الرياضية – هاني ابراهمي
تنامت خلال الفترة الأخيرة وتحديدا في النصف الثاني من المرحلة الأولى لبطولة الرابطة المحترفة الأولى ظاهرة تغيير المدربين بصفة واضحة للعيان في عدد من الأندية أو لنقل في أغلب الأندية تقريبا، وهو ما يعكس الصعوبات وحالة التخبط التي تشهدها الهيئات المديرة للجمعيات في اتخاذ قرارات إقالة المدربين واختيارهم وتعيينهم ، وهذا الأمر يدعونا للتساؤل عن أسباب اتخاذ مثل هذه القرارات التي أظهرت التجارب أنها تضر بالأندية على عديد المستويات وخاصة على مستوى النتائج بسبب انعدام الاستمرارية في الأسماء التي تشرف على العارضة الفنية لكل ناد.
أما السؤال المطروح هنا، فمحوره ان كانت إدارات الأندية هي التي تتخذ القرار بمفردها أم أنها تخضع لضغوطات الجماهير وترضخ لمطالبها ؟
ضغط الجماهير وغياب التقييم الحقيقي
سؤال يجيب عنه اللاعب السابق للترجي الرياضي مراد المالكي في حديثه مع الرياضية بالقول ان أبرز عنصر يؤثر على قرارات المسؤولين في كرة القدم التونسية اليوم هو الصفحات الفايسبوكية وجماهير مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تفرض بشكل واضح على رؤساء الأندية تغيير المدربين من حين لآخر، مما يجعلهم يرضخون لتلك المطالب والتأثيرات عن طواعية لكي يتسنى لهم العمل في أريحية أكثر وحيازة رضاء الجماهير وتجنب غضبها أو حتى معارضتها لبعض القرارات الأخرى، مشيرا أيضا إلى أن هذا الأمر يجعل من المدربين أكثر عرضة للإقالات السريعة رغم أنهم لا يعملون في ظروف مريحة ومشجعة على النجاح ويعود ذلك أيضا للضغوطات التي تسلطها الجماهير بشتى الطرق والوسائل المشروعة وحتى غير المشروعة في بعض الأحيان.
وتطرق المالكي لمثال المدربين المساعدين الجديدين للمنتخب الوطني التونسي علي بومنيجل وسليم بن عاشور اللذان تم تعيينهما في هذا المنصب بعد ضغط رهيب من الجماهير على وسائل التواصل الاجتماعي خلال كأس أمم إفريقيا الأخيرة وبعدها، حيث طالبت تلك الجماهير بالسير على خطى بعض المنتخبات في البلدان المجاورة على غرار مصر والجزائر بتعيين لاعبين دوليين سابقين صلب المنتخب الوطني، وهو ضغط أثمر هذا الأمر، رغم تأكيد محدثنا على احترامه التام لبومنيجل وبن عاشور.
وواصل اللاعب السابق للترجي حديثه بالتطرق أيضا لمثال المدرب الحالي لنادي باب سويقة راضي الجعايدي الذي تم تعيينه بعد ضغط من الجماهير ومطالبتها باسم الجعايدي، مضيفا أن الأزمات المالية للأندية وتأثيرات جائحة كورونا على خزائن الجمعيات أدت إلى ضعف موقف المسؤولين أمام الأحباء مما جعلهم يعينون المدربين حسب أهواء ورغبات الشارع لتجنب المشاكل والحصول على ود الجمهور في كل مرة يتم فيها تغيير هذا المدرب أو ذاك.
وتحدث مراد المالكي عن جانب المدربين كذلك من ناحية الخطاب غير الواقعي الذي يسوقونه ويصرحون به بتقديم وعود هم غير قادرين على تحقيقها، مشيرا إلى وضعية المدرب خالد بن يحيى في فريق مولودية العاصمة الجزائري الذي كان واقعيا جدا عند تعيينه عندما قال ان هدف فريقه إكمال الموسم في المراكز الست الأولى وحتى عندما وصل الفريق الآن إلى المركز الثاني رفض تقديم الوعود بالتتويج بلقب البطولة.
