17.8 C
تونس
20 أبريل، 2024
اخبار متفرقة رياضات جماعية رياضات فردية

ذوي الهِمم يَنشُدون أعالي القِمم

 

الرّياضية – وصال الكلاعي

“حدّثتني إحدى الأمّهات عن حالة إبنها الّذي يشكو إعاقة عضوية عميقة (شلل كلّي).. إذ تضعه أمام التّلفاز يوميًّا وتُطعمه بكلتا يداها دون أن يحرّك ساكنًا. وهكذا يمر يومه.. حتّى اِكتشف شيئًا جعله يتمسّك أكثر بالحياة. أصبح يُمارس رياضة البوتشيا ويخوض المباريات. لقد أصبح لديه سبب إضافيّ للحياة فضلا عن أمه.. تعلّم شيئًا فشيئًا وأصبح مستقلاًّ في بعض حركته عن أمّه. بل أصبح يرسمُ لوحات فنية بفمه. هذه الرّياضة غيّرت كلّ حياته. ليس هو فقط، بل غيرت حياة عائلة بأكملها.. هي رياضةُ البوتشيا ونسأل الله أن يوفقنا في تعميمها لدى الحالات المماثلة لهذا المناضل..” بهذه الكلمات مع نبرة كساها التّأثّر الشّديد، لخّص رئيس اللّجنة البارالمبية التّونسية، السيّد محمّد المزوغي، دور الرّياضة في حياة ذوي الحاجات الخاصّة.

ودعى المزوغي، في حديثه إلى الرّياضية، كافّة فئات المجتمع إلى مساندة الرّياضيين من بوابة الملتقى الدّولي لألعاب القوى لذوي الهمم الّذي تحتضنه تونس في نسخته السّابع عشرة، اِنطلاقًا من الثّاني من فيفري 2023.

تونس تحتضن ملتقى الجائزة الكبرى

تستعدّ تونس لاستقبال 29 وفدًا مشاركًا في الملتقى من شتّى أنحاء العالم. وتقدّم الوفود المشاركة جمعاء حوالي 350 رياضي بارالمبي من بينهم قرابة 60 رياضي تونسي.

وللتّعرّف على الملتقى، برنامجه ومدى أهميته حاورت الرّياضية رئيس اللّجنة البارالمبية التّونسية، محمّد المزوغي، الّذي قال: ” هو أكبر وأقدم تظاهرة عالمية في ألعاب القوى وهذه نسخته السّابع عشرة. إذ يحظى هذا الملتقى بثقة كبيرة من طرف اللّجنة الدّولية بفضل الله أولا ثم بفضل أبنائنا المتطوعين. لأنه ليس من السّهل أن تنظّم ملتقى “جائزة كبرى” وتضاهي دول على غرار الإمارات العربية وفرنسا اللّذان يملكان إمكانات ضخمة مقارنةً بإمكاناتنا. لذلك أثمّن دور المتطوعين وعملهم الجبّار. ويساهم المتطوعون في كل الجوانب التّنظيمية للملتقى من مرافقة الرّياضيين والوفود المشاركة وتسجيل معطيات الرّياضيين المشاركين إلى آخره… علما أننا اللجنة الأولمبية الوحيدة الحاصلة على وسام اليابان من بين باقي اللّجان البارالمبية العالمية”.

وأضاف المزوغي: “ستكون هذه النّسخة بالشّراكة مع المعهد العالي للرّياضة والتّربية البدنية بقصر سعيد. وبالتّالي سيقع تشريك طلبة السّنوات النّهائية في هذه التّجربة. إذ سيتمّ تكوينهم في أبجديات التّحكيم يومي 4 و5 فيفري القادم. ومنه سيقع تدعيم الأطقم التّحكيمية للتّظاهرة بهؤلاء الطلبة المشاركين.

