30.1 C
تونس
8 أغسطس، 2025
كرة قدم وطنية

قبل صافرة بداية الرابطة المحترفة الأولي   15ملعبا يحتضن 16 جمعية…11 ملعبا منها معشب طبيعيا 

قبل أيام قليلة من انطلاق منافسات الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم، تتجه الأنظار مجددًا نحو الملاعب التونسية، ليس فقط من حيث جاهزيتها لاستقبال الجماهير والمباريات، بل أيضًا من حيث مدى تطابقها مع تطلعات الشارع الرياضي الذي بات أكثر وعيًا وجرأة في نقد البنية التحتية الرياضية.

هذا الموسم، تسجل البطولة رقمًا إيجابيًا غير مسبوق منذ سنوات: أحد عشر ملعبًا من أصل خمسة عشر معشب طبيعيًا، وهو ما يعكس تحسنًا ملموسًا في جودة الأرضيات، لكنه لا يخفي التفاوت الكبير بين الملاعب من حيث التجهيزات، الطاقة الاستيعابية، والخدمات اللوجستية.

تحسن نسبي في نوعية العشب

من بين الفرق الستة عشر المشاركة في البطولة، ستعتمد خمسة عشر جمعية على ملاعبها الخاصة، فيما يتقاسم فريقا العاصمة، الترجي الرياضي والنادي الإفريقي، ملعب حمادي العقربي برادس.

وهذا الأخير يُعد دون شك أبرز منشأة رياضية في البلاد، ويحتضن سنويًا عددًا هائلًا من المباريات، تشمل لقاءات الفريقين، مباريات المنتخب الوطني، نهائي كأس تونس، ونهائي السوبر.

لكن هذا الكم الهائل من المباريات يضع ضغطًا كبيرًا على أرضية الملعب، التي كثيرًا ما تعرضت للانتقاد بسبب تدهورها في منتصف الموسم.

ورغم عمليات الصيانة الدورية، فإن غياب ملعب بديل بنفس المستوى في العاصمة يجعل رادس ضحية نجاحه، ويطرح سؤالًا جوهريًا: هل من المعقول أن تعتمد العاصمة على ملعب واحد فقط بهذا الحجم؟

ملاعب كبرى… ومشاكل مزمنة

النجم الساحلي سيستقبل منافسيه هذا الموسم في ملعب سوسة الأولمبي، الذي خضع لأشغال تهيئة واسعة.

ورغم انتهاء الجزء الأكبر من الأشغال، فإن تركيب الكراسي لا يزال معلقًا في انتظار استكمال طلب العروض، ما يثير قلق الجماهير حول جاهزية الملعب لاستقبال المباريات الكبرى.

هذا التأخير الإداري يعكس أحد أبرز مشاكل البنية التحتية الرياضية في تونس: البيروقراطية المفرطة التي تعطل المشاريع الحيوية، وتحرم الفرق من الاستفادة الكاملة من منشآتها.

أما النادي الصفاقسي، فسيواصل اللعب في ملعب الطيب المهيري بصفاقس، الذي يتميز بعشب طبيعي جيد نسبيًا، لكنه يعاني من ضعف الإنارة ومحدودية الطاقة الاستيعابية، ما يحد من برمجة المباريات ليلاً ويؤثر على الحضور الجماهيري.

الاتحاد المنستيري سيعتمد على ملعب مصطفى بن جنات، الذي يُعد من الملاعب المقبولة من حيث الأرضية، لكنه يفتقر إلى بعض التجهيزات الحديثة، خاصة فيما يتعلق بالمرافق الصحية وغرف تغيير الملابس.

الملعب التونسي سيستقبل منافسيه في ملعب الهادي النيفر بباردو، وهو ملعب صغير نسبيًا، لكنه يتميز بعشب طبيعي جيد، ويُعد من الملاعب التي تحافظ على استقرارها رغم محدودية الموارد.

