19.9 C
تونس
25 نوفمبر، 2024
اخبار متفرقة

السّلطات الأمنيّة تتجنّد للقضاء على محلاّت الرّهان الرّياضي العشوائيّة.. و مشاهير قيد التّحقيق !

أميمة الجبالي – الرّياضيّة

يعود جدل شركات الرّهان الرياضي الموازية للواجهة الإعلامية من جديد، إذ أصبحت هذه الشركات الغير قانونية التي إجتاحت القطاع، المنافس الأول لشركة النّهوض بالرياضة “البرومسبور” إلا أن شبهات تبييض الأموال و تسريب المعطيات الشّخصية للتونسيين لأطراف اجنبيّة تحُوم حول هذه الشّركات منذ تأسيسها وإستقطابها لفئة الشباب.

وعقب تطوّرات قضائية طالت هذه الشركات و أصحابها ،

هل إتّخذت الدّولة اليوم حلّا نهائيا للقضاء على المحّلات الغير قانونية أم أنه قرارٌ مؤقت بحثا عن حلول قانونية قبل إستئناف نشاطها؟

الشّركات تتجاهل “الزرمديني” و السلطات الأمنيّة تتدخّل !

شنّت القوات الأمنيّة في الفترة الأخيرة حملة مداهمات ضدّ شركات الرّهان الرّياضي الموازية، إذ تمّ غلق جميع محلاّت الرّهان الرياضي مثل Promocote, planet win , bet365  و غيرها من الشّركات في مناطق مختلفة من الجمهورية التونسية ،ولم يكن قرار الجهات الأمنية بمداهمة المحلاّت و غلقها مستبعدا خاصة بعد النّدوة التي عقدها عادل الزرمديني رئيس مدير عام شركة النّهوض بالرّياضة (البرومسبور) يوم الإربعاء 2 نوفمبر 2022 والتّي أكّد خلالها أن الشركات الموازية المنتشرة تتسبب في ضرب القطاع، إذ أن هذه الشركات تتعامل مع أطراف أجنبية وهو ما يشكل خطر داهم على الدولة من جانب التعاطي مع المعطيات الشخصية التي يمكن أن تستعملها أي دولة في أغراض تمسّ من النظام العام و تسبّب كذلك في تدحرج الدينار التونسي اذ يُباع الدينار بقيمة 300 مليم في الخارج. وتابع الزرمديني خلال الندوة الصحفيّة في حديثه عن الإجراءات القانونية أن كل الوزارات تتدخل قانونيا للتصدي لهذه الظاهرة و لن تنجح الخطة إلا بتكاتف كافة الأطراف فوزارة المالية مطالبة بوضع نظام جبائي شفاف يضمن التعبئة القصوى لموارد الدولة إذ ان هذا النشاط يهدف بالأساس لتحقيق منفعة عامة للدولة.

و كانت هذه الشركات الموازية محلّ إنتقادات كبرى في السنوات القليلة الأخيرة لما تمثّله من تهديد واضح للمعطيات الشخصية و الامن و ما أصبحت ما تشكلّه من إدمان خاصة للمراهقين.

و دعا الزرمديني خلال الندوة السابقة، أنه بالنسبة لهذه الشركات الموازية فهي أمام طريقتين لتُصبح قانونية أولا إما الدخول تحت الغطاء الجبائي وأن تصبح في علاقة تعاقدية مع شركة النهوض بالرياضة “البرومسبور” او أن تتحصل على ترخيص رسمي من الدولة ويتم الحصول عليه وفق إجراءات صارمة تضبطها الدولة من الناحية التقنية والمالية (على الأقل ضمان 10 مليون دينار للتحصل على الترخيص) لذلك فهو ليس بالإستثمار السّهل فننصح هذه المؤسسات الحالية بالإنضواء تحت غطاء البروموسبور و هو الحل الأنسب و الأسهل لأن المشكل القائم اليوم هو أن هذه الشركات لا يمكنها النشاط دون تدخل أطراف أجنبية .

ورغم الحلول التي عرضها الزرمديني خلال الندوة السابقة لم تمتثل الشّركات للنّواميس و واصلت أنشطتها الغير قانونية و العشوائية ما دفع الدّولة لإتخاذ السّبل القانونية قصد إيقافها و في هذا السياق صرّح النّائب السابق و رئيس الجامعة التونسية لكرة اليد كريم الهلالي لجريدة الرّياضيّة أنه كشف عن تورّط وليد البلطي في موضوع شركات الرهان الرياضية الموازية منذ أن كان في البرلمان و التي ألحقت ضررا كبيرا بمداخيل الدّولة ، و تابع الهلالي أنه واجه هذه الأطراف بمفرده ولم يتلّقى دعما في تلك الفترة لأن بعض الأطراف داخل أجهزة الدّولة كانت تُساند المُشرفين على هذه الشّركات الموازية . و إعتبر الهلالي أن السلّطات الأمنية قد إتخذت قرارا ممتازا و في محلّه لتنظيم القطاع و تقنين الشّركات الموازية لتصبح تحت غطاء الدّولة ورقابتها، ولتباشر مهامها وفق قوانين الدّولة و سلطتها ، أي أن هذه الشركات بإمكانها ممارسة نشاطها بالشّراكة مع شركة النهوض بالرياضة “البرومسبور” ممّا يمكّن الدولة من متابعة مداخيل الشركات و مصادر تمويلها ، إذ أكّد الهلالي أن الأموال النّاتجة عن الرّهان الرّياضي يُمكن أن تُورّط اصحابها في قضايا تبييض أموال إلى جانب الخطر المحدق بتسريب المعطيات الشّخصية لأطراف خارجيّة.