.
قصر فترة التقييم وهشاشة العقود
ويقول اللاعب الدولي السابق فريد شوشان في حديثه مــع الرياضـية، ان مثل هذه القرارات عادة ما تكون متسرعة في ظل غياب المشاريع الرياضية الواضحة في الأندية مما جعل الهيئات المديرة تقيم الممرنين انطلاقا من أول ثلاث مباريات فإذا خسر اثنتان منهما تتم إقالته وان كانت النتائج مقبولة فسيواصل وهذا بسبب الضغوطات من الجماهير والأحباء التي أصبح المسؤولون لا يقاومونها بالشكل المطلوب بل أن المسؤولين أصبحوا يختارون المدربين حسب ما يفرضه الجمهور.
كما تطرق شوشان إلى غياب القوانين التي تنظم عمليات التعاقد وإقالة المدربين كما هو الحال في أوروبا وبعض البلدان العربية التي تفرض على الأندية تسليم المدرب جميع جراياته المتبقية في العقد في صورة اتخاذ القرار بإقالته قبل موعد نهاية ذلك العقد بالإضافة إلى منع منح الترخيص للمدرب الجديد إلا إذا تمت تسوية متخلدات المدرب الذي سبقه من طرف الفريق.
ويضيف اللاعب السابق للنجم الساحلي أن أفضل الفرق التي حصدتنتائج مميزة هي تلك التي تتمسك بمدربيها رغم الانتقادات الحادة أحيانا وحتى سوء بعض النتائج خاصة في بداية مشوار المدرب مع الفريق، ضاربا مثال راضي الجعايدي في الترجي الرياضي التونسي الذي كانت نتائجه مع الفريق متذبذبة في الأسابيع الأولى له مع اللاعبين لكن الإدارة والمسؤولين كانوا يؤمنون بعمله وهو ما جعلهم يتجاهلون كل الأصوات التي بدأت تنادي بإقالته، فكانت النتائج بعد ذلك جيدة للغاية، وفق تعبيره.
ويختتم فريد شوشان كلامه بتحميل الاداريين المسؤولية الكاملة في ظاهرة التغيير السريع للمدربين وهشاشة التعاقدات التي تربطهم بالأندية مما يجعلها قابلة للكسر في أي وقت كان، واصفا إياها بالفوضى العارمة في كرة القدم التونسية.
ويقول الصحفي إلياس بن صالح في حديثه مع الرياضية في هذا الصدد، ان إقالات المدربين وتغييرهم بشكل مستمر في الأندية التونسية عادة ما تكون من طرف الإدارة ولكن بضغط من الجماهير غير أن تركيبة الهيئات المديرة للنوادي تفتقر لأهل الاختصاص من الفنيين أو اللاعبين السابقين وأهل الخبرة في المجال الكروي الذين يقيّمون عمل الممرن خاصة أن العديد من المدربين لا تتجاوز فترة إشرافهم على فريق بعينه 3 أو 4 مباريات وهي مدة يعتبرها قصيرة جدا لتقييم عمله بالشكل المطلوب والمُنصف.
ويؤكد بن صالح أن مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بعملية تأثير ضخمة على مثل هذه القرارات لأن الجمهور عندما يحرم وحرم في وقت سابق من الدخول للملاعب للتعبير عن رأيه، فيجد نفسه يعبر عن آرائه ويقوم بنقد عمل الإدارة في الصفحات والمجموعات مما يولد بث إشاعات تضع المسؤولين في إحراج وضغوطات كبرى.
ويختتم بن صالح كلامه بالتأكيد على أن بعض المدربين يشرفون على بعض الأندية بمجرد اتفاق شفاهي فقط ودون أي عقد مكتوب وقانوني مع إدارة ذلك النادي من جهة، وأيضا بالنسبة للعقد الذي يوقعه المدرب يكون أضعف سلطة في الفريق عكس اللاعبين مثلا الذين تكون فسخ عقودهم بعد مفاوضات وبرضاء الطرفين وهو ما يجعل المسؤولين قادرين على التخلي عن أي مدرب وفي أي وقت كان.