 

عودة المنتظرين… وغياب الجودة

 

الأولمبي الباجي يعود هذا الموسم إلى ملعبه بوجمعة الكميتي بباجة، بعد أن ظل مغلقًا لموسم كامل بسبب أشغال الصيانة.

ورغم أن العودة تُعد مكسبًا للجهة وللفريق، فإن التساؤلات تظل قائمة حول مدى نجاعة الأشغال المنجزة، وهل ستصمد أرضية الملعب أمام ضغط المباريات؟ الجماهير الباجية تأمل أن تكون هذه العودة بداية جديدة، لا مجرد حل مؤقت.

في المقابل، نجد ملاعب أخرى لا تزال تثير الجدل بسبب نوعية الأرضية الاصطناعية، التي أثبتت الدراسات أنها تُساهم في ارتفاع نسب الإصابات وتُقلل من جودة الأداء الفني.

من بين هذه الملاعب، نذكر ملعب 15 أكتوبر ببنزرت، الذي يستقبل مباريات النادي البنزرتي، وملعب الطيب بن عمار بالعمران، الذي يُعد مقرًا لشبيبة العمران، وملعب 7 مارس ببن قردان، الذي يحتضن لقاءات اتحاد بن قردان، وملعب البلدي بالمتلوي، مقر نجم المتلوي، إضافة إلى ملعب سليمان البلدي، الذي يستقبل مباريات مستقبل سليمان.

هذه الملاعب، رغم أنها تُمثل فرقًا محترفة، إلا أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الدولية، ما يطرح سؤالًا محوريًا: هل نملك فعلًا بطولة محترفة ببنية غير محترفة؟

 

صوت الجماهير: “نريد ملاعب تليق بشغفنا

 

الجماهير التونسية، التي تُعد من أكثر الجماهير شغفًا في المنطقة، باتت تطالب بصوت عالٍ بتحسين ظروف الملاعب. فلا يعقل أن تُقام مباريات في ملاعب بلا إنارة، أو أن يُمنع الجمهور من الحضور بسبب غياب الكراسي أو ضعف السلامة.

الكرة التونسية تستحق أكثر، والجماهير تستحق ملاعب تليق بحماسها وولائها.

و لا يمكن إنكار أن الموسم الحالي يشهد تحسنًا نسبيًا في نوعية الأرضيات، وعدد الملاعب المعشبة طبيعيًا، لكن هذا التحسن لا يجب أن يُغطي على المشاكل البنيوية الأعمق كغياب ملاعب متعددة الاستخدامات في العاصمة والجهات الكبرى و ضعف الإنارة في بعض الملاعب، ما يحد من برمجة المباريات ليلاً مع غياب غرف تغيير ملابس بمعايير حديثة في عدد من الملاعب إلى جانب نقص في المرافق الصحية والمقاعد المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة و غياب أنظمة مراقبة حديثة لضمان سلامة الجماهير.

كل هذه النقاط تجعل من البنية التحتية الرياضية في تونس غير متكافئة، حيث نجد ملاعب بمواصفات دولية إلى جانب ملاعب بالكاد تصلح للبطولات الجهوية.

 

بين الواقع والطموح… الطريق لا يزال طويلًا

 

و رغم التحسن الملحوظ في عدد الملاعب المعشبة طبيعيًا، فإن البنية التحتية الرياضية في تونس لا تزال بحاجة إلى رؤية استراتيجية واضحة، تتجاوز الحلول الترقيعية وتُراهن على الجودة والاستدامة.

الشارع الرياضي لا يطلب المستحيل، بل يطلب فقط أن تكون الملاعب في مستوى البطولة، وأن تُعامل الفرق كلها بعدالة من حيث ظروف اللعب.

فهل يكون هذا الموسم بداية التحول الحقيقي؟ أم مجرد محطة أخرى في طريق طويل من الانتظار؟

 

آخر الأخبار