وتابع الهلالي أن مسألة شركات الرّهان الرياضي في كامل أنحاء العالم تخضع بالأساس لنظام الدولة و تنضوي تحت قوانينها لأن هذا القطاع يُجسّد مساسا بالأمن العام و النّظام العام ، وأضاف أنه على الدّولة من جانبها ان تتعامل بمرونة مع هذه الشركات عبر الاجراءات التي تتخذها لمنح التّراخيص أو ضمّ الشّركات لشركة البرومسبور.

 

الأوضاع الإجتماعيّة تتعقّد و شركات الرّهان تستغلّ الموقف !

لا تشكّل شركات الرهان الرياضي الموازية و المحلاّت العشوائيّة خطرا على الدولة فقط ،بل أصبحت تهدّد المراهقين و القُصّر لإنتشار هذه الظاهرة بكثرة في الأوساط المدرسيّة خاصّة و الشبابية عموما لتبلغ حدّ الإدمان ، فإلى جانب أسرها لعقول المولعين بكرة القدم المحلية و العالمية فإن ففكرة الرّبح أو الكسب السّريع أضحت تجسّد ملاذا لهذه الفئات من الفقر و البطالة وسدّا للشغور المادّي الذّي خلّفه إنتشار البطالة و التي إرتفعت إلى حدود 18.4 في سنة حسب الإحصاءات الأخيرة لسنة 2021 ، فأصبح الرّهان الرّياضي و الهجرة غير الشرعيّة و الظّواهر الغير القانونية عامّة حلاّ سهلا لتجاوز الأزمات الإجتماعية وحالة اليأس و التي تتسبّب في مخاطر كبرى تهدد حياة الشّباب. و في السياق نفسه تطرّق النائب السّابق كريم الهلالي للجانب الإجتماعي الذي أكّد أن ضررا إجتماعيا و ماديا كبيرا ألحقته شركات الرهان الرياضي بالمراهقين الذين أصبحوا يدمنون ألعاب الرّهان الرياضي إضافة إلى الخسائر المادية الفادحة التي تلحقها هذه الشركات بميزانية الدولة و التي تنعكس بدورها على الجمعيات الرياضية و البنية التحتية الرياضية التي كانت تموّل صندوق النّقد الرياضي .

عموما تُلحق هذه الشركات خسائر فادحة سواء بالمجتمع أو الدّولة و شدّد الهلالي في ختام تصريحه أن تدخّل الدولة و السلط الأمنية جاء متأخّرا خاصة أنه كشف عن شبكة كبرى متورطة في هذه المسالة منذ أربع سنوات.

مشاهير قيد التّحقيق:

تزامنت حملات مداهمة محلاّت الرّهان العشوائية التحقيق مع العديد من الأسماء مثل زياد الجزيري و الذي أفرجت عنه القوات الأمنية لتقديمه أدلّة أثبتت برائته من شبهة الجرائم الماليّة ، وتمّ في نفس السّياق التحقيق مع اللاعب السابق سمير السليمي و ذلك عقب العثور على جملة من الوثائق الخاصة بعديد اللاعبين السابقين والتابعة لمقر شركة بروموكوت الذي تمت مداهمته يوم الجمعة 9 ديسمبر 2022 بإذن قضائي وقد نشرت شركة “بروموكت ” مساء الأحد 11 ديسمبر 2022 بلاغا عبر صفحتها عقب مداهمة مقرّ الشّركة و غلقها من طرف القوات الامنية ، و جاء في نصّ البلاغ “يهمنا إعلامكم ببالغ الحسرة و الأسف و أنه تمت مداهمة مقرّ شركتنا من طرف قوات الأمن في إطار تحقيق قضائي ، يشمل كل شركات الرهان الرياضي و ذلك يوم الجمعة 9 ديسمبر و تم الإحتفاظ بكامل الفريق العالم و المسيّر للشركة من طرف النّيابة العمومية ، و امام هذه المستجدات فإن الشركة مضطرة إلى إيقاف العمليات و المعاملات على موقع الواب الخاص بالشركة بصفة مؤقتة مما سينجر عنه منع الحرفاء من التصرّف بحرية في حساباتهم الخاصّة . هذا و يعلمنا إعلامكم أن الشركة ستحرص على ضمان إسترجاع كل حريف لرصيده المالي المتوفر بحسابه بمجرد إستئناف طاقم العالم لنشاطه”.

