الرياضية – هاني ابراهمي
أصدرت الجامعة التونسية لكرة القدم في الأيام الماضية جملة من القرارات منها التقليص في عدد اللاعبين الأجانب من 6 على أرضية الميدان لكل فريق إلى 4 فقط وهو ما يعني ضرورة حضور 7 لاعبين تونسيين على الأقل في تشكيلة كل فريق في الرابطة المحترفة الأولى، ليكون ذلك بمثابة التراجع عن القانون الذي سنته الجامعة منذ سنتين باعتبار لاعبي بلدان شمال افريقيا كعناصر محلية.
هذه الخطوة يعتبرها البعض قد جاءت لأسباب فنية حيث يسعى المكتب الجامعي لمنح فرص أكثر للعب والبروز للاعبين التونسيين بينما قد يعتبر شق آخر أن هذا القرار قد تم اتخاذه لأسباب مالية بحتة ولتقليل عدد الشكايات التي يرفعها اللاعبون الأجانب ضد الأندية في كل موسم خاصة مع تأزم الوضع المالي لعدد كبير من الأندية على غرار الافريقي والصفاقسي والنجم وغيرهم الذين أثقلت خطايا الفيفا كاهلهم..
ويبقى السؤال المطروح في هذا الصدد هو، هل أن قرار التقليص في عدد الأجانب ببطولتنا جاء لأسباب فنية أم لدواع مادية ورفقا بالأندية ؟
أسباب فنية
سؤال يجيب عنه المدرب محمد المكشر في حديثه مع الرياضية حيث يتصور أن هذا القرار جاء لأسباب كروية بحتة على اعتبار أن مستوى البطولة التونسية ككل قد أصبح متوسطا للغاية بسبب تواضع الإمكانات الفنية للاعبين الأجانب الذين حطوا الرحال في تونس خلال السنوات القليلة الماضية وخاصة منهم لاعبو منطقة شمال افريقيا الذين بلغوا ثمانية لاعبين في تشكيلة فريق واحد خلال بعض المباريــات خاصة في النجم والترجي وبدرجة أقل النادي الافريقي والنادي الصفاقسي في الموسمين الفارطين.
ويضيف المكشر بأنه كان من أول المعارضين لقانون لاعبي شمال افريقيا حين تم اصداره من طرف الجامعة التونسية لكرة القدم لأنه يحول دون بروز اللاعبين التونسيين وخاصة الشبان وهم بمثابة ثمار مراكز التكوين التي تملكها الأندية مشيرا إلى أن اللاعبين الشبان خاصة في سن الثمانية عشرة والتاسعة عشرة يحتاجون لمنحعم الثقة مع فريق الأكابر فإن مُنحت تلك الفرصة للاعبين الأجانب فستخسر الأندية أبناءها بشكل أكيد وهو ما يضر بكرة القدم التونسية على والأندية على المدى المتوسط والطويل.
كما توجه المدرب السابق للعين السعودي بالشكر للإدارة الفنية للجامعة التي أصلحت وتداركت الخطأ الذي وقعت فيه منذ سنتين باصدار قانون لاعبي شمال افريقيا بفضل التراجع عنه في الوقت الحالي واصفا القرار الجديد بالخطوة الجيدة التي ستعيد قيمة اللاعب التونسي وستساعد في انتداب لاعبين أجانب ذوي قيمة فنية محترمة، ضاربا مثال السنوات السابقة التي كان فيها عدد الأجانب لا يتجاوز الثلاثة لاعبين في تونس وحينها كان مستوى البطولة مميزا، مشددا في الآن ذاته على أن السبب الرئيسي وراء عدم وصول الأندية التونسية للأدوار المتقدمة في المسابقات الإفريقية في الأعوام القليلة الماضية هو تواضح المنتدبين الأجانب مقابل عدم منح الفرصة للاعبين المحليين.
ويقول المدرب الأسبق للنادي البنزرتي مختار الطرابلسي في تصريحه للرياضية ان هذا القرار محمود لعدة أسباب لعل أبرزها استفادة لاعبي شمال افريقيا وخاصة الجزائريين في السنتين الماضيتين سواء ماديا أو رياضيا حيث انضم أغلبهم إلى المنتخب الجزائري في مقابل عدم بروز أسماء كثيرة من اللاعبين التونسيين، واصفا القرار السابق من الجامعة باعتبار لاعبي شمال افريقيا لاعبين محليين بالـعشوائي .
