الرياضية – هاني ابراهمي
كانت الفرصة ملائمة لتحتضن تونس نهائيات كأس أمم افريقيا لأقل من 23 عاما (منتخبات أولمبية) خلال سنة 2023 والتي ستكون مؤهلة إلى مسابقة كرة القدم في أولمبياد باريس سنة 2024، لكن يبدو أن العلاقة المتوترة بين وزارة الشباب والرياضة والجامعة التونسية لكرة القدم قد تسببت بشكل مباشر في ضياع هذه الفرصة الذهبية على كرة القدم التونسية، حيث منح الإتحاد الإفريقي لكرة شرف التنظيم للمغرب بعد أن تأخرت تونس في تقديم ملفها بشكل رسمي .
وبغض النظر على من يلقى اللوم في وضعية الحال، فإن الخاسر الأكبر من ضياع تنظيم هذا الحدث الهام الذي سيمنح تونس أفضلية الأرض والجمهور هو المنتخب الوطني بما أن شرف التنظيم كان قد يقربه من بلوغ الأولمبياد للمرة الأول منذ سنة 2004.فهل حرمت تونس من تنظيم كان أقل من 23 عاما أم أن البعض قصر في حق هذا البلد جراء ارتهانه الى المزاج والحسابات الشخصية؟
سؤال يجيب عنه اللاعب الدولي السابق للنادي الإفريقي والملعب التونسي حمدي المرزوقي في حديثه مع الرياضية حيث يقول انه بغض النظر عن المتسبب في ضياع هذه الفرصة بين الوزارة والجامعة، فكرة القدم التونسية وبلدنا هما المتضرران من هذا، مضيفا أن تونس لم تنظم منذ سنوات عديدة محفلا قاريا بهذا الحجم حيث أنها كانت فرصة ستفيد البلاد اقتصاديا ورياضيا وهو أمر مهم لمستقبل اللعبة ككل في بلادنا.
ويؤكد المرزوقي أن كل ما يقال من هنا وهناك ليس مهما بقدر الكشف عن المتسبب في ضياع هذه الفرصة التي وضفها بالثمينة، وهنا يكمن مربط الفرس، متسائلا في الآن ذاته عن كل ما يحصل في رياضتنا من عشوائية وسوء تخطيط وهو أمر جعلها تتأخر مقارنة بالدول المجاورة والافريقية بصفة عامة.
كما يشدد محدثنا على أن الصراعات الشخصية وبين وزارة الإشراف وأحد الجامعات المنضوية تحتها أصبح أمرا مضرا جدا لكرة القدم التونسية وهاهو يفتك بفرصة كانت ستعيدنا إلى العالمية.
واختتم المرزوقي كلامه بالإشارة إلى أن الجيل الشاب للمنتخبات الوطنية في الوقت الحالي يتضمن لاعبين مميزين وذوي امكانات فنية محترمة جدا وكان من الممكن الاستثمار فيه جيدا لأولمبياد باريس 2024، لكن اليوم بعد أن ضمنت المغرب تنظيم هذه الكأس الافريقية فإن حظوظ منتخبنا قد تتضاءل وتهتز .
تراجع لوجيستي
ويقول اللاعب الدولي السابق للنجم الساحلي طارق الزيادي في تصريحه للرياضية ان الفشل أو عدم تقديم الملف الرسمي لتنظيم هذه الكأس الافريقية هو نقطة جديدة تعود بنا للوراء بعد أن كنا سباقين في تنظيم عديد التظاهرات الرياضية على غرار الألعبا المتوسطية وكأس أمم افريقيا سنة 2004 بالإضافة إلى التظاهرات العالمية في كرة اليد وكرة السلة وغيرها من الرياضات، كما أن تونس كانت من أفضل البلدان في النواحي التنظيمية حيث تحظى بلادنا بثقة كبيرة من الهياكل الرياضية سواء القارية أو الدولية من هذه الناحية وهو ما يزيد من بشاعة ما يحصل سواء كان في الرياضة أو غيرها من المجالات بالنسبة لتونس.
ويأمل الزيادي في أن يذوب الجليد بين الجامعة والوزارة وخاصة بين شخصي الوزير ووديع الجريء لكي تتمتع الرياضة وكرة القدم التونسية على وجه الخصوص بتكاتف كل الأطراف للعودة الى توهجها واشعاعها مشيرا في الآن ذاته إلى أن المنشآت الرياضية والبنية التحتية في تونس في تراجع كبير منذ سنوات وهو أمر يعود طبعا لتشتت الجهود أو انعدامها أحيانا من طرف القائمين على الشأن الرياضي في تونس متمنيا أن يغلّب المسؤولون والسياسيون مصلحة الوطن قبل الأشخاص، حيث يقر أن الفرصة الآن متاحة للاتفاف حول المنتخبي الأول الذي سيشارك في أكبر محفل كروي عالمي، كأس العالم فيفا قطر 2022.
وأعرب الزيادي عن استيائه الشديد من عدم تمكن تونس من تنظيم هذه المسابقة التي كانت ستكون فرصة لا مثيل لها لكي يشارك منتخبنا في الأولمبياد، مشددا على أنه لا يمكن الجزم بالمتسبب بين الطرفين (الوزارة والجامعة) في خسارة هذه الفرصة التي قد لا تعوض .
