الرّياضية – وصال الكلاعي
يخوض المنتخب الوطني التونسي كما هو معلوم منافسات كأس أمم إفريقيا بالكوت ديفوار وهو على أبواب مباراة مصيريّة أمام منتخب “الأولاد” جنوب إفريقيا يتحتّم عليه الفوز فيها من أجل حجز مكانه في الدّور القادم من المسابقة في المركز الثاني في حالة فوز المنتخب المالي على منتخب ناميبيا وذلك أقرب احتمال.
ولتحليل مردود المنتخب الوطني التونسي فنيًّا في الجولتين الأولتين من مجموعات كأس أمم إفريقيا؛ الهزيمة أمام الحلقة الأضعف ناميبيا والتعادل مع المنتخب المالي، حاورنا، في هذا العدد من جريدة الرّياضية، الفنّي والمدرّب التونسي لنادي الشرطة العراقي شهاب الليلي، الّذي قدّم رؤيته الفنيّة لمباراة الغد أمام منتخب جنوب إفريقيا، الأمل الأخير للتأهّل إلى الدّور القادم من كأس أمم إفريقيا الكوت ديفوار 2024.
ما هي نظرتك الفنيّة لوجه المنتخب في الجولتين الماضيتين من “الكان”؛ مباراة ناميبيا ومباراة مالي؟
في مباراة ناميبيا مررنا بجانب الحدث. إلاّ أنّنا لم نتمكن من إيجاد ثوابتنا المعهودة طيلة أوقات المباراة. فللمنتخب التونسي هوية خاصة وشخصية يلعب بها على المستوى الدفاعي وأيضا على المستوى الهجومي، قد لا يراها المشاهد العادي لكن الفنيون وأهل الاختصاص يرونها. تمنينا لو أنّنا رأينا الخبرة التي اكتسبها الفريق في المباراة الأولى لكن للأسف لم نشاهدها البتّة. لقد تساوت حظوظ المنتخبات جميعها في الجولة الإفتتاحية من البطولة. فحتى المنتخبات الي لها أسبقية تاريخية في المسابقة لم تحقق الفوز بل تعثرت وأبرز مثال على ذلك البطل التاريخي لكأس إفريقيا للأمم، المنتخب المصري وكذلك منتخبات الكاميرون والكوت ديفوار صاحب الأرض والمغرب رابع العالم في المونديال الأخير. فكل هاته المنتخبات قابلت منتخبات أخرى خاضت المباراة وكأنّها مباراة كأس، كل شيء فيها وارد حدوثه. وهو ما حصل للمنتخب التونسي ضدّ ناميبيا.
انتظرنا رؤية وجها مغايرا عن المباراة الأولى في المباراة الثانية. وكان على المنتخب التونسي أن يكون الفريق الّذي يبادر لا الّذي ينتظر ويرد الفعل. فبعد الهزيمة انتظرنا ردّة الفعل بالفعل أساسا في المباراة الثانية. وذلك بترسيخ ثوابت الكرة التونسية وشخصية المنتخب التونسي على الميدان، رغم صعوبة المنافس. وللأمانة قدمت العناصر الوطنية مردودا جيدا ومتوازنا أمام مالي، خاصة في الشوط الأول، حسب الإمكانات المتوفرة في المجموعة. أما في الشوط الثاني حيث يتم التصرف في مجريات اللقاء من قبل المدرّب، أتفهم الإطار الفني الّذي كان أمام حتمية الاختيار بين المحافظة على نقطة التعادل وبين المجازفة والتقدم إلى الأمام وبالتالي ترك المساحات أمام منتخب كالمنتخب المالي السريع. فتلك النقطة الّتي حافظ عليها الإطار الفني للمنتخب أبقت على آمالنا في التأهل قائمة إلى غاية المباراة الأخيرة أمام جنوب إفريقيا المبرمجة غدًا الأربعاء.
هل توافق الإطار الفنّي بعدم اعتماد مهاجم صريح في مباراة مالي؟
نعم لم لا. وكما رأينا الأسلوب كان ناجحا في شوط المباراة الأول. فرأس الحربة من خصاله مسك الكرة وتوجيه اللعب.. فلو أعلن الحكم ضربة الجزاء لصالحنا لقلنا إنّ المساكني كان ناجعا في المباراة فهو من مهّد للهجمة وهو من تحصل على ركلة الجزاء وربما لكان سجّلها بنفسه. لقلنا حينها إنّ المدرب كان على صواب.