أما الورشة الثّانية فهي عبارة عن يوم طبيّ يؤثّثه ثلّة من الأساتذة الجامعيين وأطباء رؤساء أقسام. فسيكون هناك يوم دراسي موجه للأطباء المشاركين من جلّ أنحاء العالم، فضلا عن أخصائيين في التّأهيل الطبيعي التّونسيين. وسيتم، أيضًا، التّطرّق إلى كيفية الإعداد النّفسي والبدني والتّعامل والمتابعة الطبيّة لمختلف الإصابات في صفوف الرّياضيين”.

وأردف المزوغي، متحدّثًّا عن برنامج الملتقى: “سيتمّ تصنيف الرّياضيين أيام 3 و4 و5 في مصحة العيون ستشخّص الإعاقة البصرية وفي ملعب ألعاب القوى سيتمّ تشخيص الإعاقة العضوية”.

وقال المدير الفنّي للّجنة الوطنية البارالمبية التونسية، السيّد عبد الرزاق سوايسية، في هذا الصّدد: ” عادة ما يتم تصنيف كلّ الإعاقات، البصرية والعضوية والذهنية، في الملتقيات لكن هذا العام في تونس سيتم تصنيف الإعاقتين العضوية والبصرية فقط. وسيشارك الرّياضيين ذوي الإعاقة الذّهنية لكن لن يتم تصنيفهم.

وأضاف سوايسية مفسّرًا عملية التّصنيف: “تُشرف عليها ثلّة من الأطبّاء التّابعين للّجنة الدّولية البارالمبية. ويقع تشخيص حالة الرّياضي البارالمبي ثم يقع تصنيفها. confirmed  يعني حالة ثابتة غير قابلة للتطور. مثلا الحالات الواضحة على غرار بتر في السّاق أو الذراع.. وreview  بمعنى أن تلك الحالة المرضية للمراجعة فهي قابلة للتّطور سواءً كان ذلك بالتّحسّن أو بالتّعكر لا قدر الله.. فمثلا الشّلل الدّماغي قد يتعمّق. اليوم يتم تصنيفه مثلا f32 بعد سنتين أو ثلاث تتعمّق الحالة ويصبح تصنيف الإعاقة أدنى مثلا f31”.

جسر العبور إلى العالمية

يخوّل هذا الملتقى للرّياضيين المشاركين حجز تذاكرهم إلى بطولة العالم لألعاب القوى المقرّرة في باريس في جويلية 2023 وإلى دورة الألعاب البارالمبية المقرّر إقامتها في باريس، أيضًا، سنة 2024. فيتخلّل الملتقى مسابقات مؤهّلة إلى هاتين المسابقتين الكبيرتين.

وفي حديثه معنا عن برنامج الملتقى، أشار السيّد محمّد المزوغي إلى أهمية المسابقات الّتي سيتمّ تنظيمها. قال: “سيقع تنظيم مسابقات مساء أيام 6 و7 و8 اِنطلاقا من السّاعة الثّانية ظهرًا إلى غاية السّادسة مساءً، في ملعب ألعاب القوى بالحيّ الوطني الرّياضي برادس، بمشاركة حوالي 300 رياضي من بينهم قرابة 60 رياضي تونسي ضمنهم 17 مشاركًا جديدًا”.

وأكد رئيس اللّجنة على ضرورة مساندة الرّياضيين وهذه التّظاهرة، التي سيواكبها على الأقل عشرين سفير عالمي، بالحضور الجماهيري.

أمّا عن دور مسابقات الملتقى التّأهيلي لبطولتي باريس القادمتين، قال المدير الفنّي للّجنة الوطنية البارالمبية التونسية، السيّد عبد الرزاق سوايسية: “يتم ذلك بعد ضبط معايير معينة من قبل مبعوثي اللّجنة البرالمبية الدّولية لكلّ رياضة. أي تحديد الحدّ الأدنى الّذي يُخوّل لك المشاركة في بطولة العالم. فعلى سبيل المثال في السّباقات يجب ألا يتجاوز المشارك عشرين دقيقة في قطع مسافة 400 متر إن اِستغرق منه ذلك أكثر من عشرين دقيقة فهو غير مؤهل للمشاركة في بطولة العالم”.