ويؤكد الطرابلسي أن إتخاذ القرار الجديد بالبتقليص في عدد الأجانب وإلغاء قانون لاعبي شمال افريقيا أنه جاء لأسباب فنية في المقام الأول وسيسمح للأندية بالتركيز أكثر في انتداب اللاعبين الأجانب مما يسمح لهم باستقدام لاعبين ذوي قيمة فنية ويسطيعون في في مرحلة ثانية تسويقهم كما أنهم سيصبحون قادرين على الإعتماد على لاعبين تونسسين ومنحهم فرصة البروز، خاصة أنه في وقت ما كانت عديد الأندية تعتمد على الجزائريين كلاعبين أساسيين متطرقا إلى مثال خط دفاع الترجي الذي كان تقريبا كله من جنسية جزائرية (بدران، الشتي، توغاي..) .
ويؤيد الطرابلسي القرار الجديد للجامعة حيث يعتبره في صالح لأندية من الناحية المادية كذلك حيث سيمكنها من تجنب بعض الشكاوى خاصة من اللاعبين الجزائرين كما هو الحال في الموسم المنقضي كحسين بن عيادة الذي قدم قضية بالنجم الساحلي ولاعبين آخرين.وتطرق مختار الطرابلسي لشرط ان يلعب اللاعب عددا محددا من المباريات الدولية لكي يتمكن من الإمضاء لفائدة فريق تونسي وهو قرار تم إلغاؤه مؤخرا .وختم محدثنا تصريحه بالإشارة إلى أن القرارين الصادرين عن الجامعة سيكونان في صالح الأندية من الناحية المادية بما أن انتدابهم للاعبين الأجانب سيكون وفق معايير معينة وهو ما سيحد من الانتدابات العشوائية التي لا فائدة منها.
ويقول الإعلامي بديع بن جمعة في حديثه مع الرياضية أن التقليص في عدد الأجانب قد تكون له نتائج سلبية على الأندية التونسية خاصة منها التي تسعى للمنافسة على المستوى الإفريقي والعربي لأن بطولتنا تفتقد للاعبين الشبان ذوي الخصال والقيمة الفنية المميزة مما يسمح لهم بتعويض الأجانب ويعود ذلك لضعف التكوين في السنوات الأخيرة وهو أمر قد يولد بعض المشاكل، فالترجي على سبيل المثال نافس على المستوى الافريقي وتوج بالألقاب بفضل القيمة الفنية القيّمة للاعبيه الأجانب.
ويوضح بن جمعة بأن إلغاء شرط خوض الاعب لمباريات دولية مع منتخب بلاده لتأهيله للعب مع الأندية التونسية سيضر أكثر بالأندية فتصبح قادرة على انتداب أي لاعب مهما كانت قيمته الفنية على الميدان وهو ما يفتح المجال أكثر للانتدابات العشوائية والغير مدروسة.
ويستبعد مقدم برنامج “C Sport plus” أن يكون هذا القرار قد اتُّخذ لأسباب مادية ولحماية الأندية من الشكاوى التي يرفعها ضدها اللاعبين الأجانب بل يشير إلى أن هذا القرار لن تكون له منفعة واضحة وكبيرة على كرة القدم التونسية مؤكدا أن الحل لتحسين مستوى كرتنا هو التركيز على تكوين الشبان والعمل على تطويرهم ودفعهم للإحتراف في سن مبكرة خاصة باتجاه القارة الأوروبية.
كما تطرق بن جمعة إلى قانون لاعبي شمال افريقيا الذي اعتمدته الجامعة في السنتين الماضيتين وقال انه ليس هو الحل الأنسب لتحسين واقعنا الكروي لأن أي لاعب أجنبي سينتمي لفريق تونسي سيساهم في خلق تنافسية أكثر مع اللاعبين التونسيين متطرقا إلى مثال كارلوس كيروش الذي نصح المصريين بالتقليص في عدد الأندية في الدرجة الأولى عوضا عن تقليص عدد اللاعبين الأجانب لتطوير واقع كرة القدم هناك في مصر..
