31.9 C
تونس
21 مايو، 2024
اخبار متفرقة كرة قدم وطنية

صراع  كسر العضام بين الوزارة و الجامعة : هل سيستغل المكتب الجامعي تهديد “الفيفا” أم هو سيناريو درامي قبل المونديال؟

تحقيق نشر يوم الاثنين 31 اكتوبر 2022 في جريدة الرياضية

أميمة الجبالي – الرياضية

يعيش الوسط الرياضي التونسي تحت وطأة الصراع القائم بين وزارة الشباب والرياضة و الجامعة التونسية لكرة القدم منذ فترة طويلة عبر حرب البلاغات و “الكلاشات” بين كمال دقيش وزير الشباب والرياضة و وديع الجريء رئيس الجامعة إذ وصف الوزير الوضع الرياضي “بالمهين” إضافة إلى تدخل المحكمة الدولية “التاس” لفض النزاع المتعلق بهلال الشابة والجامعة, ومنذ أن خاض المنتخب الوطني تربصه الأخير بفرنسا أين واجهت العناصر الوطنية نظيريها القمري والبرازيلي لم يعد رئيس الجامعة وديع الجرئ مع البعثة إلى أرض الوطن.

وقد صدرت يوم الإربعاء 26 أكتوبر 2022 وثيقة عن الاتّحاد الدّولي لكرة القدم، الفيفا، تهدّد فيها بإقصاء المنتخب التونسي من المشاركة في المونديال القطري المرتقب وحتّى حرمان الأندية التّونسية بصفة فورية من خوض منافسات المسابقات الإفريقية نظرًا لما اعتبرته الفيفا من محاولات لتدخّل السّلطات السّياسية في الرّياضة المحليّة عبر التدخل في شؤون الجامعة وعدم احترام استقلاليتها والتهديد بحل المكتب الجامعي لكرة القدم. بل طالب الفيفا المكتب الجامعي بإرسال تقرير مفصّلا عن الوضع في البلاد لتقييم الوضع واتخاذ القرارات المناسبة.

فهل سيستغلّ المكتب الجامعي دخول الفيفا على الخطّ للضّغط على الوزارة وموقفها أم هي مجرّد زوبعة في فنجان ؟

الوزارة تُهاجم الجريء و الفيفا تتوعّد

عُرف وزير الشباب والرياضة كمال دقيش بموقفه المفضوح تجاه المكتب الجامعي ورئيسه وديع الجريء و إقراره الدائم أن هناك سوء تسيير واضح للجامعات الرياضية. خاصة خلال الندوة الاخيرة التي عقدتها الوزارة الشهر الماضي إذ قال دقيش أن الفساد أصبح يطغوعلى هذا القطاع فالبعض يحسب أن المرفق العام هو “ملك السيد الوالد” وقد لاحظنا غياب الحوكمة الرشيدة وأضاف أن تلك الشفافية المزعومة محاكة على المقاس”. على حد تعبيره

واعتبر دقيش أن الجريء ليس بالشخص المناسب في منصب رئاسة الجامعة وأضاف: “ما يستاهلش يكون على رأس هيكل كرة قدم.. نحن فوضنا له المرفق العام فأصبح يناشد التّحكم فينا.. إذ  يتعامل هذا الشّخص مع الأندية بسياسة المقايضة والمحاباة وهذا كلّه موثق” وأكد أنه وجب تطهير هذه المنظومة الّتي ينخرها الفساد, وقال: “إنّ من يتذرّع بالفيفا نعلمه أنّه لا يمكن لأن جهة أجنبية التّدخل في قوانيننا الداّخلية وإلاّ أصبح في ذلك تعدٍ صارح على سيادة الوطن” وأثارت هذه التصريحات جدلا في الفترة الأخيرة مما دفع الإتحاد الدّولي لكرة القدم “الفيفا” إلى مراسلة الجامعة التونسية لكرة القدم للإستفسار و تقييم الوضع الرياضي بعد محاولات التّدخل السياسي في الشأن الرياضي التي رصدتها الفيفا.

وجاء في نص المراسلة، التي تداولتها وسائل الإعلام التونسية، أنه قد لفت انتباه “الفيفا” أن “سلطات الدولة في تونس على ما يبدو تريد التدخل في شؤون وإدارة الجامعة التونسية لكرة القدم، ولا سيما من خلال النظر في حلّ المكتب الجامعي”.

وذكرت الفيفا، في نفس السياق، بأن “الاتحادات الأعضاء فيها ملزمة قانونًا بإدارة شؤونها بشكل مستقل ودون تأثير غير مبرر من أطراف ثالثة”، مؤكدة أن “أي خرق لذلك قد يؤدي إلى عقوبات منصوص عليها في النظام الأساسي للفيفا، والتي قد تصل إلى حد تعليق الاتحاد المعني”، وفق ما جاء في نص المراسلة.

وعقب نشر مراسلة الفيفا قال مسؤول الشؤون القانونية بوزارة الشباب والرياضة التونسية شكري حمدة في تصريحه لإحدى الإذاعات الخاصة إن “وزارة الشباب و الرياضة التونسية لا تهاب ولا تخشى أي تهديد من أي طرف كان سواء كان من الفيفا أو غيرها” و أكد في نفس السياق أن تونس دولة سيدة قرارها و تبجل من يحترم القانون وفق تعبيره , وأضاف حمدة أن قرارات وزارة الرياضة سليمة و مؤسسّة واقعًا وقانونًا.

