19.9 C
تونس
25 نوفمبر، 2024
غير مصنف

بعد زوبعة المنع من المشاركة: هل باتت أنديتنا مرتهنة إلى وساطات حتى لا تُفسخ من الخارطة القارية؟

الرياضية – هاني ابراهمي


تواجه الأندية التونسية خطر عدم المشاركة في المسابقات الإفريقية بعد أن هدد الإتحاد الافريقي لكرة القدم بمنعهم في صورة عدم خلاص الديون المستعجلة، والحديث هنا خاصة عن النادي الافريقي والنادي الصفاقسي. الأمر تطلب تدخل الجامعة التونسية لكرة القدم ممثلة في شخص رئيسها والعضو بالمكتب التنفيذي للكاف وديع الجريء الذي توصل لاتفاق مع الهيكل القاري لتمديد آجال الخلاص لهاذين الناديين الى غاية 11 جويلية الجاري عوضا عن 30 جوان الماضي.فهل باتت فرقنا مرتهنة إلى وساطات وتدخلات حتى لا تفسخ من الخارطة الكروية ؟ 


تبعية وعجز

سؤال يجيب عنه  المحامي والخبير في الشأن الرياضي التونسي فتحي المولدي في حديثه مع الرياضية حيث يقول ان  ما يحدث للأندية التونسية هو فضيحة كبرى وما زادها سوءا هو  تدخل الجامعة بالاضافة إلى أن الأندية التي من المفترض أن تشارك في المسابقات الافريقية هي الأندية التي يمكن لها تمثيل تونس أفضل تمثيل لكن هذا الأمر يبدو صعبا في الوقت الحالي بسبب عدم قدرة الافريقي والصفاقسي على المشاركة حتى الآن بسبب الديون وهو أمر يعتبره المولدي غير مجد خاصة أن المشاركة في كأس الكنفيدرالية (أطلق عليها اسم كـأس الـcav) ستسبب خسائر مالية أكثر من المرابيح التي ستدرها، مشيرا إلى أن نقطة الضوء الوحيدة في كل ما يحصل هي اجبارية تسديد الديون لا غير.

وتطرق المولدي لوضعية النادي الصفاقسي الذي سيضطر لتسديد مبالغ بالمليارات للمشاركة في كأس الكاف وأيضا مستحقات أخرى لرفع المنع من الانتداب وهو أمر معقد خاصة في ضل غياب هيئة مديرة للنادي، مشيرا في الان ذاته إلى المستوى الرياضي حيث يفتقد الفريق للاعبين مميزين قادرون على الوصول بالفريق للأداور المتقدمة من هذه المسابقة بل أن أبرز لاعبيه غادروا بنهاية موفى جوان على غرار محمد بن علي وكواكو ودقدوق والحرزي وغيرهم، مشددا أيضا على أن المشاركة فقط دون طموحات لا فائدة منها لأي ناد تونسي .

وأوضح فتحي المولدي أن مشاركة الأندية التونسية على المستوى الافريقي قد خرجت بخيبات بالجملة الموسم الفارط، وهي نتيجة طبيعية نظرا للتراجع الذي تشهده كرة القدم التونسية خاصة من الناحية المادية والتنظيمية وحتى من ناحية التمثيلية داخل أسوار الإتحاد الافريقي للعبة وتطور البلدان المجاورة وأنديتها، على عكس أنديتنا التي تعاني من ديون طائلة معبرا عن ذلك بعبارة “ما ناقص المشنوق كان ماكلة الحلوى” في إشارة لسوء أوضاع الأندية وتقهقرها موسما بعد آخر.

ويختتم محدثنا كلامه بالاشارة من الناحية القانونية إلى أن الأندية لا يمكنها التحادث مع الكاف مباشرة بل أن الجامعة هي التي تقوم بدور الوسيط، لكن رئيس الجامعة يسجل في كل مرة “مزية” جديدة على الأندية وهو أمر يجعل من الأندية ومسؤوليها يرفعون البطاقة الخضراء في كل جلسة عامة انتخابية لهذا المكتب الجامعي بشكل أوتوماتيكي، وهو أمر غير مقبول لأن كرة القدم تنظمها قوانين واضحة ولا مكان فيها للـ”مزايا” وهو ما يوحي بالتسيب واللامسؤولية في تسيير شؤون الأندية، وفق تعبيره، مضيفا أن رئيس الجامعة مطالب بتطبيق القانون وعدم مساعدة الأندية في كل مرة مما يجعلها تواصل التهاون والعشوائية في كل موسم.