ألم تكن التغييرات متأخّرة جدًّا في المباراتين؟
التغييرات تعتمد على فكر المدرب وحده. فالتغييرات تكون حسب رؤيته لمجريات المقابلة. فالبعض يعتقدون أن التغييرات الهجومية من أجل التسجيل والفوز والتغييرات الدفاعية من أجل ملازمة المناطق الدفاعية في حين أنّنا نعزز من تركيبة وسط الميدان من أجل منح الحرية للمهاجم وإيصال الكرة للهجوم في مناطق الخصم. فالاختيارات والتوقيت من مشمولات المدرّب وإطاره الفني. فأحيانا يختار المدرب تغيير رسمه التكتيكي أثناء المباراة فيحتاج إلى التغيير وأحيانا أخرى تكون التغييرات بدافع بدني لضخّ الانتعاشة البدنية في الفريق أثناء المباراة، وذلك يحدده المحلل البدني كالسيد محمد العياشي صلب الإطار الفني للمنتخب، الّذي يحدد مدى قدرة اللاّعبين على إكمال المباراة.
ما هو رأيك في المردود الّذي قدّمه علي العابدي أمام مالي؟
علي العابدي كان لاعبا أساسيا في منتخب ما دون عشرين سنة عندما كنت أشرف على تدريبه وقد كان هدافا ظهيرًا. وأيضا كنت أدرّبه في النادي الإفريقي موسم 2016/2017. له مؤهلات جيدة وقد عمل على تطويرها أكثر في المراحل الّتي مر بها في مسيرته الكروية إلى حد الآن. فعلي العابدي لاعب المنتخب لما دون عشرين سنة ليس نفسه علي العابدي لاعب النادي الإفريقي في أول الموسم ولا هو نفسه في آخر الموسم ولا هو نفسه علي العابدي لاعب اليوم. يمتاز علي العابدي بثقته في إمكاناته وقدراته وله قابلية كبيرة للتطور وهو يسعى دائما من أجل التطور وتحقيق أهدافه التي يرسمها بنفسه. ولم يتراخى يوما في العمل والمثابرة من أجل نيل مكان في التشكيلة الأساسية للمنتخب. فله شخصية ومؤهلات ذهنية كبيرة. وذلك ما يصنع الفارق بين اللّاعبين المحترفين. قيمة العابدي في المنتخب كبيرة بما أنه يحذق اللعب الدفاعي والهجومي على حد السواء ويقوم بدوره كما ينبغي في الحالتين نظرا لمؤهلاته الفنية والبدنية التي تجعله يؤدي واجباته الدفاعية والهجومية بالكيفية نفسها.
وفي المركز نفسه لنا علي معلول وعلي العابدي، كلاهما من أفضل الأظهرة في القارة وكلاهما قيمة فنية كبرى. فعلي معلول بالنسبة لي أفضل الأظهرة على الإطلاق. فكلما لعب كانت إضافته كبيرة فكأنّما تمتلك صانع ألعاب على الجهة اليسرى. سيما في ظل التفاهم الكبير بينه وبين المساكني، جناح المنتخب.
حسب رأيك ما هو مفتاح الفوز على جنوب إفريقيا؟
نرجو فوز المنتخب التونسي وتأهله إلى الدور القادم. لكنّها لن تكون مباراة سهلة ولا مضمونة. ولن ندخل المباراة وكأننا فائزين لا محالة. ستعتمد نتيجة المباراة على اختيارات الإطار الفني للتشكيلة الأساسية الّتي سيبدأ بها اللّقاء ومدى إتقان التصرف في مجريات المواجهة، إذ سيكون للفريقين أوقات قوة كما سيكون لهما أوقات ضعف. وفي كرة القدم لطالما جاءت المجازفة بنتيجة. ففي كرة القدم المجازفة مطلوبة من حين إلى آخر لصناعة الفارق. المباراة لن تكون سهلة ففريق جنوب إفريقيا يحظى بالانسجام فجل لاعبيه من فريق ماميلودي صانداونز الجنوب إفريقي، أي أنهم متعودون على اللّعب معًا منذ بداية الموسم. ففي مباراتهم أمام المنتخب الناميبي لم يظهر كثيرا فريق “البافانا بافانا” تقريبا إلا بعد ضربة الجزاء. بعدما صعد الفريق الناميبي للهجوم وترك المساحات أمام المنتخب الجنوب إفريقي ليتحرر هجومه أكثر. لذلك لا بد من التصرّف الإيجابي في مجريات اللقاء. فحتى إن كنّا تحت طائلة الضغط الأمر عادي. الأهم هو عدم استقبال الأهداف. وإن كنّا نحن من نضغط عليهم لا بد من ترجمة ذلك الضغط إلى هدف. وهو ما سيمنحنا حلولا أكثر للتصرف في المقابلة. وإنّ من سمات المنتخب التونسي هو التحكم في مجريات اللقاء كلما بادر بالتسجيل.