25.9 C
تونس
15 مايو، 2024
اخبار متفرقة

جاهزية الملاعب تتحدّى إنطلاق الموسم الرياضي..فهل باتت الحلول الترقيعية استراتيجية ؟

الرياضية- وصال القلاعي

دائما ما ترفرف الرّاية التّونسية عاليا في المحافل الرّياضية الإقليمية والدّولية. فالمنتخب الوطني التّونسي سيخوض نهائيات كأس العالم قطر2022 نوفمبر القادم. وهي سادس مشاركة للنّسور في هذا الحدث العالمي والثانية على التّوالي. أمّا أنديتنا فدائما ما تجدها في أدوارٍ متقدّمة من المسابقات القارية وحتى إنّها بلغت منصات التّتويج في مناسبات عديدة وفي كلّ الفروع. الرّياضات الفردية هي الأخرى ساطع نجمها في سماء الرّياضات العالمية وخير دليل على ذلك إنجازات أيقونة التنس العالمي، التّونسية أنس جابر.

كلّها إنجازات ولدت من رحم المعاناة. فللأسف، لا تحظى الرّياضة في تونس بالقدر الّذي تستحقّه من الاهتمام، التّشجيع والإحاطة.

فأكثر ما يضني هذا القطاع هو البنية التّحتية المهترئة. رغم أنّه ورد في دستور الجمهورية التّونسية: الباب الثّاني، باب الحقــوق والحريات، الفصل 50 “تدعم الدولة الرياضة، وتســعى إلى توفير الإمكانيات اللاّزمة لممارسة الأنشطة الرياضيـة والترفيهية”.

ولعلّ أهم تدعيم تحتاجه الرّياضة التّونسية اليوم هو تدعيم بنيتها التّحتية بتوفير المنشآت والفضاءات اللّازمة لممارستها.

لنخوض في موضوع ملاعب كرة القدم بالتّحديد. فقد قرّرت الجامعة التّونسية لكرة القدم برئاسة الدّكتور وديع الجريئ، أنّ عودة نشاط البطولة الوطنية لكرة القدم ستكون يوم 30 سبتمبر 2022 بنظام المجموعتين. وقد تم الاِستغناء عن تقنية الفيديو “VAR” في مرحلة المجموعات لأنّه لا يمكن تجهيز كافة الملاعب بهذه التقنية نظرًا لعدم توفر المواصفات الضّرورية فيها. علمًا أنّ هذه التقنية لم ترى النّور في البطولة التّونسية إلا في مرحلة التّتويج من الموسم الماضي.

والسّؤال الّذي نطرحه في هذا الإطار هو: هل الملاعب التّونسية قادرة على اِحتضان منافسات البطولة ونسقها الجنوني المتوقّع فضلا عن مباريات الفرق المشاركة في المسابقات الإفريقية في تونس؟

مقبرة الغزاة في حاجة إلى إصلاحات

4 ماي 2022 النّجم الرّياضي السّاحلي يعود إلى معقله بعد غياب دام 3 سنوات بسبب الأشغال في ملعب سوسة الأولمبي.

أين خاض مباراة الجولة الثانية من مرحلة تتويج الموسم المنقضي أمام النّادي الرّياضي الصفاقسي.

فرحة عارمة دخلت قلوب مشجّعي فريق جوهرة السّاحل بعودة الحياة إلى مقبرة الغزاة كما يحلو لهم تسميته. إلاّ أنّ تصميم الملعب الجديد، المنقوص، لاقى اِنتقادات لاذعة.

اليوم نحن على أبواب موسم جديد. فهل أولمبي سوسة جاهز لعودة أنصار النّجمة الحمراء إلى أرضه؟

مكرم اللّقام، مسؤول ببلدية سوسة يجيبنا على هذا السّوال. ويقول اللّقام: “الملعب جاهز لاحتضان المباريات واستقبال جماهير النّجم منذ الجولة الأولى للبطولة. لكن هناك تعطيلات إدارية من وزارة التّجهيز. فحتى يتسنّى للبلدية تسلّم إدارة الملعب يجب الإمضاء على وثيقة إتمام المشروع من مكتب المراقبة التّابع لوزارة التّجهيز. لكن هذه الوثيقة بقيت في الرّفوف دون معالجة مدّة 6 أشهر. ولا يمكن للبلدية أن تتولّى القيام ببعض الإصلاحات للملعب حتى يكون قادر على احتضان المباريات إلاّ بموجب إمضاء مكتب المراقبة هذه الوثيقة. وتمّ يوم 15 سبتمبر 2022 بعد الضّغط من طرف الأحباء والبلدية ومسؤولي النّجم الرّياضي السّاحلي ووالي سوسة تسلّم الوثيقة المذكورة وبالتّالي صلاحية القيام بالإصلاحات الضّرورية من طرف البلدية”.