رفق بالأندية
ويقول الزميل الصحفي لبيب الصغير في حديثه مع الرياضية ان هذا القرار قد جاء في الوقت المناسب من طرف الجامعة التونسية لكرة القدم خاصة أن عدد الأجانب قد تكاثر في المواسم الأخيرة ببطولتنا في حين كانت اضافتهم ضئيلة في أغلب الأندية والتجارب كانت فاشلة في المجمل كما ترتب عنها عديد الشكاوى والقضايا في أروقة الفيفا ومنهم حتى بعض اللاعبين الذين شاركوا لدقائق معدودة أو لم يشاركوا أصلا في مباراة رسمية مع أنديتهم أصبحوا يطالبون بالملياريات بعد فترة قصيرة وهو ما كبد الأندية عديد الخسائر .
ويعود ذلك وفق محدثنا إلى سوء التصرف الإداري وجهل بالقوانين من طرف المسؤولين وحتى الاستهتار، وهو جعل من أغلبهم دون قيمة البطولة التونسية وجاؤوا فقط لسد الفراغ في بعض المراكز وكان اللاعبون الجزائريون أكثر المستفيدين ماليا ورياضيا كذلك.ويشدد الصغير على أمله في أن يكون قرار التقليص من عدد اللاعبين الأجانب في بطولتنا دافعا هاما لمنح الفرصة للاعبين المحليين الذين يملكون مستوى طيبا عموما مما سيجعلهم يتطورون بخوض المباريات ويكونون جاهزين للإحتراف وأيضا لتعزيز صفوف المنتخب الوطني التونسي الأول .
ويؤكد لبيب الصغير أن هذا القرار سيكون بصفة عامة مفيدا للأندية التونسية كلها باستثناء الترجي ربما الذي ينافس كل موسم على لقب رابطة الأبطال وسيكون في نقص من ناحية الاجانب مقارنة بعمالقة القارة السمرا، بينما سيكون الافريقي والنجم والنادي الصفاقسي مستفيدين باعتبار أنهم يمرون بصعوبات مادية وهو ما سيعزز من فرص اعتمادهم على لاعبيهم الشبان واللاعبين المحليين بشكل عام، مشيرا إلى أن القرار ايجابي لكن يجب على الجامعة التونسية لكرة القدم أن تصر وتحرص على تطبيقه بحذافره من قبل جميع الاندية دون استثناء .
ويصف المحامي المختص في القانون الرياضي أنيس بن ميم في حديثه للرياضية قرار الجامعة بالتقليص في عدد الأجانب، يصفه بإعادة النظر في عدم احتساب اللاعب الشمال افريقي بصفة خاصة كلاعب محلي وفق رؤية فنية معينة وبالتالي نزع تلك الصفة عن الأشقاء الجزائريين بدرجة أولى والليبين بدرجة ثانية وأيضا حذف شرط خوض المباريات الدولية للاعبين بالتالي من الممكن أن نرى لاعبين من جنسيات مختلفة في تونس كاللاعبين البرازيليين والارجنتينيين والكولمبيين وغيرهم الذين تكون منتخباتهم تضم ترسانة من النجوم العالميين وبالتالي لن يتسنى للاعبين أخرين ممتازين فنيا خوض مباريات دولية.
ولا يعتقد بن ميم أن هذا القرار سيكون له أثر واضح على الأندية من ناحية تقليص عدد الشكاوى والخطايا التي يتسبب فيها اللاعبون الأجانب، حيث يعتبر أن بعض الأندية تملك عددا كبيرا من اللاعبين الأجانب ولم تقع أية مشاكل معهم من الناحية المادية وهو نفس الأمر بالنسبة للاعبين التونسيين.وتطرق بن ميم لمثال الدوري السعودي الذي تم الترفيع فيه في عدد الأجانب ولكنه لم يكن عاملا سلبيا بل على العكس، فالبطولة السعودية تعتبر أقوى بطولة عربية والمنتخب السعودي تأهل لكأس العالم ويعد أحد أقوى المنتخبات الآسيوية في السنوات الماضية .
ويعتقد بن ميم أنه بعد هذا التقليص ستكون الأندية مطالبة أكثر بجلب لاعبين معينين ويقدمون الإضافة بشكل فوري وهو أمر ايجابي بعد مراجعة قانون لاعبي شمال افريقيا.