الرّياضية – وصال الكلاعي
تعيش الأرض الفلسطينيّة المحتلّة وقطاع غزّة على وجه الخصوص منذ السّابع من أكتوبر الجاري على وقع عملية طوفان الأقصى، كما أسمتها فصائل المقاومة الفلسطينيّة التّابعة لحركة حماس. إذ جاء العدوان الإسرائيلي على الأخضر واليابس في قطاع غزّة قتّل وشرّد المدنيين من الرّجال والنّساء بل حتّى الأطفال.
فخلّف القصف المستمرّ على القطاع مشهدًا دمويًّا مروّعًا صاحبه دمارًا هائلاً في البنيان والأرواح البشرية البريئة على حدّ السّواء. وكانت آخرها مجزرة مستشفى المعمداني الّتي أباد فيها الكيان الصهيوني أرواح الطبيب والمسعف والجريح بل حتّى الميّت ذاقت جثّته الموت مرّة ثانية ولم تنعم جثّته بالسّكينة في “شاحنة المثلّجات”… وهُدم أكبر مشافي غزّة في أشنع الجرائم وأقذرها في حقّ الإنسانيّة جمعاء.
جريمة هزّت شعوب العالم كلّهم باختلاف جنسياتهم وعقائدهم الدّينيّة. ولاقت ردود فعل واسعة في الوسط الرّياضي. فالرّياضيون المشهورون على المستوى الأوروبي والعالمي يعتبرهم الجمهور العربي صدًا لأصواتهم لدى الغرب، الدّاعم أغلبه للكيان الصهيوني. فعلّهم يبلّغون الرّسالة ويعبّرون عن الاضطهاد والجرم الّذي يتعرّض له الإخوة في فلسطين الأبيّة.
إلاّ أنّ البعض من هؤلاء الرّياضيين اختار التّخفّي في ثوب الحياد وعدم نصرة القضيّة. والبعض الآخر اختار الصمت والابتعاد والبعض الآخر قال كلمته نصرة للحقّ غير آبه بما قد يلقاه من استبعاد.
وسنعود في المقال على مواقف بعض الرّياضيين العرب إزاء القضيّة الفلسطينيّة وما يحصل في غزّة.
الرّياضيون التّونسيون لا يتخلّوْن عن القضيّة
كسائر شعب تونس تجرّع الرّياضيّون التّونسية الألم بعد مشاهدتهم للمأساة الّتي يعيشها إخواننا في غزّة.
فقد نشر البطل التونسي و العالمي أيوب الحفناوي يوم الأربعاء 11 أكتوبر 2023 تدوينة عبّر خلالها عن تضامنه مع الأشقّاء في فلسطين مندّدا بالعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، و جاء في نصّ التّدوينة: “القضية الفلسطينية في دمي ملّي عمري ستة سنين و بش تبقى لاخر عمري ، يا عالم أرضي محروقة ، أرضي ، حرية مسروقة”. وكرّر الحفناوي دعمه للقضيّة الفلسطينة بمقطع فيديو له.
أمّا محمّد خليل الجندوبي البطل العالمي والأولمبي في رياضة التايكواندو فقد قال في تصريح رسمي لفائدة صفحة وزارة الشّباب والرّياضية إنّه يهدي تتويجه بذهبية بطولة العالم إلى أهلنا في فلسطين.
وقد نشر اللاّعب التّونسي فخر الدين بن يوسف تدوينة على حسابه الرّسمي على إنستغرام يقول فيها إنّ فلسطين إبنة يتيمة مظلومة بأب جبان يدعى العروبة.
وأضاف بن يوسف “أحنا كشعوب عربية، مشاهير، فنانين،رياضيين، أقصى حاجة نقدرو عليها الدعاء، تنزيل بيان، مساعدات، تنديد… اما انت يا قائد! يا رئيس! يا ملك! يا صاحب السلطة انت عندك تليفون ومايل وسفارات ووزارة خارجية تخليك تاخذ موقف وتحاول وقف الحرب،واذا لم يسمع كلامك عندك الطائرات والجيوش لتوصيل المساعدات والأكل والشرب ووقف الحرب. أحنا كمسلمين وعرب لا نستطيع مشاهدة هذه المأساة كل يوم. ولكم سديد النظر”
ومن جهته عيسى العيدوني محترف نادي يونيون برلين الألماني، عبّر عن دعمه لفلسطين عبر حسابه الرّسمي على إنستغرام. وهو ما لم يعجب الكثير من الجماهير الألمانية. لتشُنّ هذه الأخيرة حمله ضد نجم فريقها التونسي عيسى العيدوني مطالبة بفسخ عقد العيدوني.
