الرياضية – هاني براهمي
طفت على سطح الأحداث في الأيام الأخيرة ظاهرة مستجدة تتمثل في التصرفات غير المفهومة من مسؤولي بعض الأندية بعد أن تم إلغاء النجوم من تذاكر بعض المباريات الفارطة والحديث هنا عن مبارتي الترجي والنجم الساحلي في دوري أبطال افريقيا بالإضافة إلى تذاكر لقاء الكلاسيكو بين النادي الإفريقي والنجم الساحلي التي كانت تحمل شعار نادي باب الجديد فقط، ;مثل هذه التصرفات تجعلنا نتساءل عن مدى التزام المسؤولين بالمناصب التي يشغلونها.
ويبقى السؤال المطروح في هذا الصدد حول هذه الظاهرة، فهل مثل هذه التصرفات تعتبر صبيانية ولا مسؤولة أم أنها مجرد “كلاشات” تضفي تنافسية أكثر على المباريات الكبرى؟
مسؤولون بعقلية جماهير
سؤال يجيب عنه المسؤول السابق بالنجم الرياضي الساحلي قيس عاشور الذي يقول ان التنافسية في كرة القدم تجري على أرضية الميدان وفي اطار رياضي وبروح رياضية، لكن المسؤولين في كرة القدم التونسية اليوم قد أصبحوا يبحثون عن إرضاء الجماهير بالبحث عن الإثارة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام، فالنجم الساحلي وقع حذف شعاره في مناسبة وحذف النجمة التي تعلو ذلك الشعار في مناسبة أخرى وحتى مع أندية أخرى حصلت سابقا إشكاليات مماثلة.
ويضيف عاشور في حديثه مع الرياضية أن المسؤولين أصبحوا ضعفاء اليوم مع أنفسهم وأمام جماهيرهم وهو ما أدى إلى تراجع الأندية التونسية على المستوى الإقليمي والإفريقي مقارنة بالأندية الكبرى في القارة على عديد المستويات وهو ما يعكس قلة المسؤولية التي تشهدها رياضتنا، مضيفا في الآن ذاته أن الوضع المالي والإداري الذي تعيشه الأندية هو نتاج لتصرف المسؤولين بعقلية بعض الجماهير.. وهم متعصبون بشكل مبالغ فيه لأنديتهم.
كما وجه رئيس لجنة الأحباء السابق بفريق جوهرة الساحل طلبا لكل المسؤولين في كل الأندية بمراجعة وتقييم أنفسهم والقيام بالدور الأساسي لهم بتسيير الجمعيات على النحو الصحيح من جميع النواحي، مستنكرا أيضا هذه التصرفات التي وصفها بـ”التافهة” والتي لا تمت للرياضة ولكرة القدم بصلة.
ويقول الـزميل الصحفي هادي الجبنياني ان مثل هذه التصرفات يجب ألا تحصل في رياضتنا خاصة أننا قد دخلنا منذ فترة في مرحلة تتصف بتشنج الجماهير وانقسامها مع غياب المبادئ الأساسية لكرة القدم وللروح الرياضية والأخطر هو النعرات الجهوية التي بدأت تظهر من حين إلى آخر حيث ان مسؤولي “الرباعي الكبير” (من ناحية الألقاب والتاريخ) في هذا الموضوع مهمتهم استعمال الرياضة كوسيلة للتقارب وليس التباعد واصلاح العلاقات بين الجماهير التونسية على اختلاف ألوانها من الشمال إلى الجنوب.
ويشير الجبنياني في حديثه للرياضية إلى أن كل التصرفات التي تؤدي الى انقسام الشارع الرياضي وتغضب الجماهير وتجعل من مباريات كرة القدم لا تدور في افضل الظروف، يجب تجنبها بصفة تامة مؤكدا أن كل الأندية مطالبة بوضع شعارها وشعار كل منافس لها في كل مباراة على التذاكر دون المساس من أي ناد آخر بأي طريقة كانت وفي كنف الاحترام المتبادل خاصة أن التذاكر في حد ذاتها هي جزء من تاريخ اي مباراة، ضاربا مثال الجماهير في القارة الأوروبية الذين يحرص بعضهم على جمع تذاكر المباريات والاحتفاظ بها لتكون جزءا من تاريخ أي فريق كان حتى أن بعض المباريات التي بقيت راسخة بفضل نتائجها يمكن أن تباع تذاكرها بعد سنوات بمبالغ هامة كأنها قطعة أثرية.
وختم محدثنا كلامه بالتأكيد على أن كل تصرف لا يشجع على التحلي بالروح الرياضية خاصة في الوضع الحالي للبلاد التونسية يجب تجنبه والابتعاد عنه قدر المستطاع.
