14.9 C
تونس
22 نوفمبر، 2024
غير مصنف

محمد الساحلي : ضحيّت بعديد العروض بحثا عن جدية المشروع الرياضي واستمراريته

يعدّ محمد الساحلي من أبرز الوجوه التدريبية في كرة القدم التونسية لقاء الصعود الجليّ في أسهمه بالنظر للمحطات الفنية القيّمة التي مرّ بها من راد سالزبورغ الى منتخب النمسا للأصاغر فنادي فولسفبرغر حيث شارك معه خلال مناسبتين في اليوروبا ليغ.
وخلال هذه المساحة، حاورت الرياضية محمد الساحلي عن أفقه التدريبية القادمة وواقع كرتنا وبعض التفاصيل المتصلة بما توفّر له من عروض مؤخرا..تابعونا:
– في البداية يتساءل الكثيرون عن سرّ اختفاء محمد الساحلي خلال الفترة الأخيرة عن الواجهة بلا تعاقدات؟
فعلا، التزامي باتمام الديبلوم التدريبي الأعلى في أوروبا وهي اجازة “اليويفا برو” جعلني أبتعد نسبيا عن الأضواء..ونحن الأن في مرحلة متقدمة من التكوين تفرض التفرّغ التام للحصول على ما يؤهلني لأكون مدربا أول في أوروبا..ولكن في أثناء ذلك توصلت ببعض المقترحات في المنتخب التونسي وهذا شرف كبير  لشخصي وكذلك نواد جزائرية وكنت من ضمن المقترحين في أجندا الأهلي المصري..وحتما فان العودة ستكون على أسس متينة لتدعيم الصورة والرصيد الذي كوّنته سابقا.
– لكن ما يتفق حوله البعض هو أنك تستغرق كثيرا من الوقت لمناقشة كل التفاصيل، ألا يعتبر ذلك عائقا أمام تعاقد أي مدرب كان؟
صحيح، علاوة على تكويني للحصول على الديبلوم فلا أخفي سرا أني رفضت بعض المقترحات نظرا لغياب الضمانات في الجانب الرياضي..محمد الساحلي يرفض التدريب لمجرد التعاقد وملء السيرة الذاتية فأنا أبحث عن مشروع رياضي يوفر مستندات النجاح وهذا ما جعلني مثلا أتحمس لجسّ النبض من الأهلي المصري قبل شهرين تقريبا..ولكن القادم أفضل فأنا بصدد تدرس مقترحات هامة للغاية مع مدرب عالمي في أوروبا والثابت أن الأمر لن يتأخر كثيرا.
– مادمنا نتحدث عن الديبلوم، ما تعليقك على الاشكالات التي لاحقت عددا من الفنيين التونسيين وجعلتهم عاطلين بالضرورة راهنا..ألا ترى اجحافا في المقاييس؟
صحيح أن الأمر عطّل عديد التعاقدات للمدربين التونسيين وخصوصا في دوريات الخليج العربي، لكن دعنا نكون واقعيين فكرة القدم علم متحرك منفتح يوميا على التطور وهذا ما يجبر الكوتش على المواكبة..الأمر ليس بدعة ، انظروا لما حصل مع غالتيه في باري سان جيرمان حيث تم تعطيل نيل الترخيص لغيابه عن دورات الرسكة..وهذه المقاييس صارمة في أوروبا وهي في خدمة المدرب ولا أظن أننا أفضل حالا من كبار المدربين المنفتحين على الرسكلة المستمرة.
– لاحظنا مؤخرا التفاتة في كرتنا للمدربين المستقرين بالمهجر، ما تفسيرك لذلك وللتعطيلات السابقة؟
صحيح، هنالك جانب كبير مما يحصل قد يعود لغياب الاهتمام الاعلامي جزئيا، فخطّ مسيرة المدرب في أوروبا لفني تونسي ليس سهلا..هذا ليس مجرد كلام للاستهلاك بل هو واقع معاش ويرتبط بتضحيات عدة لنجني الثمار ولكن الجمد لله فقد حصلت نقلة نوعية بقدوم عدد من الزملاء الى تونس واظهار مؤشرات النجاح وسندعم ذلك..سأتحدث عن تجربة شخصية، فأنا خريج مدرسة سالزبورغ القوية تدريبيا وصدّرت عدة مدربين مشاهير كماركو روزه وعدة فنيين الى فرق بارزة كلشبونة وليدز وفولسبورغ في دفعة تقدّر ب17 مدربا ومع ذل فاني مازلت أنتظر فرصتي وشعاري هو الاجتهاد والعمل وليس انتظار الهدايا..ولكن في المجمل ألحظ اهتماما جميلا من الجماهير والاعلاميين في تونس بما نقدمه وهذا يخدم في نهاية المطاف كرة القدم التونسية.
الرسكلة ضرورية وسيناريو مدرب باريس جيرمان يثبت أن المجاملة غائبة في أوروبا
– لو حصلت مفاضلة لك بين تجربة تدريبية عربية أو أوروبا ، ماذا تخيّر راهنا ؟
المدرب يبقى رهين العروض في السوق ومنفتحا على كل الفرضيات..ولكن دون شك نبقى منجذبين نحو تجارب عربية ان توفرت ضمانات العمل المحترف ولهذا فان الميل يكون راهنا نحو الدوريات الأوروبية التي تشجع فرقها المدربين بشكل جليّ وتمنحه الفرصة والتوقيت لبسط أفكاره والعمل.