نساء تونس كذلك مثّلتهنّ لاعبة التنس التونسية والنجمة العالمية أنس جابر خير تمثيل. إذ عبّرت على حسابها أنستغرام عن تضامنها مع فلسطين والشّعب الفلسطيني فيم يعيشونه من وطأة الاحتلال الغاشم.
ودعت جابر إلى وقف العنف فلا مبرّر للعنف. قائلة غنّ العنف لن يجلب السّلام أبدًا… داعية إلى فهم السّياق العام للقضية، مؤكّدة على إنّ ما يعيشة الفلسطينيّون منذ عقود لا يعقل. وختمت كلامها بعبارة “الحريّة لفلسطين”
لم يعجب موقف جابر اتّحاد التنس التابع للكيان الصهيوني. إذ تقدّم هذا الأخير بشكوى رسمية لدى الاتّحاد الدّولي للتنس ضدّ أنس جابر. وعلى خلفية ذلك أعلنت وزارة الشّباب والرّياضية في بلاغ صادر على صفحتها الرّسمية فيسبوك يوم الأربعاء 18 أكتوبر الجاري ما يلي:
“تعلن وزارة الشباب والرياضة عن موقفها الثابت بدعم القضية الفلسطينية وتمسّكها بحق الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه المشروعة كاملة.
وفي هذا الإطار تشدّد الوزارة على دعمها التام ومساندتها اللامشروطة لكلّ رياضيينا التونسيين، الذين ساندوا القضية الفلسطينية، على إثر الاعتداءات الاخيرة على الشعب الفلسطيني من قبل قوات الإحتلال. وتخصّ الوزارة بالذكر، مساندتها المطلقة لبطلة التنس التونسية أنس جابر، عقب مطالبة جامعة الكيان الصهيوني للتّنس كل من الاتحاد الدولي للتنس (ITF) ورابطة لاعبات التنس المحترفات (WTA) باتخاذ “عقوبات صارمة” ضدّ اللاعبة الدولية أنس جابر، وذلك بسبب موقفها الداعم للقضية الفلسطينية.
هذا وتدعو الوزارة كلّ التونسيين المتواجدين في الهياكل الدولية الرياضية لمساندة البطلة التونسية والوقوف إلى جانبها أمام هذه الهجمة التي تتعرّض لها”.
ومن جهتها أعلنت الأندية التّونسية الحداد على أرواح ضحايا مجزرة مستشفى المعمداني بقطاع غزّة الّتي ارتكبها العدوّ الصّهيوني في حقّ شعب فلسطين الأبيّة.
وعلى رأس القائمة نذكر الترجّي الرّياضي التّونسي، النّادي الإفريقي، الملعب التّونسي، القوافل الرّياضية بقفصة، الاتّحاد الرّياضي ببنقردان، الأولمبي الباجي، الاتّحاد الرّياضي بتطاوين والمستقبل الرّياضي بسليمان ثمّ النّجم الرّياضي السّاحلي والنّادي الرّياضي الصفاقسي. وكذلك فعلت أندية الأقسام السّفلى…
العرب أهل القضيّة.. أغلبهم
اشتدّ السّواعد العربية مناصرة لفلسطين وإخواننا العرب في الأرض المحتلّة وفي قطاع غزّة. لم يكن ذلك بالقوّة والسّلاح إنّما بالكلمة وذلك أضعف الإيمان..
فقد نشر اللاّعب الجزائري لفريق نيس الفرنسي يوسف عطال مقطع فيديو لشيخ يدعو خيرًا لفلسطين ويدعو شرًّا على الكيان الصهيوني. وبعد ذلك هدّده عمدة مدينة نيس بترحيله من الفريق. ليقدّم عطّال اعتذارا رسميا عبر خاصية الستوري على حسابه الرسمي إنستغرام.