ويقول المدرب واللاعب السابق سيف غزال في حديثه مع الرياضية ان هذه الأزمة للأندية التونسية اضحت مسألة خطيرة جدا نظرا لما تمثله من خطر على تاريخ وحاضر ومستقبل أنديتنا الكبرى معتبرا اياها سابقة في كرة القدم التونسية.

ويؤكد غزال أن تدخل المكتب الجامعي ورئيس الجامعة من أجل مساعدة الأندية على تخطي هذه الفترة الصعبة هي بادرة ايجابية ومحمودة لكنها سلبية للأندية التي لم تستخلص الدروس من المشاكل السابقة والعقبات والعقوبات التي واجهتها وتعرضت إليها على غرار النادي الإفريقي، النجم الساحلي، النادي البنزرتي وعديد الاندية الأخرى ، مشيرا إلى أن هذه الأزمات عندما تتكرر تفسد صورة أنديتنا محليا وقاريا .

وتطرق اللاعب السابق للنجم الساحلي إلى تدخل الهياكل الرياضية في كل مرة لانقاذ الأندية واخراجها من عنق الزجاجة هو في حد ذاته مساس باستقلالية الأندية  التي تعود مسؤولوها على تلقي المساعدة من الجامعة وغيرها وهو ما يجعل من المسؤولين يتملصون من مسؤوليتهم في كل مرة فلا يبحثون عن الحلول بمفردهم ويستسهلون المسؤولية الرياضية، داعيا إياهم إلى ترك مساندة الهياكل الرياضية في مثل هذه الأزمات كحل اضطراري وغير رئيسي.

ويقترح سيف غزال حل العودة إلى بطولة “نصف محترفة” وهو أمر سيعود بنا إلى الوراء ولذلك يرى محدثنا أن الحل الوحيد للتخلص من مثل هذه الأزمات وجعل أنديتنا في أفضل حال هو تغيير القوانين والحديث هنا عن قانون الجمعيات الرياضية التي يقتضي  حاليا أكثر من أي وقت مضى تطبيق قانون الشركات لكي يتسنى لكل ناد القيام بأنشطة تجارية وزيادة مداخيله المالية بشكل ذاتي وهو ما سيعود بالنفع على النوادي من الناحيتين المادية والرياضية أيضا مشيرا إلى أن الأهم في الوقت الحالي هو اتخاذ خطوة أولى في هذا الصدد وعدم وضع الملف في الرفوف المغلقة كما يحصل في كل مرة.


مساندة  واجبة

وتقول الزميلة الصحفية نعيمة ساسـي في حديثها للرياضية ان مشكل ديون الأندية ليس حكرا على الأندية التونسية خاصة بعد أزمة فيروس كورونا التي غزت العالم وهو أمر أثر بوضوح على الوضعية المالية للأندية، متطرفة إلى مثال نادي برشلونة الاسباني الذي اضطر إلى كراء ملعبه للحفلات واستعمل العديد من الطرق لتحصيل مداخيل، وهو أمر شبه غائب بالنسبة للأندية التونسية التي لا تزال مكبلة بقانون الجمعيات الرياضية مما يجعل مواردها المالية محدودة جدّا، مما يبرر وضعيتها الحالية حين أصبحت مهددة بالاستبعاد من المشاركة في المسابقات الإفريقية .

وترجح ساسي أن تكون هذه المشاكل المادية وخاصة في الوقت الحالي التي تواجهها الأندية أن تكون جرّاء تركات ثقيلة سابقة من رئيس تلو الآخر وهو ما يزيد من تراكم الديون موسما بعد آخر، فأي ناد لا يترأسه رجل أعمال ثري سيكون مصيره المعاناة، كما أن ابرام المسؤولين لعقود مع لاعبين ثم يتغافلون عن تسديد مستحقاتهم وخاصة اللاعبين الأجانب هو أمر زاد الأمور تعقيدا باعتبار أن “الفيفا” أصبحت لا تتسامح مع مثل هذه القضايا التي تخص مستحقات اللاعبين الأجانب والمدربين.

