16.9 C
تونس
22 نوفمبر، 2024
اخبار متفرقة كرة قدم وطنية

إستئناف البطولة المحليّة بين التنديد والاستنكار والتأجيل.. !

 

الرّياضيّة – أميمة الجبالي

لئن أخذنا سحر المونديال القطري إلى بعد مثاليّ واكبه كلّ متيّم بكرة القدم سواء في أرض المونديال أو خلف الشّاشات وعاين خلاله كلّ تفاصيل عالم المستديرة و سحر جمالها من تنظيم محكم وحسن التّسيير إلى إنجازات حقّقتها المنتخبات و الجماهير ، فقد خلّدت عبرها قطر ذكرى المونديال الإستثنائي ، إلا أن واقع العودة للبطولة المحليّة أصاب الجماهير التّونسيّة بما يعرف “بإكتئاب ما بعد المونديال” فمنذ الجولات المؤجلّة الأولى التي خاضتها الفرق التونسية شهدت الرّابطة المحترفة الأولى أحداثا مختلفة أخفى محدوديّة النّقل التّلفزي أغلبها ! فمع خوض المباريات المؤجلّة و أحداث العنف التي طالت لاعبي فريق باب جديد قرّر مكتب الرابطة الوطنيّة عقب إجتماعه الأخير تأجيل مباراة مؤجّلة وذلك إثر عجز التّرجي الرياضي التّونسي عن إيجاد ملعب لخوض الكلاسيكو المؤجل لحساب الجولة الرابعة أمام النّجم الساحلي.

أيّ مصير ينتظر الرّابطة المحترفة الأولى أمام تفاقم الأزمات؟

“البذر الموسمي” .. كابوس فرق العاصمة !

أغلق ملعب حمادي العقربي برادس أبوابه في الفترة الأخيرة للصّيانة و إعادة البذر الموسمي لتجهيز أرضية الميدان لإحتضان مواجهات الرّابطة المحترفة الأولى ، إذ أعلنت من جانبها إدارة الحيّ الأولمبي أنها تسعى جاهدة لإتمام الأشغال في الوقت المحدّد و فتح أبواب الملعب إنطلاقا من 15 جانفي 2023 لاحتضان المباريات.

معضلة ملعب حمادي العقربي برادس حتّمت على فرق العاصمة البحث عن ملاعب أخرى لخوض مقابلاتهم إذ إستضاف النّادي الإفريقي مستقبل سليمان يوم الاربعاء 22 ديسمبر 2022 بالملعب البلدي بحمام الأنف في إطار مواجهة مؤجّلة لحساب الجولة الثالثة ضمن المجموعة الثانية ، وخاض بدوره الترجي الرياضي التونسي مواجهته في نفس الإطار أمام النادي الصفاقسي بالملعب البلدي بحمام الأنف ووقع الإختيار على هذا الملعب بعد إنتهاء الخيارات إذ اُغلق الشاذلي زويتن بدوره للصيانة كما هو الحال بالنسبة للملعب الأولمبي بالمنزه الذي تشمله أشغال صيانة منذ سنوات.

أجرى من جانبه نبيل معلول مدرّب الترجي الرياضي جولة تفقديّة بالملاعب المجاورة لإختيار الملعب الذي يمكن أن يحتضن مواجهات الأحمر الأصفر و مع محدوديّة الخيارات فضّلت إدارة باب سويقة الملعب البلدي بحمام الأنف على ملعب سليمان (عشب إصطناعي).

و عقب حسم هذه الجولة وجدت إدارة التّرجي نفسها في مأزق من جديد إذ يستقبل الترجي الرياضي نظيره النجم الساحلي لخوض مواجهات الجولة الرابعة (المؤجلة) التي كانت من المقرر أن تقام يوم الأحد 25 ديسمبر 2022 إلا أن إحتضان الملعب البلدي بحمام الأنف لمباراة الهمهاما و مكارم المهدية في نفس اليوم أقحم الترجي في رحلة بحث جديدة عن ملعب لإستقبال الكلاسيكو و إختارت إدارة الفريق خوض الكلاسيكو بملعب بوجمعة الكميتي بباجة لجاهزيتها و إستقبال جمهور الأحمر و الأصفر ، إلا أن بلديّة الجهة رفضت مطلب إدارة الفريق بداعي صيانة الملعب مجدّدا.

تأجيل مباراة “مؤجلة” !

بعد إنعقاد جلسة مكتب الرّابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ، أفضت القرارات النّهائية إلى تأجيل الكلاسيكو (المؤجّل بدوره) رسميّا إلى غاية 18 جانفي 2023 لخوضه بملعب حمادي العقربي برادس بعد أن أعلنت إدارة الحي الاولمبي جاهزيته في 15 جانفي ، أما النادي الإفريقي فقد حلّ ضيفا على أولمبيك سيدي بوزيد ليخوض اللقاء في ملعب سيدي بوزيد ، إلا أنه من المنتظر ان يخوض جولته القادمة بملعب الشاذلي زويتن  . وبخصوص تأجيل الكلاسيكو جاء في مراسلة الرّابطة الوطنية المحترفة لكرة القدم المحترفة ما يلي :”.. بعد أن أكّدت بلدية تونس عدم جاهزية ملعب الشاذلي زويتن لإحتضان مباراة الترجي الرياضي التونسي و النجم الساحلي، و بعد أن رفضت بلدية حمام الأنف و بلدية المرسى و بلدية باجة و بلدية بنزرت إحتضان هذه المقابلة في الملاعب الراجعة لها بالنظر ،قررت الرابطة تأجيل مقابلة الترجي الرياضي التونسي و النجم الساحلي إلى يوم 18 جانفي 2023 بالملعب الأولمبي حمادي العقربي برادس الذي يصبح جاهزا لإحتضان المقابلات بداية من تاريخ 15 جانفي 2023 حسب مراسلة الحي الوطني الرياضي علما و أن الرابطة قد إختارت يوم 18 جانفي 2023 باعتباره التاريخ الوحيد الشاغر و الذي لا يجبرها على تغيير روزنامة بقية المقابلات لبقية الفرق..”

