لفت اسم حارس المرمى الشاب علي شلبي الاهتمام خلال الأيام القليلة الفارطة نظير ما أقدم عليه بالمشاركة في رحلة هجرة غير نظامية من السواحل التونسية الى ضفة لامبيدوزا..
كان الخبر قادرا على المرور في صمت لولا أن الفاعل الأساسي فيه هو حارس مرمى صاعد في النادي الصفاقسي احتفل للتوّ باجتياز اختبار الباكالوريا..وهي معطيات تجمع الكثير من المتناقضات.
في الأثناء ارتفعت عديد الأصوات معبّرة عن استغراب من هذه المجازفة ل”الفتى شلبي” خاصة أن كل مقومات الاستقرار موجودة رياضيا وأكاديميا، لكن ما تغافل عنه الكثيرون هو ما أدلى به هذا الحارس الواعد الذي قال في تصريحات له انه ملّ المحاباة بعد أن عانى التهميش كرويا وسيبحث عن أفق أرحب وجديدة دراسيا ورياضيا في ايطاليا اثر تلقيه دعوات للاختبار هنالك ولكن الجهات التونسية رفضت منحه التأشيرة.
ما يحصل ليس سابقة عن الهجرة القسرية التي انتهجها البعض مع اختلاف الأوضاع والحيثيات ومن المشاهير نذكر أمين اللطيفي وهيثم الجويني وأحمد الحران والعربي الماجري الذين اختلفت ظروف فرارهم والتقوا عند نقطة العودة الى تونس لاحقا لتتفاوت درجات النجاح في مسيراتهم..كما أن عديد الأبطال في الرياضات الفردية في تونس انتهجوا نفس السبل في “الحرقة” باستغلال كل استحقاق رياضي يُجرى في الضفة الشمالية من المتوسط..
الأجدى والأنفع للباحثين والمهتمين هو أن يغوصوا في الأسباب التي دفعت بفتيان يافعين الى انتهاج هذه التكتيكات..فرياضتنا مليئة بالأساليب الملتوية وهي “غير نظامية” وتطغى عليها الحسابات والولاءات مما يفرز آليا الشعور بالقهر ويدفع للانسحاب الصامت..وهنا مكمن الاشكال..فمتى تعافى المشهد الرياضي بكلّ تفرعاته من الأساليب الملتوية وساد مبدأ العدالة الرياضية والاستحقاق للأكفاء فحينها ستزول كل الشوائب ولن يضطر الأبطال الى المغامرة بمصائرهم في مدّ وجزر بين أمواج عاتية..