أميمة الجبالي – الرّياضيّة
غابت الأندية التّونسية في السّنوات الاخيرة عن منصّات التّتويج الإفريقيّة و العربيّة ، و أصبحت الفرق المشاركة تقدّم مردودا هزيلا بإستثناء فترة 2017-2021 للتّرجي الرّياضي التّونسي و الذّي غاب بدوره منذ تلك الفترة عن التّتويجات القاريّة ، و شهدت البطولة العربيّة الأخيرة أسوء مشاركة لفرقنا التّونسية بخروج كل من ممثلّي الرّاية التّونسيّة (التّرجي الرّياضي التّونسي و النّادي الصّفاقسي و الإتّحاد المنستيري) من الدّور الأول بصفر إنتصار و ب13 هدف في شباكها ، مشاركة تطرح تساؤلات عديدة عن مدى جاهزيّة الفرق لخوض البطولات الصّيفيّة ؟ و ما سبب تراجع المردود ؟ هل بسبب الإنتدابات أم الإرهاق البدني و ضيق وقت التّحضيرات؟
أداء كارثيّ للفرق التّونسيّة .. البطولة العربيّة نموذج
شاركت الفرق التّونسية الثلاث في مسابقة كأس الملك سلمان الأندية الذّي تحتضنته المملكة العربية السعودية شهر أوت الجاري، و رغم تخوّفات الجماهير التّونسية – من مشاركة فرقها بسبب نقص التّحضيرات خلفا للرزنامة الجنونية و ماراطون المقابلات في الموسم الماضي ، إلى جانب الإنتدابات “المتواضعة” لهذه الفرق – إلا أنّها لم تتوقّع نتائج كارثيّة و هزائم مذّلة أودت بالفرق المشاركة خارج المسابقة منذ دور المجموعات، إذ إكتفى التّرجي بالمركز الثالث من ترتيب المجموعة الأولى برصيد نقطتين بعد هزيمة أمام إتّحاد جدّة (2-1) و تعادلين أمام الشرطة العراقي و النّادي الصّفاقسي سلبا.
من جانبه غادر فريق عاصمة الجنوب البطولة منذ المواجهة الثانية عقب هزيمتين متتاليتين أمام الشّرطة العراقي (1-0) و الإتّحاد السّعودي (0-1) ليتذيّل بذلك زملاء قعلول ترتيب المجموعة الأولى بنقطة وحيدة، أما عن الإتّحاد المنستيري فقد غادر هو الآخر منافسات البطولة بعد ثلاث هزائم و نتائج قاسية أمام كلّ من الزّمالك المصري برباعيّة نظيفة و النّصر السّعودي برباعية مقابل هدف و خسارة أمام الشّباب السّعودي بهدف دون ردّ ليتذيّل فريق عاصمة الرّباط ترتيب المجموعة الثالثة برصيد أبيض من النّقاط.
و في هذا الإطار صرّح المدرّب و المحلّل الفنّي عثمان النّجار في تدّخلّه للرّياضيّة :”بالنّسبة إلى أداء الفرق التّونسية في البطولة العربيّة كان دون المستوى و دون إستثناء ، وتعدّدت أسباب هذا الأداء الكارثي ، بالنّسبة للتّرجي إكتفى بنقطتين بعد تعادلين و لم يتمكن من العبور رغم أنّه كان امام فرضيّة التّأهل بالفوز على السي اس اس ، التّرجي تعامل مع المباراة الاولى بطريقة جيّدة أمام منافس يفوقه في الإمكانيّات و تعامل الإطار الفني بشكل ممتاز مع هذا اللقاء ، الإخفاق كان واضحا في مباراة الشرطة العراقي و لم يتمكن الفريق من المسك بزمام الامور رغم أن الجميع كان ينتظر ردّة فعل لكسب النقاط الثلاث بعد الهزيمة في المباراة الأولى.”
و تابع نجار في حديثه عن النادي الصفاقسي أن الفريق يمرّ بظروف صعبة حاليّا مع تغيّر تركيبة تشكيلة الفريق في كل مباراة تقريبا سواء إختياريا أو إضطراريا (بعد البطاقات الحمراء في لقاء إتّحاد جدّة) السي اس اس في إنتظار التركيبة الكاملة للمدرّب الجديد و من المؤكّد أن الحوار من مدرّب إلى آخر للاّعبين لا يكون بنفس التأثير.
أمّا الإتّحاد المنستيري فقد قدّم مشاركة مخيّبة جدّا لإنتظارات الجماهير و التي كانت للأمانة منتظرة بعد خروج كافة ركائز الفريق و المدرّب عماد بن يونس في اللّحظات الأخيرة.”