ومن جهته ثمّن الرّياضي التّونسي والبطل العالمي البرالمبي، وليد كتيلة، إستضافة تونس لهذا الملتقى المؤهّل لبطولة العالم، الّتي يعتبرها هدفه الأوّل. وقال كتيلة: “هذه محطة تحضيرية وتقييمية لقادم المواعيد. وهي عبارة عن دور تمهيدي للألعاب البارالمبية باريس 2024 وبطولة العالم باريس أيضا. وميزة هذه الدّورة أنّها تقام في بلادنا وهي الأولى ضمن سلسلة الجائزة الكبرى”.

وأضاف البطل التّونسي متحدّثًّا عن تحضيراته الخاصّة لمسابقات الملتقى: “بالنسبة لي التّحضيرات تتّسم بالنّسق العادي لأن الهدف الأساسي هو بطولة العالم”.

جيل جديد في الأفق

على غرار وليد كتيلة، روعة التليلي، مروى براهمي وغيرهم من الأسماء الرّنانة، ليس محليًّا فقط بل عالميًّا، في مجال الرّياضة البرالمبية، تحاول تونس تقديم جيل جديد من الأبطال البارالمبيين. فمن بين الرّياضيين التّونسيين يشارك 17 رياضيّ جديد لأوّل مرّة في مسابقة رسمية في مسيرتهم المهنية اليافعة.

في هذا الإطار، قال المكلّف بالإعلام باللّجنة البرالمبية، السيّد أمين عطية، للرّياضية: “من بين عناصرنا الجدد نذكر أمان الله كيساوي الّذي سيخوض سباق 1500 متر وسباق 400 متر، وفتحية غزال و وسيم الصالحي اِختصاص دفع الجلة، ومحمد الطرابلسي رمي الرمح.. سيحاول أبناؤنا الجدد في هذه المشاركة الأولى لهم في ملتقى من هذا النّوع خطى أبطالنا الحاليين. وسيحاولون أيضًا اِقتلاع ورقة العبور إلى الألعاب البارالمبية بباريس في جويلية 2023 وبطولة العالم 2024 بالمدينة نفسها. بل سيكتسبون خبرة في المسابقات. وهي فرصة للتّنافس وإظهار جدارتهم وحقيقة مستواهم”.

وأضاف عطية مبيّنًا أهمية مساندة أصحاب الخبرة للشبّان: “إن لأبطالنا الكبار أصحاب الخبرة دور كبير في تأطير هذه العناصر الجديدة بالنّصح والإرشاد النّفسي والفنّي على حدّ السّواء”.

وقال الرّياضي وليد كتيلة عن دوره التّأطيري للجيل الّذي يليه من الرّياضيين البارالمبيين: “أحاول أن أترجم خبرتي للرّياضيين الجدد والتّخفيف من وطأة التّعب والضّغط عليهم. أنا على تواصل دائم معهم فنحن نتدرّب على أرضية الملعب نفسه. أحاول قدر المستطاع أن أكرّس خبرتي لتأطير الشّبان خاصّة إنّهم يشاركون للمرّة الأولى في مسابقة رسمية من هذا النّوع”

وصرّح رئيس اللّجنة البارالمبية، السيّد محمّد المزوغي في السّياق ذاته: “نحن نجهز لمشروع كبير بالشّراكة مع المعهد العالي للرّياضة والتربية البدنية بقصر سعيد والإدارة العامة للشّباب والرّياضة ألا وهو تكوين الفنيّين في الرّياضة البرالمبية لأنّ هذا هو النّقص الّذي تشهده تونس في هذا المجال. لأن كل المدربين التّونسيين المتألّقين هاجروا إلى الخليج وبقي هذا المنصب شاغرا في تونس. لذلك نحن نعمل على هذا المشروع. لأنه إن أردنا بناء جيل جديد من الرّياضيين المتميزين فيجب أن نوفر له المدرببن الأكفّاء، الأرضية والبيئة الملائمة للنجاح. وهذا هو العمل القاعدي الذي ننتهجه بصمت. وسنرى نتائجه على المدى المتوسّط”.

آخر الأخبار