الجامعة فاتها القطار والوزارة ترد بقوة
ويقول الصحفي وليد قرفالة في تصريحه للرياضية ان تنظيم هذه الكان كان تقريبا مطمحا لكافة بلدان شمال افريقيا، لكن مكانة تونس ونفوذها وقوتها صلب الإتحاد الإفريقي لكرة القدم يبدو أنها في تراجع ملحوظ نظرا بسبب سيطرة “اللوبي” المصري المغربي داخل أروقة الكاف مع الحالة الحالية للبنية التحتية الرياضية السيئة بصفة عامة في تونس فلن تقوى بلادنا عن مجابهة امكانات البلدان المنافسة من هذه الناحية .
وأضاف قرفالة أن العلاقة المتوترة جدا بين الطرفين المشرفين على كرة القدم في تونس اليوم (الوزارة والجامعة) والعراقيل التي يختلقها كل منهما للآخر، وهو ما جعل من الجامعة غير قادرة على اقناع الكــاف بتنظيم هذا الحدث خاصة أن الجامعة لم تكن مسنودة من الدولة لكي تحظى بثقة القائمين على شون كرة القدم الافريقية وبالتالي حصل ما حصل.
وعبّر قرفالة عن استغرابه من عدم تحرك رئاسة الجمهورية ممثلة في شخص الرئيس لفض هذه الإشكاليات العالقة بين الوزارة والجامعة أو دعوتهم للجلوس على طاولة واحدة وفض كل المشاكل وهو أمر زاد الطينة بلة باعتبار أن رئاسة الجمهورية تعي جيدا حقيقة العلاقة بين الطرفين وتدرك بشكل لا يشوبه أي شك أن المسألة لن تحل بين ليلة وضحاها.
ويؤكد وليد قرفالة أن الملف الرسمي لاحتضان مثل هذه التظاهرات يجب تجهيزه منذ سنوات عن الأجل المحدد مع ضرورة دراسته والتفاف كل هياكل الدولة حوله، وهو ما لم يحصل بتاتا بل أن الجامعة راسلت الوزارة بعد أشهر عديدة جدا من فتح باب التشرحات من قبل الإتحاد الإفريقي لكرة القدم.
كما أشار قرفالة الى أن تونس للم ننظم منذ فترة طويلة أي حدث كروي اقليمي بسبب الخلافات التي كانت دائما تطفو على السطح بين الجامعة والوزارة حتى عندما تقلد وزراء آخرون منصب الوزير قبل كمال دقيش، على غرار أحمد قعلول وطارق ذياب وماجدولين الشارني وماهر بين ضياء وغيرهم حيث كان لوديع الجريء خلافات مع جلهم وهو أمر واضح .
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الشباب والرياضة شكري حمدة في تصريحه للرياضية ان الإتحاد الافريقي لكرة القدم قد أعلن عن فتح باب التشرحات لاحتضان كأس أمم افريقيا لأقل من 23 عاما المقررة سنة 2023 منذ يوم 10 سبتمبر 2020، لكن الجامعة تقدمت بمطلب لدعمها من قبل الوزارة لتقديم ملف استضافة هذه الكان يوم 21 فيفري 2022 حيث طالبت بمنحها 10 مليارات من المليمات في إطار دعم الملف التونسي وطلبت من الوزارة اجابتها في ظرف أسبوع رغم أن دراسة مثل هذه الملفات تحتاج أشهرا عديدة على الأقل كما هو معمول به في كافة دول العالم .
وأضاف حمدة بأن المطلب جاء بعد حوالي 17 شهرا من فتح الكاف لباب التشرحات كما أنه لم يتضمن ملفا كاملا ودقيقا وفنيا وماليا وهو أمر تعتبره وزارة الشباب والرياضة غير جدي بالمرة واصفا الجامعة التونسية لكرة القدم بالجامعة غير الجدية واعتبرها قد تصرفت بشكل غير مسؤول.
وأكد شكري حمدة أن الجامعة كان عليها الاتصال بالوزارة منذ أن فتح الكاف باب الترشحات في سبتمبر 2020 وكان عليها تقديم ملف جدي ومتكامل منذ ذلك الحين وهو أمر لم يحصل إلا في 21 فيفري 2022 أي قبل أسبوع من غلق باب التشرحات من قبل الإتحاد الإفريقي.
وشدد شكري حمدة على أن الوزارة ليس لديها أي مشكلة مع أي جامعة وأن “الوزارة وهي سلطة الإشراف في مكان، وكل الجامعات في مكان آخر” وأن تطوير الرياضة التونسية من مسؤولية كل الأطراف وكل من موقعه الخاص “مع احترام المقامات والأدوار ويبقى دائما تنظيم أي بطولة هي مسؤولية دولة وليست جامعة” مضيفا أنه لا يمكن تنظيم أي تظاهرة من قبل أي جامعة مهما كانت دون موافقة الدولة وهو أمر معمول به في كافة دول العالم وتعيه جميع الجامعات، وفق تعبيــره.
واختتم الناطق الرسمي لوزارة الشباب والرياضة كلامه بأن الوزارة لم تجب الجامعة ولم تحرك ساكنا في هذه الوضعية لأن “الصمت أحيانا هو أكثر تعبير” وأن الوزارة لو أجابت الجامعة كانت ستفعل صلاحيتها تجاهها مؤكدا في الآن ذاته أن الوزارة قادرة على تفعيل تلك الصلاحيات في أي وقت كان، في رسالة واضحة .
واتصلت الرياضية بأكثر من عضو في المكتب الجامعي لكرة القدم (المغربي والذيب وموقو) للتعرف على موقف الجامعة من هذا الموضوع ككل لكن يبدو أن القائمين على شؤون كرة القدم التونسية يتحاشون الخوض في هذا الموضوع، حتى الآن على ما يبدو…