كما شملت أيضا التحقيقات اعلاميين ومشاهير في الفن والثقافة و تحجير السفر على سياسيين و معدي برامج من قناة الحوار التونسي و التاسعة و بعض الاذاعات ووسائل اعلام أخرى

من جانب آخر تداولت وسائل إعلامية محلية في الفترة الأخيرة حجز ما يقارب 1600 بطاقة بنكية إثر مداهمات لأحد المحلات العشوائية الخاصة بألعاب الرهان إلى جانب هواتف و دفاتر و شيكات و حواسيب ، وتتواصل الحملات الأمنية لغلق هذه الشركات الموازية.

“البرامج الرياضية ” الدّاعم الأوّل للشّركات الموازية !

كشف فهمي بوكمشة رئيس جمعيّة الرّقمنة في حديثه للريّاضيّة أنّ شركات الرّهان الرياضي الموازية تنشط بشكل غير قانوني و تدّعي عبر شعارات التي تبثّها بعض وسائل الإعلام أنها شركات قانونيّة ، وكلّ مؤسسة تدّعي أنها الموقع الاوّل في الرّهان الرياضي لإستقطاب المواطنين و هو ما يعتبر تحيّل على المتراهنين ، بالتالي فإنه الى جانب نشاطها الغير القانوني توهم هذه الشركات المواطنين أن نشاطها قانوني و تضمن مرابيح كبرى وأكد بوكمشة أن الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري أصدرت بلاغا منذ شهر أوت 2020 منعت فيه وسائل الإعلام من الإشهار والدعاية لهذه المواقع إلا أنّ بعض وسائل الإعلام لم تلتزم بهذا القرار وتعرض فقرات إشهاريّة متعددة خلال برامجها.

وتابع بوكمشة أن هذه الشركات تتحيّل على المستهلك الذي يراهن بأموال طائلة لصالح هذه الشّركات مؤكّدا ان أموال المتراهنين اليوم أصبح مصيرها مجهول عقب حملة المداهمات التي شملت هذه المحلاّت و التّي أوقفت نشاطها وأضاف أن جميع المشرفين على هذه الشّركات اليوم محلّ تتبّع قضائي و تخضع لتحقيقات.

و تابع بوكمشة أن المتراهن اليوم بعد حملة غلق محلاّت الرهان العشوائية لا يمكنه إسترجاع أمواله من حساباته الخاصّة إلا بعد محاسبة المسؤولين عن شركات الرّهان التي قامت بعمليّة التّحيّل.

وفي حديث متّصل صرّح فهمي بوكمشة أن هناك العديد من المتورّطين في مسألة الرّهان الموازي و هي شبكة كبرى تضمّ رياضييّن و مسؤولين و إعلاميين ورجال أعمال.. ، إذ أصبحت هذه الشّبكات اليوم تعتقد أنها قائمة بذاتها و تمتلك سلطات قارّة “دولة” و قادرة على التّحيل على المستهلك التونسي ،وأشاد بوكمشة بتدخّل الدّولة و تحرّك السّلط الأمنية معتبرا أنه قرار متأخر إذ أكّد أنه كان على الدّولة التدخل منذ إحداث هذه الشّركات الموازية سنة 2017 و قال أنه يمكن تبرير هذا التأخّر بتدخل أطراف سياسية في هذه الشركات و تابع في حديثه أنه بعد تغيّر المنظومة السّياسيّة عقب تغيُّرات 25 جويلية فقد أصبح من الواضح أن المنظومة الجديدة تسعى لمحاربة هذه الشركات الغير قانونية التي تخادع المستهلك و تعمل على تخزين معطيات التونسيين خارج حدود الوطن و هو ما يشكّل تهديدا واضحا للأمن القومي و النّظام العام.

و أضاف بوكمشة أنه من المنتظر أن يتوقّف نشاط هذه الشّركات الغير قانوني قريبا، إلا في حال تدخّل الدّولة لضبط مراسيم أو قوانين لتنظيم القطاع و منح التراخيص، مؤكّدا أن الشّروط ليست بالهيّنة لأّن قاعدة بيانات هذه الشّركات تُخزّن في بلدان اخرى ممّا يشكّل خطرا محدقا و “إجراما” في حقّ المعطيات الشخصية للتونسيين.

وقال بوكمشة في تعليقه عن عدم إمتثال القنوات التلفزية الخاصة لقرارات الهايكا، إن لهذه الشّركات أجندات و أطراف معيّنة (إعلاميين) لخدمتها و للدفاع عنها و عن مصالحها و ذلك عبر قنوات خاصّة مختلفة كالتاسعة و قرطاج + و غيرها عبر الإشهارات و أساليب مختلفة ، وتابع أن الدّولة بتدخلّها الأمني تحمي حقوق و معطيات المستهلك التونسي.

آخر الأخبار