وأضاف اللّقام بخصوص مشكل المدارج أين لا يتمكن بعض الجماهير من مشاهدة مجريات المباراة جرّاء مشكل في التّصميم الهندسي والحاجز الحديدي: “صحيح أننا لسنا أصحاب المنشأة لكنّنا شركاء في المشروع بما أنّنا ساهمنا بالأموال. ونحن نرفض وجود أي إخلالات مهما كانت ويجب تحديد كل المسؤوليات ومعرفة من الّذي تسبب في حدوث أي خلل. البلدية لم تتسلّم الملعب بصفة نهائية فهو باقٍ على ذمة الوزارة مدّة سنة على الأقل. وإنّ أي مشكل هندسي تتحمّل مسؤوليته وزارتي التّجهيز والشّباب أصحاب المشروع الأصليين. مشكل المدارج هو بالفعل مشكل جدّي ويجب حلّه. لذلك نحن بلدية سوسة، على عازمون على التّخلص من أي مشكل في الملعب”.

وصرّح المسؤول البلدي ببلدية سوسة أنّ البلدية تخطّط لإزالة كل الحواجز الحديدية وتعويضها بالحواجز البلورية في كل من المقصورة والمنصّة الشّرفية بعد التّسليم النّهائي للملعب وبعد تحديد المسؤوليات.

“50% نسبة جاهزية الملاعب للموسم الجديد”

الأشغال متواصلة إلى اليوم في ملعب المنزه ومن المقدّر أن يكون جاهزا لاحتضان المباريات سنة 2024 على الأقل.

على غرار زويتن الّذي يحتاج أيضا إلى إصلاحات حتى يعيد فتح أبوابه أمام المباريات من جديد. ومشاكل مرصودة في ملعب الطّيب المهيري بصفاقس علاوة عن محدودية طاقة اِستيعابه مقارنة بجمهور قلعة الأجداد الكبير. حتّى رادس أفضل ملاعب تونس حالاً فيه مشكل جدّي على الأقل في مستوى المدارج الجنوبية تستوجب التّدخل والإصلاح الفوري.. مشاكل جمّة تطال البنية التّحتية الرّياضية في تونس سيما ملاعب كرة القدم ونحن على أبواب موسم جديد واستحقاقات جديدة هامّة.

يقول الصّحفي التّونسي، مجدي السّعيدي، في هذا الصّدد: “تونس تعاني إشكال كبير أو بالأحرى هي أزمة مستفحلة على مستوى البنية التّحتية الرّياضية. فجل الملاعب غير جاهزة وهي تقريبا في حالة كارثية سواء من ناحية مستطيلها الأخضر أو من ناحية هيكلها والمدرّجات أو التّجهيزات الّتي تحتويها.. ولعلّ أبرز دليل على ذلك هو خوض 3 أندية، وهم التّرجي والنّجم والصّفاقسي، مبارياتها الإفريقية، الموسم المنقضي، على نفس الملعب ألا وهو أولمبي حمادي العقربي برادس”.

ويضيف السّعيدي: “لا يمكن القول أنّ ملعب رادس ذو مواصفات عالمية فنحن لم نبلغ العالمية بعد. هو ملعب محترم ومحترم جدًا فقط. فضلا عن جاهزية رادس في تونس لدينا الطّيب المهيري ومصطفى بن جنات في المنستير وربّما أولمبي سوسة بعد تهيئته يمكن اللّعب عليها لكن باقي الملاعب في حالة كارثية فأغلب الأندية لا تجد أن تخوض مبارياتها وحتى أين تجري تدريباتها. وهذه أكثر أزمة تعترض الأندية التونسية والبطولة التّونسية فجاهزية الملاعب حسب تقديري لا تتجاوز نسبة 50%”.

أساسيات التّعشيب غير متوفّرة

نشرت وزارة الشّباب والرّياضة إحصاءات صادرة عن إدارة التّخطيط والتّقييم في جويلية 2022 عن تطور الملاعب المعشبة في كامل تراب الجمهورية. فقد بلغ عدد الملاعب المعشّبة في تونس هذه السّنة 351 ملعبًا منهم 92 ملعب عشب طبيعي و259 لعب عشب اِصطناعي. فيم كان إجمالي الملاعب سنة 2011، 191 ملعبًا فقط.