ويعتبر شكري حمدة أن مراسلة الفيفا موجّهة للجامعة التونسية لكرة القدم وهي المطالبة بالرد على هذه المراسلة وأن وزارة الشباب و الرياضة ليست معنيّة برسالة الفيفا.

وقال حمدة في مداخلته “إن كانت هناك مخاوف ووساوس لدى الجامعة فعليها أن تقدم تقريرها، وعندها لكلّ حادث حديث” ويذكر أن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم قد تلقى بدوره مراسلة الفيفا بخصوص الشأن الرياضي و السياسي في تونس.

 

“المصلحة الوطنيّة فوق الجميع”

قال الصحفي شهاب الرّويسي في تصريحه لجريدة الرياضية أن وزارة الرياضة طالما تتجاهل نفوذ الفيفا في العالم بخصوص القضايا الرياضية ويجب أخذ مراسلات الفيفا وتهديداتها على محمل الجد وقال أنه حتى و ان تمت المصادقة على قوانين داخلية فإنها تخضع آليا للقوانين الدولية بإعتبار أن الهياكل الرياضية في تونس تنضوي تحت الهياكل الدولية. ويعتبر الرّويسي أن المعاهدات و القوانين التي تمضيها تونس على المستوى الدولي أقوى من القوانين المحلية لذلك فإن تجاهل المراسلات الدولية من الفيفا و تهديداتها قد يؤدي الى إقصاء المنتخب الوطني و الأندية التونسية مثلما حدث مع بلدان ذات نفوذ أكبر.

وأضاف الرويسي أن الجامعة ستدحض ما جاء في مراسلة الفيفا و أن المصلحة الوطنية فوق كل شيء وليس من مصلحة الجامعة إقصاء المنتخب من المونديال. كما دعا جميع الهياكل و المؤسسات الى التكاتف والعمل خدمة للمصلحة الوطنية و الإلتجاء إلى القضاء في حال الإختلاف.

ونلاحظ تهم متعددة تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي دون التثبت من صحتها لذلك يجب الالتجاء الى القانون بعد ضبط الأدلة , كما دحض الرويسي تحريض وديع الجريء للفيفا لمراسلة الجامعة و بالتالي الضغط على الوزارة وهو ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عقب تلقي المراسلة.

وأكد الرّويسي أن الفيفا تتابع مستجدات الوضع الرياضي في تونس وخاصة بعد تصريحات الوزير في الندوة الأخيرة و في قناة خاصة و التي وصفها الوزير “بالتصريحات الخطيرة” فإنه من الطبيعي أن تلفت الفيفا النظر للشأن السياسي و الرياضي التونسي بعد أن لقيت التصريحات صدى كبير في الوسائل الإعلامية المحلية والعربية.

وختم الرويسي تدخله بأن هذه الأحداث لن تؤثر على اللاعبين الى حين اجتماعهم قبل شد الرحال نحو تربص السعودية ثم الى قطر لخوض غمار كأس العالم.

ودوّن من جانبه اللاّعب الدّولي السّابق حاتم الطرابلسي معلّقا على المراسلة التي تلقتها الجامعة ,أن رئيس الجامعة يستعمل أسلوب التهديد ضد الوزارة عبر الإتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” على حد تعبيره و كتب ” زوز ماشي في بالهم يفهمو برشة في التكتيك ويعطاو لرواحهم الحق التدخل في التشكيلة ومن يلعب , زوز يهددو فينا واحد بنسيبو والثاني بالفيفا”.

من جانب آخر تعددت المواقف والآراء بين الصحفيين و رواد مواقع التواصل الإجتماعي إذ إستنكر البعض عدم نشر هذه الوثيقة على الموقع الرسمي للجامعة أو الصفحة الرسمية ورغم تلقيها منذ 24 اكتوبر لم يقع تسريب الوثيقة في وسائل الإعلام المحلية إلا يوم 26 اكتوبر مما دفع البعض للتساؤل عن سبب تحفظ الجامعة عن نشر الوثيقة , واتجهت بعض الآراء أن وديع الجريء المتواجد حاليا بفرنسا هو الذي ضغط على المكتب التابع للفيفا (بفرنسا) -باعتبار أن الوثيقة لم تصدر من سويسرا و لم يمضي عليها رئيس الفيفا- لإرسال الوثيقة والتي سيضمن بها الجريء عدم منعه من السفر في حال عودته إلى الأراضي التونسية و عدم حرمانه من التحول مع الوفد الوطني إلى قطر وذلك عبر إثباته أن الفيفا حاضرة دائما لحماية الإتحادات الوطنية و في نفس الوقت ضمان مشاركة النسور في كأس العالم وحماية النوادي التونسية في المشاركات العربية و القارية ليخرج الجريء في “ثوب البطل” على حد تعبيرهم.

تبقى كل هذه التأويلات قراءات متداولة في الوسط الإعلامي خاصة و الرياضي عامة في إنتظار الردود الرسمية من طرف الجامعة التونسية لكرة القدم ووزارة الرياضة.

آخر الأخبار