تصرفات غير مسؤولة
ويقول الكاتب العام لهلال الشابة محمد بن ابراهم في حديثه مع الرياضية ان مثل هذه التصرفات ليس لها أي علاقة بالمسؤولية لأن المسؤول الرياضي يفترض أن يتحلى أولا بالروح الرياضية وهي من أبجديات الرياضة بصفة عامة، وثانيا يجب عليه التحلي بالأخلاقيات الرياضية التي تفترض أن تكون المنافسة بين فريق وآخر على أرضية الميدان فقط وأنه لا يوجد أي سبب وجيه لتقليل احترام ناد من قبل ناد آخر أو استفزاز جماهيره بأي طريقة كانت فهذه التصرفات لا تمس من هيبة الفريق المنافس أو كيانه بل أن الجماهير هي التي يتم استفزازها وهو ما يجعلها ترد الفعل بعد ذلك تجاه الجماهير المنافسة واصفا اياها بإشعال النيران التي لا مكان لها في الرياضة التونسية حاليا خاصة مع ما تعيشه من وضع رياضي متأجج.
ويؤكد بن ابراهم أن الجمعيات الرياضية يجب أن تحترم تاريخ بعضها البعض وأن المسؤولين والأندية في غنى عن مثل هذه التصرفات وهم مطالبون بالتنافس منافسة شريفة واحترام بعضهم البعض مهما اختلفت ألوانهم وان المنافسة يجب أن تقتصر على الملعب وبشرف واصفا هذه التصرفات بالصبيانية التي ستقود المشهد الرياضي إلى ما لا يحمد عقباه بعد ذلك.
كما يقول اللاعب السابق للنادي الإفريقي حمزة المسعدي في حديثه مع الرياضية ان مثل هذه التصرفات من قبل المسؤولين لن تكون إلا أسبابا جديدة لزيادة التوتر بين الأندية وخاصة منها التي تملك قاعدة جماهيرية كبيرة في مختلف مناطق الجمهورية وأن الاحترام المتبادل بين الاندية يجب أن يسود الأجواء مهما كانت الظروف.
كما تطرق المسعدي لما فعلته إدارة النادي الإفريقي بإلغاء شعار النجم الساحلي من تذاكر الكلاسيكو الفارط، قائلا ان نادي باب الجديد قد تعرض لمثل هذه التصرفات في وقت سابق وهو ما جعلها ترد الفعل حسب قوله، مستدركا بأن مثل هذه الخطوات ليس لها أي مبررات ولا يجب أن تكون موجودة في كرة القدم التونسية.
وشدد حمزة المسعدي على أن المسؤولين مطالبون بمراجعة أنفسهم بشدة لكي تدور المباريات في ظروف طيبة وملائمة خاصة بعد عودة الجماهير للملاعب لتجنب الصدامات، مشيرا إلى أن المسيرين يجب أن يكونوا قدوة للاعبين والجماهير وكل الأطراف المتداخلة في هذا الشأن.
ظاهرة لاقت استحسان الجماهير سابقا لكن..
ويوجد رأي مختلف بعض الشيء والذي يعبر عنه مدرب نادي الخليج السعودي أمين قارة في حديثه مع الرياضية حيث يقول ان هذه الظاهرة ليست جديدة على كرة القدم التونسية بل أنها قديمة وسبق ان حصلت تصرفات مماثلة في السابق لكنها لم تتجاوز عددا قليلا من المباريات خاصة في الدربيات وبعض الكلاسيكوهات وقد كانت تلقى استحسانا من الجماهير آنذاك نظرا للأجواء الحماسية التي تضفيها على الشارع التونسي قبل المباريات الكبرى وهو السبب لمباشر الذي جعل المسولين هذا الموسم يتقدمون خطوة اضافية في هذه الظاهرة وهو ما جعلها تصبح استفزازا مجانيا لجماهير الاندية الأخرى ولكن أيضا هي طريقة يعتمدها المسؤولون لربح بعض الشكر والمديح والاشادة من جماهير أنديتهم حتى ولو كان ذلك على حساب احترام الفرق المنافسة.
ويعتبر قارة أن العديد من المسيرين في الاندية التونسية قد أصبحوا يتصرفون بعقلية الجماهير المتعصبة وحادوا عن دورهم الرئيسي القائم على الرصانة والاتزان داخل وخارج الملعب، مضيفا أن الأمر الاخطر في هذه الظاهرة هو أن مثل هذه التصرفات تبين أن بعض المسؤولين لا يعترفون بالألقاب التي توج بها منافسوهم عندما يقومون بحذف النجوم من الشعارات. ويختم المدرب السابق بفروع الشبان للنادي الإفريقي كلامه بأنه لا داعي لمثل هذه الحركات المجانية التي لا تفيد أيا كان من أي ناحية بل أنها ستزيد الأمور سوءا خاصة ان تعلق الامر بالأندية التي تملك أعدادا ضخمة من الجماهير.