الدّوري التّونسي ينحدر إلى القاع
مع تطورّ مستويات الدّوريات العربيّة و الإفريقيّة (البطولة المصريّة – البطولة المغربيّة..) سواء على مستوى البنية التّحتيّة أو الموارد الماليّة للفرق و التّي أصبحت في السّنوات الأخيرة تعتمد مفهوم (الشّركات) لتتمكّن من تعزيز صفوف الفرق بإنتدابات قويّة و تطوير اللاّعبين المحلييّن و هو ما ينعكس بدوره على المنتخبات ، أضحت الفرق التّونسية في المقابل تعيش ضروفا صعبة أدّت إلى خلق مشاكل عديدة صلب الفرق و هو ما إنعكس على مشاركتها في مختلف المسابقات القاريّة و العربيّة.
جسّدت الخطايا و عقوبة المنع من الإنتداب بسبب تدهور خزائن الفرق هاجسا كبيرا خيّم على الجامعة التّونسية لكرة القدم و بعض الفرق التّونسية التّي كادت أن تُحرم من المشاركة الإفريقيّة (دوري أبطال إفريقيا و كأس الكونفدراليّة) ، أمّا على المستوى المحلّي فتواصل الجامعة التّونسية لكرة القدم إعتماد نظام المجموعتين للموسم الرياضي القادم مع إستئناف البطولة يوم 19 أوت المقبل إذ تعيش الأندية ضغطا قاهرا بعد الرّكون لفترة قصيرة قبل إستئناف التّحضيرات ، خوض المقابلات خلال فترة النّهار في شهر رمضان من جانبه شكّل خرقا صارحا للحفاظ عن حظوظ الفرق و صحّة اللاّعبين ما خلّف إرهاقا ترجمته المشاركات الخارجيّة للأندية التّونسية ، أمّا عن أسباب هذه مشاركة فرقنا التونسية المخيبّة في البطولة الأخيرة تابع عثمان النجار :”بالنسبة لأسباب هذه المشاركة المخيّبة فإن الإرهاق هو القاسم المشترك للفرق التّونسية و غياب الإعداد الجيّد بما أن الموسم الرياضي إنتهى يوم 30 جوان فإن الفرق منحت أسبوع راحة للاّعبين قبل إستئناف التحضيرات للبطولة العربيّة و التي ضمّت منافسين من مستوى عالي جدّا حتى على مستوى التحضيرات أبرزها النّصر السّعودي الذّي تربّص باليابان بمواجهة كبار الأندية الأوروبيّة ، و بالتالي من الطبيعي أن تكون هذه النتائج منتظرة أمام هذه الفوارق في التحضيرات ، أما عن إنتدابات الفرق التونسية فقد خسرالإتّحاد المنستيري خدمات نجومه دون تعويضها ما أثّر على الرصيد البشري ، أما بالنسبة إلى النادي الصفاقسي فإن إنتداباته لم تكن على المستوى الكبير في قيمة لاعبي الموسم المنقضي ، بالنسبة للتّرجي فقد إنتدب تقريبا أفضل العناصر التّي تألقت في البطولة الموسم الفارط (أورمارو ، حسام تقا ، أسامة بوقرة ، أسامة السهيلي.. ) و كانت إختيارات موفّقة لإدارة فريق باب سويقة.”
و أضاف :” لا أعتقد أن هذه البطولات الصّيفيّة تشكل عائقا في ظلّ وجود برمجة تتماشى مع هذه المسابقات ، مثلا يمكن للبرمجة المحليّة أن تخدم مصلحة الفرق التونسية التي تشارك في هذه البطولات التي تمثّل الرّاية التّونسية و التي تكون ذات مستوى عالي (تضمّ فرق كبرى) و تمنح ميزات ماليّة كبرى ، و تحدثت سابقا عن أهمية إختيار الفرق التونسية للمشاركة من عدمها في هذه البطولات خاصة بالنسبة للترجي و الإتّحاد المنستيري الذّين مرّوا بنفس الظروف (ضغط الرزنامة و الفترة الإنتقاليّة في الفريقين) و التي تتطلب فترة زمنيّة معيّنة للتحضير و تأقلم المنتدبين ، بالتّالي الرزنامة المحليّة شكّلت ضغطا كبيرا على فرقنا ، في الدّوري المصري على سبيل المثال فقد فضّل الاهلي المصري عدم المشاركة نظرا لكثرة إلتزاماته.”
أما في حديثه عن تواصل إعتماد نظام المجموعتين في البطولة المحليّة ، فقد إستنكر نجار في حديثه هذا القرار مؤكّدا أنه ليس في مستوى البطولة و قال :”لا نجم أي بطولة (حتى متوسّطة) تعتمد نظام المجموعات و لاحظنا حتى بالنسبة لإتّحاد تطاوين الذي شارك في مرحلة التتويج (للمشاركة فقط) أي مشاركة سلبيّة ، للأمانة لا أرى في تواصل إعتماد هذا النظام مصلحة لبطولتنا.”