وتتساءل محدثتنا عن قدرة الأندية الايفاء على بالتزاماتها وتسديد ديونها قبل 11 جويلية وخاصة النادي الرياضي الصفاقسي الذي بات مطالبا بدفع مبالغ طائلة، مشيرة في الآن ذاته إلى ضرورة تدخل الجامعة مرة أخرى ان لزم الأمر لتحديد تاريخ آخر لأن وضعية الأندية قد أصبحت كارثية.

وبخصوص تدخل الجامعة لدى الكاف من أجل الأندية تقول نعيمة ساسي ان هذا الأمر يدخل ضمن مقولة “مكره أخاك لا بطل” في اشارة الى أنه أمر ضروري والحل الوحيد لمشاركة الأندية في المسابقات الافريقية وتمثيل تونس، مطالبة الأندية بفض مشاكلها بنفسها وعدم اللجواء للجامعة مستقبلا خاصة أن الهيكل الجامعي هو الآخر يعاني مشاكل أخرى خارجية وداخلية.

كما تشدد الزميلة الصحفية على أن تدخل الجامعة لفائدة الأندية هو في حد ذاته خدمة لمصالح المكتب الجامعي في مسألة تمرير القوانين مثلا عندما توافق الأندية التي ساعدها الجريء على مدار السنوات الأخيرة وهكذا يستفيد النادي والجامعة معا.وتؤكد ساسي أن الجامعة مطالبة أساسا بحل المشاكل المحلية الكثيرة جدا عوض حل المشاكل الأندية خارجيا باعتبار ان هذه الفرق مطالبة هي الأخرى بالاعتماد  على نفسها والخروج من جلباب الجامعة لأن هذه التبعية ستضر الأندية أكثر مما تنفعها . 


ويقول وكيل اللاعبين لطفي الحاج محمد في تصريحه للرياضية ان السبب الأساسي لهذه المشاكل المالية المعقدة التي تمر بها الأندية هو الجامعة التونسية لكرة القدم باعتبار أنها لم تقم بوضع قوانين واضحة تقيد بها مصاريف الأندية وتجبرها على موازنة الحسابات في أعقاب كل موسم كروي على غرار ما تقوم به الاتحاد الأوروبية وحتى الآسيوية في بعض البلدان لتجنب المشاكل لأنديتها، مشددا على أن ما وصلت اليه أنديتنا حاليا هي نتيجة تراكمات لمواسم متتالية واصفا الوضعية المالية للأندية بالـ”كــارثية” .

كما يؤكد الحاج محمد ضرورة تطبيق الأحكام في كل القضايا سواء من لاعين أو مدربين تجاه الأندية بصفة فورية من قبل الجامعة التونسية لكرة القدم وبشكل صارم وحازم لتجنيب الأندية تلك التراكمات .

ويضيف محدثنا بأن الجامعة ترى أنه من ضروري مد يد العون للأندية باعتبارها منضوية تحت امرتها مشبها العلاقة “بالأب والابن” ومشيرا إلى أن المكتب الجامعي يعي جيدا أن الأندية ان لم تستطع المشاركة في المسابقات الافريقية لسبب كهذا يمثل بالنسبة لها مسّا من سمعتها وحطا من قيمة تونس خارجيا وهو سبب اضافي يدعم مساعدة الهيكل الجامعي للأندية في قضية الحال.

ووصف لطفي الحاج محمد اللذين يعارضون مساعدة الجامعة للاندية ويصفونها بخدمة المصلحة لفائدة الجريء، هم أناس “يصطادون في الماء العكر” مضيفا في الآن ذاته بأن الجريء قد ساعد سابقا حتى بعض الأندية التي يوجد في خلاف مع أحد مسؤوليها أو رئيسها .ولا يخفي بالحاج محمد دفاعه الشرس عن رئيس الجامعة حيث يعتبر أن معارضيه ينتقدونه ويعارضونه لأسباب شخصية بعيدة كل البعد عن كرة القدم، وفق تعبيره.

آخر الأخبار