ولم يشفع له اعتذاره لدى غدارة فريقه الفرنسي. إذ قرّر نادي نيس الفرنسي في بلاغ رسمي صدر عبر موقع الرّسمي الأسبوع الماضي، إيقاف لاعبه الجزائري يوسف عطّال إلى إشعار آخر، بعد دعمة لضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزّة.
علاوة على عطّال، نشر اللاّعب الفرنسي ذو الأصول العربية، جزائرية بالتّحديد، كريم بنزيما عبر حسابه الرسمي على منصة إكس، تويتر سابقا، تغريدة يعبر فيها عن تضامنه مع سكان غزة وفلسطين.
إذ قال لاعب الاتّحاد السّعودي وريال مدريد سابقًا: “كل دعواتنا من أجل سكان غزة ضحايا القصف الظالم مرة أخرى الذي يأتي على النساء والأطفال”
ليتّهمه يتّهمه وزير الدّاخلية الفرنسية بانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين وتتّهمه نائبة بالبرلمان الفرنسي بالعمالة لدى حركة حماس الفلسطينيّة.
ويعتزم كريم بنزيما مقاضاة وزير الدّاخلية إثر هذه الاتّهامات. والأدهى والأمرّ أنّ السّلطات الفرنسية تفكّر في حرمانه من الجنسية بطلب من عديد الجهات الفاعلة في البلاد.
اللّاعب المغربي نصير مزراوي كذلك، أبدى تضامنه مع الشّعب الفلسطيني. لينشر الصّحفي الإيطالي فابريزيو رومانو أنّ فريقه بايرن ميونخ قرّر إقصاءه من المجموعة إثر تعبيره عن موقفه. إلاّ أنّ الصّحفي التّونسي القاطن بألمانيا والمختصّ في أخبار البوندسليغا، محمد أمين الكناني أكّد أنّه يتدرّب على انفراد مع فريقه بايرن ميونخ، بعد عودته من معسكر منتخب المغرب، مفنّدًا ما نشره رومانو.
وقال السبّاح المصري عبد الرّحمان سامح إثر تتويجه بالميدالية الذّهبية في مسابقة كأس العالم للسباحة في اليونان: لا أستطيع أن أحتفل واخوتي يقتلون كل يوم في فلسطين…”
ليحذف الاتّحاد الدّولي للسّباحة صوره من جميع منصاته إثر تصريحاته الجريئة. بل تلقّى البطل المصري والعالمي تهديدات إثر هذه التّصريحات.
وأخيرا وليس آخرًا نذكر الدّولي المصري لاعب ليفربول الإنقليزي محمّد صلاح. الّذي انهالت عليه أوبالاً من الانتقادات. فهو لم يساند القضيّة ولم يبدِ موقفه ممّا يحصل في غزّة البتّة. إلى غاية مساء الأربعاء 18 أكتوبر 2023، عملية طوفان الأقصى انطلقت في 7 أكتوبر 2023.
ونشر صلاح على حسابه الرّسمي في موقع “إكس” (تويتر سابقاً) وإنستغرام، مقطع فيديو له فيه: “ليس من السهل دائما الحديث في أوقات مثل هذه، شهدنا في الأيام السابقة عنفاً شديداً، ووحشية كبيرة تدمي القلوب، لا يمكن تحمّل وتيرة العنف المتصاعدة منذُ أسابيع.. جميع الأرواح مقدسة ويجب توفير سبل الحماية لها، يجب أن تتوقف المجازر، فالعائلات تعاني، يجب السماح بتقديم الدعم الإنساني لغزة فورًا، يمرّ سكّان غزة بأوضاع مزرية، بالأمس، شاهدنا مشاهد مرعبة في المستشفى”.
وختم صلاح رسالته قائلا: “يحتاج سكان غزة إلى الغذاء والماء والدّواء فورًا، أناشد جميع قادة العالم للتكاتف معًا لمنع وقوع مزيدٍ من المجازر للأبرياء، يجب أن تسود الإنسانية”.
ولاقى فيديو صلاح تفاعلاً كبيرًا ونسبة مشاهدة عالية في ظرف ساعات منذ نشره. إلاّ أنّ الجمهور العربي لم يكن راضيًا عمّا نشره صلاح. فقد اعتبروا كلامه باهتًا وأقرب للحياد من نصرة فلسطين والقضيّة الفلسطينيّة وتجريم الاحتلال.