وترتكز أكثر الملاعب المعشّبة حسب هذه الدّراسة في الوسط الشّرقي أي على الشّريط السّاحلي ب87 ملعب. يليها إقليم تونس الكبرى ب77 ملعب. فالشّمال الغربي مزوّد ب48 ملعب. و39 ملعب مركّزة في الجنوب الشّرقي. أمّا الشّمال الشرقي فيحتوي على 37 ملعب. و36 ملعبًا في الوسط الغربي. وأدناها منطقة الجنوب الغربي حيث لا نجد إلاّ 27 ملعبًا فقط.

علما أنه، وفقا لنفس الدّراسة، هناك 30 ملعب في طور الإنجاز منها 2 عشب طبيعي و28 عشب اِصطناعي. و68 ملعب في طور دراسة مشروع إنجازهم. 64 منها ستكون معشّبة اِصطناعيا و4 ستحظى بعشب طبيعي. ليبلغ مجموع الملاعب الجاهزة والّتي في طور إنجازها والّتي مازالت مجرّد دراسة على الورق معًا 449 ملعبًا.

وللاطّلاع على ما إن كان هناك صيانة لعشب الملاعب أو إعادة تعشيب لبعضها قبل بداية الموسم الجديد، تواصلنا مع رئيس غرفة الأبسطة، غازي عيادي، الّذي قال: “نحن في طور تعشيب بعض الملاعب لكنها لفرق تابعة للأقسام السفلى من البطولة. وإنّ تعشيب الملاعب غير مرتبط ببداية موسم رياضي أو فترة توقف دولي. البلديات هي المسؤولة على الملاعب وهي التي يجب عليها الاستعداد للمواسم الرّياضية بصيانة المنشآت الرّياضية التّابعة لها. وهذا مشكل كبير نعاني منه دائما. فمعظم البلديات لا تقوم بالصّيانة بعد تسلّم مسؤوليات الملعب عن وزارة الإشراف. رغم أنّ الصّيانة ضرورية قبل كل موسم رياضي”.

وأضاف: “معظم البلديات لا تقوم بمهامها تقريبا من بين 200 ملعب في تونس لا يخضع إلا 10 منهم إلى الصّيانة من طرف البلديات. وغرفة الابسطة لا يخول لها التّدخل في الصّيانة إلا بعد تقديم عرض رسمي لها من سلطة الإشراف”.

 

وقال عيادي: “ومن المشاكل الّتي تضني القطاع نجد في المقدّمة عدم سداد أجور المقاولين في الوقت المتّفق عليه. ويصل التّأخير لفترة تبلغ سنتين أو 3 سنوات. حتى إنّه يمكن أن تغلق شركات المقاولات أبوابها ومقاوليها دون أجر.

وتدين الدّولة لنا بما يقارب 10 مليارات من الملّيمات أي مديونية حوالي 40 مشروع من حيث العدد”.

مشيرا إلى أنّ الإجراءات الإدارية الطّويلة تعطّل الكثير من المعاملات وسير الأشغال.

وأضاف العيّادي: “نحن كجهة مفوّضة نعاني من مشكل كبير على مستوى توريد الحبيبات المطاطية. إذ أنّ الدّيوانة التّونسية منعتنا من إدخالها إلى تونس رغم انّنا لا نستردها للحساب الخاص وإنّما لحساب الدّولة. ووزارة الشّباب والرّياضة لا تملك البديل غير الحبيبات المطاطية. لذلك وجب إيجاد حل مشترك بين وزارة الشّباب والرّياضة ووزارة المالية لاستيراد هذه الحبيبات ضمن إطار قانوني”.

وأقرّ غازي عيادي أنّ الديوانة تحجز كميات هامة من هذه المّادة الضّرورية لتعشيب الملاعب، اِصطناعيًا، في الموانئ. وتقدّر الكمية المستوردة للملعب الواحد بست حاويات أي ما يقارب 120 طن من الحبيبات المطاطية. ومن المؤكّد أنّه ستنتشر أخبار توقف الكثير من المشاريع في غضون أسابيع قليلة بسبب تحجير التوريد.

 

“صحيح أنّه هناك تنبيهات إيكولوجية بخصوص اِستعمال هذه المادّة، لكن هذا الأمر ليس من بنات أفكارنا بل هو معمّم في أوروبا وكل أنحاء العالم والدّليل أنّنا نقوم بالتّوريد من أوروبا بالذّات. هناك مواد أخرى تعوّض هذه المادّة لخلق مواصفات العشب والتربة الطبيعية في الاصطناعي، لكن نحن على بعد أميال من استعمالها ولا نقدر إلاّ على الحبيبات المطّاطية في الوقت الرّاهن” هكذا عبّر العيادي عن الحاجة لهذه المّادة رغم نسبة الخطورة الّتي تصاحبها.

 

 

 

آخر الأخبار