– لننتقل الى الدوري النمساوي حيث تكونت، ما تبريرك للغياب المطلق للاعبين التونسيين؟
يجب أن نضع الأمور في اطارها ، بطولة النمسا أشبّهها بالبرتغال وبلجيكيا وهي بوابة القادمين من افريقيا أو الصف الثاني في أوروبا  نحو بطولات التوب فايف..هنالك نماذج قوية مثل نابي كايتا وهالاند وماني وغيرهم، ولكن اللاعب التونسي لا يقبل التضحية للأسف ويفكر مباشرة في الجانب المادي (وان كان هذا حقه) ولكن عليه بتفادي حرق المراحل وسيأتي كل شيء تباعا..ولذلك أتمنى شخصيا مزيد بروز عيسى العيدوني في المجر قبل التوقيع في دوري أقوى.
– اذن كيف تقدّم العوائق التي تحول دون بروز اللاعب التونسي أوروبيا؟
المشكل أساسا كما أوردنا غي غياب مفهوم التضحية مقارنة بدول الجوار ومختلف بطولات القارة الافريقية..صحيح أن اللاعب التونسي قوي تكتيكيا ولكن البقية يفوتونه بالجاهزية البدنية والذهنية والاصرار..لذلك يجب مراجعة هذه الجوانب.
الأمر يعود أساسا الى ضعف التكوين في مختلف الجوانب المذكورة ولا بدّ من تخطيه بالاجتهاد والمثابرة لافتكاك الفرصة التي لا تهدى.
– لاحظنا عودة تونسية في فرقنا نحو المتكونين في المهجر فما تعليقك؟
هذا أمر يسعدني وكما حلّ البعض بمنتخبنا والبطولة التونسية فان هنالك نجاحات خارجية مثل ما ينجزه مهدي النفطي..وهذا دليل كفاءة جعل المسؤولين في كرتنا يلجؤون الى هذا الحل وهو نيشان نفتخر به لأننا نسعى في النهاية الى خدمة بلدنا وكرتنا كلّ من موقعه..
مهمة منتخبنا ليست مستحيلة في المونديال وهذا ما يجب تحقيقه
– لننتقل الى المنتخب..ما قراءتك لقرعة المونديال؟
في الحقيقة تبدو صعبة عند متابعة 3 مدارس مختلفة وتجتمع في القوة لدى منافسينا..
تابعت فرنسا والدنمارك عن كثب مؤخرا وأعتقد أن المنتخب الفرنسي قيمة ثابتة وقوته تكمن في امتلاك “الدوبلير” في عدة مراكز وهو ما يجعله مرشحا قويا..كما ان منتخب الدنمارك يعد منظما ومتوازنا وقوته في اللحمة الجماعية ومهارة المدرب وهو النجم الأبرز وأعتقد أن منتخب الدنمارك سيكون مراهنا جديا وصامتا بلا ضجيج في المونديال القادم..
محترفونا مطالبون ببعض التضحيات..والعيدوني قادر على خطّ مسيرة كبيرة
– هل يعدّ هذا اعترافا منك بانعدام فرص منتخبنا في العبور؟
لا، ليس هذا القصد ..الرهان سيحسم على الميدان وليس نظريا والأهم أن نكون في قمة الجاهزية خلال المقابلات وأن نسعى لضمان 4 نقاط قبل ملاقاة فرنسا وأظن ذلك متاحا لنسور قرطاج..
المفتاح سيكون في الجاهزية البدنية والعدالة في ضبط القائمة والاختيارات وأنا متأكد من هذا الجانب لدى زميلي جلال القادري فهو مدرب كفء ومميّز أخلاقيا وأتمنى حقيقة التألق لمنتخبنا، فالرياضة هي متنفسنا الوحيد خلال هذه الصعوبات والدليل ما تصنعه أنس جابر وتداعياته القوية على التونسيين.
– لننظر حاليا الى قراءاتك للتنافس محليا..هل تعتقد أن الخارطة قد تشهد تغييرا في بطولتنا العام القادم؟
شخصيا لا أعتقد ذلك، الوضع الخانق لكبار البطولة ماديا واداريا سيكون مؤثرا وسيحدّ من اشعاعهم دون شك ولذلك أعتبر أن الترجي يمتلك أفضلية نسبية عن البقية بعد الانتدابات الحاصلة وان كانت تستوجب التعزيز اذا أراد الفريق المراهنة على الزعامة القارية..
شخصيا أنتظر موسما للتأكيد من الاتحاد المنستيري الذي يبدو مستقرا كما ان مؤشرات الملعب التونسي توحي بموسم واعد..
أتوقع أفضلية هذه الفرق في بطولتنا خلال العام القادم
– لنختم بمجال الانتدابات في كرتنا..ما تفسيرك للفشل الطاغي على تعاقدات أغلب الفرق؟
أعتقد أن الأمر مرتبط بجانبين أولهما مادي حيث تقلصت المقدرة الشرائية مقارنة بفرق بطولات الجوار وكذلك الخليج العربي ثم الأهم هو فشل الكاستينغ.
في أوروبا نجد الكشّافين المختصين الذين ينتدبون اللاعب بعد متابعة دقيقة وتنسيق مع المدرب واختياراته وتصوراته الفنية..ولكن في تونس فان اللاعب يسبق المدرب في أغلب الأحيان..
مهنة المدرب تبدو شاقة في تونس نظرا لظرف العمل وأحيانا فان التعاقدات لا تتماشى مع فكره وتبدو مبنية على متابعة بعض الدقائق في أقراص مضغوطة وفيديوهات دون متابعة للاعب داخل الميدان وخارجه وفي حجرات الملابس ولا اجراء دراسة لشخصيته ان كانت قيادية أم هدامة صلب المجموعة..
يجب الاجتهاد وتطوير طرق العمل للقطع مع الفوضى وحينها سيأتي النجاح دون شكّ..
آخر الأخبار