المكاتب الجامعية المتعاقبة في السنوات الأخيرة وتحديدا منذ سنة 2005 حتى الآن كلهم قد تعاملوا بهواية مع ملف جلب المدربين وتوقيت فك الارتباط معهم وهو أمر يصفه بغير المحترف بالمرة، متطرقا في الآن ذاته إلى أمثلة عديدة على غرار آلان بورت وحسن آفنديتش خاصة عند مرورهما الثاني بالمنتخب .
حاتم بن آمنة: المكاتب الجامعية المتعاقبة تعاملت بهواية مع ملف جلب المدربين
ويشدد بن آمنة على أن المكتب الجامعي الحالي في صورة اختياره لمدرب تونسي فهنا سيطرح السؤال بقوة أكثر عن أسباب اقالة سامي السعيدي مثمنا في الآن ذاته الطاقات التونسية وقيمة المدربين التونسيين في لعبة كرة اليد .
ويرى بن آمنة أن المكتب الجامعي مطالب بالتعاقد مع مدرب أجنبي بمواصفات عالمية كما حصل قبل كأس العالم سنة 2005 عندما انسحب السيد العياري وترك مكانه للمدرب العالمي سعد حسن آفنديتش انذاك .
هوية المدرب ليس العنص الأهم
ويقول المدير الفني السابق للجامعة التونسية لكرة اليد ياسين عرفة في حديثه للرياضية ان سامي السعيدي لا يتحمل وحده مسؤولية سوء نتائج المنتخب في الفترة الأخيرة بل أن السبب الأول هو الامكانات المادية الضئيلة والتي تؤثر بشكل مباشر على التحضيرات للمحافل القارية والعالمية وقيمة المباريات الودية والتربصات بالإضافة إلى التغييرات التي حصلت الموسم الماضي في المسابقات الرسمية بالنسبة لكأس افريقيا و الألعاب المتوسطية وغيرها وبالتالي فإن هذه العوامل قد اجتمعت وأفرز نتائج متواضعة .
ويؤكد عرفة أن مشكلة كرة اليد التونسية هي مالية بالأساس ولا شيء غير ذلـك وهو السبب الذي يجعل من مسألة استقدام مدرب أجنبي بجراية عالية أو حتى محترمة على الأقل، أمرا غير ممكن على الورق أو أن الجامعة ستلجئ للتداين لتمكين المدرب المنتظر من جراياته وبالتالي فإن نتيجة ذلك ستكون في غاية الخطورة في المستقبل، مشيرا في الآن ذاته إلى أن المنتخب الوطني في الوقت الحالي لا يحتاج إلى مدرب عالمي بقدر حاجته إلى تكوين نواة قوية للمنتخب تتكون من أغلبية اللاعبين الشبان وبعض عناصر الخبرة .
ياسين عرفة: مشكلة كرة اليد التونسية مالية بحتة
ويشدد ياسين عرفة على أن ميزانية جامعة كرة اليد اليوم وفي سنة 2022 يجب أن لا تقل عن 3 أو 4 مليون دينار سنويا لكي تستطيع تغطية نفقات المنتخبات وخاصة المنتخب الأول على الأقل وهو أمر شبه مستحيل ومبلغ يصعب توفيره في ظل الأزمة المالية التي تمر بها هي وووزارة الشباب والرياضة والدولة ككل خاصة منذ جائحة كورونا وتداعياتها التي كان لها أثر سلبي للغاية على مداخيل الإستشهار التي تقلصت كثيرا مقارنة بسنوات ما قبل 2019 .
ويشير المدير الفني السابق للجامعة في ذات السياق الى أن البعض ركزوا في الشعبوية والقيل والقال حول النعرات الجهوية واختيارات المدرب السابق وتركوا الأمور المهمة الخاصة بالمنتخب وهو ما زاد الوضعية سوء وتعقيدا كما أنه أمر يجب تجنبه في الفترات المقبلة، داعيا كل الأطراف المتداخلة للإلتفاف حول المنتخب في الوقت الحالي ودعمه بشتى الطرق والوسائل.
اشكالات موازية
ويقول الحارس الدولي السابق ونجم المنتخب الوطني لسنوات طويلة مكرم المقايز ان النتائج لم تكن في مستوى التطلعات خاصة في كأس افريقيا وتحديدا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع التي انهزم فيها منتخبنا ضد المغرب لكن هذا الأمر لا ينفي تطور المنافسين للمنتخب الوطني على غرار  منتخب الكونغو الديموقراطية الذي كاد يقصي المنتخب التونسي من ربع نهائي الكــان حيث استحق للوقت الإضافي ليتكمن من الفوز عليه وبصعوبة بالغة، في حين أن كرة اليد التونسية لم تحرز أي تقدم منذ سنوات وتحديدا منذ التتويج بكأس افريقيا سنة 2018 والذي يصفه مقايز باللقب الذي حجب كل العيوب وقلة الانضباط في صفوف المنتخب انذاك.
وبالتطرق لمسألة الانضباط، يؤكد مقايز خلال حديثه للرياضية في أكثر من مناسبة أن الانضباط مسألة أساسية في المنتخب الوطني اليوم ولكنه عنصر مفقود في السنوات الأخيرة بسبب غياب اللاعبين الكوادر وحتى في صورة وجود البعض منهم فإنهم يغردون خارج السرب بل أن البعض منهم قد أصبح بمثابة عنصر معرقل للاعبين الشبان ويضر بمسيرتهم مع المنتخب أكثر مما ينفعهم، مشددا على أن المكتب الجامعي الحالي مطالب بإعادة فرض الانضباط داخل أسوار السواعد الوطنية لإصلاح ما يمكن اصلاحه على الأقل.
وحمّل مقايز الجزء الأكبر من المسؤولية للمكتب الجامعي السابق في تدهور النتائج ووصول المنتخب لهذا المستوى كما أن الأعضاء الجامعيين السابقين ورئيس الجامعة لم يحموا المدرب السابق سامي السعيدي بما فيه الكفاية وهو أمر ساهم في أن تطال سهام النعرات الجهوية السعيدي وتجعله بمثابة مؤجج لها.
مروان مقايز: المكتب الجامعي السابق لم يحم السعيدي
وبالنسبة لمسألة المدرب الجديد المنتظر للمنتخب الوطني التونسي، يقول مروان مقايز ان اسم المدرب أمر هام للغاية لكنه ليس العنصر الأهم في الوقت الحالي لأن توفير نواة متوازنة ومشروع واضح المعالم وتوفير أجواء واعتمادات مالية كبرى هي التي ستطير بالمنتخب إلى مستوى أفضل وأرقى وهذه العوامل تعتبر أساسية أكثر حتى من هوية المدرب لأنه يمكن أن يتم استقدام مدرب عالمي لكن لا ينجح في مثل هذه الأجواء، وفق تعبيره.
آخر الأخبار