عموما تُخلّف هذه الإشكاليات و التّعطيلات في رزنامة البطولة إلى جانب إختلال التوازن بين الجولات التي تخوضها الفرق ، جملة من الإنعكاسات على الفرق و جماهيرها ، فغياب الملاعب يحرم الأندية من مداخيل و مرابيح كبرى يوفّرها الجمهور والتي قد تكون هذه الفرق في أمسّ الحاجة إليها في هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى ، ويؤثر كذلك غياب الإستقرار في إختيار الملعب معنويّا على اللاعبين و مسؤولي الفرق و الذي من المنطقي أن ينعكس بدوره على مردودهم، فنيّا كذلك إعتاد كل من لاعبي النادي الإفريقي و الترجي الرياضي على أرضية ميدان ملعب حمادي العقربي برادس  و التي تتسّم بإتساعها مما يسمح بطريقة لعب تعتمد على إستغلال المساحات و التنويع في طريقة اللعب مما قد يؤثر تكتيكيّا على خطط الإطارات الفنيّة للفرق.

أمّا بالنّسبة لجماهير النادي الإفريقي و الترجي الرياضي التونسي فقد حُرمت من متابعة فرقها بسبب خوض المقابلات دون حضور الجماهير وهو ماتفرضه طاقة الملاعب المتوفرة مايسبب خسارة ماديّة للطرفين خاصة بعد بيع الإشتراكات الخاصة بالموسم الجديد.

إنعكاسات بالجملة و لا أحد يُحرّك ساكنا..

من المنتظر أن يفرض تقطّع البطولة المستمرّ و رداءة البنية التحتيّة إنعكاسات سلبيّة و التي ستكون أشدّ وقعا يوما بعد يوم على مستوى الدوري التونسي في المستقبل القريب ، فأمام تطورّ بقيّة الدوريات العربية و الإفريقية والتي تكاد تبلغ المواصفات العالميّة ، تشهد البطولة التونسية تراجعا على أوجه مختلفة بسبب ملفّات فساد كبرى تطال الجامعة التونسية لكرة القدم و الفرق و السلطات المشرفة على تجهيز البنية التحتية الرياضية التي تتجاهلها الدولة.

تشكلّ من جانبها قائمة المنتخب الوطني التونسي التي خاضت مونديال قطر أبرز مثالا على تراجع المستوى المحلّى إذ تضمّنت أربعة لاعبين محلييّن فقط و إعتمدت على المحترفين ، وذلك بسبب تأخر إنطلاق البطولة الوطنيّة و انقطاعها المستمر ليمثل ذلك العائق الأبرز أمام إكتساب اللاعبين لنسق المباريات و جاهزيتهم الكاملة والتي تكتسب على الأقلّ بعد أربع أو خمس مواجهات ، عكس الدّوريات العالمية التي إستنأنفت نشاطها بصفة مبكرة إستعدادا للمونديال إذ خاضت أغلب الدوريات معدل أربع عشرة و خمس عشرة جولة مقابل خوض الفرق التونسية اليوم للجولات الثالثة و الرابعة.

كلّ هذه العوامل تسهم في تراجع مستوى الفرق التونسية قاريّا و عربيّا إذ غادر كل من النادي الصفاقسي و النادي الافريقي مسابقة كأس الكونفدراليّة في المقابل تأهل الإتحاد المنستيري للدور الثاني عقب الإنسحاب من رابطة الأبطال ، ويطرح مردود شيخ الأندية التونسية حيرة بخصوص المشاركة الإفريقيّة الذي لم يُقنع رغم تأهلّه على حساب بلاتو يونايتد النيجيري ، من جانب آخر لا يمكن تحميل الأندية وحدها المسؤولية الكاملة في تراجع مردودها أمام كل هذه الأسباب الخارجيّة من طرف الجامعة التونسية لكرة القدم و وزارة الشباب و الرياضة فالإعداد لبطولة محليّة قويّة يحتاج سنوات و يتطلّب العمل على عدّة مستويات إنطلاقا من تطوير البنية التحتية الرياضية وصولا إلى تكوين الشبّان وحماية الرّصيد البشري الرياضي من الهجرة نحو الدوريات الخليجية سعيا وراء ضمان المستحقات الماديّة إضافة إلى تطهير المؤسسات الرياضية من كل شبهات الفساد التي تحوم حولها ، وذلك أملا في بلوغ العالميّة و إقتداءً بالمثال المغربي وإنجازه في مونديال قطر ببلوغ المركز الرّابع كأول منتخب عربي و إفريقي يبلغ هذا الدّور – فمن الطبيعي أن يحقّق منتخب يعجّ بالنجوم المحترفين في الدوريات العالمية و تطوّر مستوى الدّوري المغربي – ذلك الإنجاز التّاريخي.

 

آخر الأخبار