الرياضية – هاني إبراهمي
طفت الأزمة الروسية الأوكرانية على سـطـح الأحداث في مختلف بلدان العالم في الأيام القليلة الماضية وهو ما جعل عددا من الرياضيين السابقين والمشهورين يعترضون على ازدواجية المعايير وسياسة “الكيل بمكيالين” التي يتعامل بها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” مع منظوريه من أندية ولاعبين ومدربين وغيرهم، وذلك بعد فرضه عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، مقابل تجاهله لما فعله ويفعله حاليا الكيان الصهيوني منذ احتلاله فلسطين واعتدائه على الدول العربية المجاورة بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وكان الإتحاد الدولي لكرة القدم قد نشر بيانا الأسبوع الماضي قال فيه إن جميع الفرق والمنتخبات الروسية ستحرم من المشاركة في جميع المسابقات الرياضية حتى إشعار آخر.
أبو تريكة ومواقفه الإنسانية
ومن أول الشخصيات التي كشفت مواقفها من هذا الملف السياسي الرياضي هو نجم كرة القدم المصرية السابق محمد أبو تريكة الذي انتقد “الفيفا” بقوة إذ قال في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر “قرار منع الأندية الروسية والمنتخبات من المشاركة في كافة البطولات لازم يكون معه منع مشاركة الأندية والمنتخبات التابعة للكيان الصهيوني لأنه محتل ويقتل الأطفال والنساء في فلسطين منذ سنين ولكنكم تكيلون بمكيالين”
ولم يكن هذا هو الموقف الوحيد لأبو تريكة في مثل هذه القضايا بل أنه رفض المشاركة في مباراة ودية مع نجوم العالم كانت مقررة في سبتمبر 2014، بدعوة من بابا الفاتيكان، بسبب مشاركة اللاعب الصهيوني “يوسي بنايون”، واكتفى في تعليقه بالقول آنذاك: “نحن نربي أجيالاً”.
ولم يفلت أبو تريكة أي فرصة ليبين فيها مواقفه من القضايا الإنسانية وخاصة القضية الفلسطينية حيث أن له مواقف أخرى عديدة منها أيضا أنه أظهر قميصا داخليا يكشف فيه تضامنه مع فلسطين في عز الاعتداء على غزة عندما كان لاعبا وتحديدا في كأس أمم إفريقيا سنة 2008 في مباراة مصر أمام السودان.
عمر كانوتي مدافع دائم عن القضية الفلسطينية
وتضامن نجم كرة القدم المالية السابق فريديريك عمر كانوتي مع فلسطين على مرأى من كل العالم سنة 2008 خلال العدوان على غزَّة عندما سجَّل هدفاً واحتفل به بإظهار قميص يحمل كلمة فلسطين، ولم يكتف هذا النجم بكلمة فلسطين باللغة العربية، وهو الذي يتكلّم اللغة الفرنسية، بل كتبها بالعديد من اللغات لتصل إلى كل العالم لكي ينظر إلى العدوان على غزَّة والظلم الذي يُعانيه أهلها.
ولم يُبال لمعاقبته من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بغرامة تقدر بحوالي 3 آلاف يورو بسبب موقفه هذا، بل أكَّد أنه سيُدافع عن فلسطين حتى النهاية، ثم أكَّد لاحقاً في 2012 بعد اعتزاله وأثناء العدوان على غزَّة بأنه كان سيُظهر قميصاً عليه كلمة فلسطين مُجدَّداً لو كان لا يزال في الملاعب رغم العقوبة التي تعرَّض لها.
هذا وقد استمرّ تعلّق كانوتي بفلسطين وهذه المرة عندما أعلن تضامنه مع لاعب كرة القدم والأسير الفلسطيني محمود السرسك الذي كان مُضرباً عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله لفترة طويلة من دون محاكمة، وحينها ندَّد كانوتيه باستمرار الاعتقال التعسّفي للسرسك وطالب بإطلاق سراحه وذلك من خلال تغريدة نشرها على حسابه الرسمي “تويتر” ومُجدَّداً بأكثر من لغة لكي تجوب العالم وتلقى تفاعلاً.
نجوم كرة القدم العرب يتبنون القضية باحتشام
وبالإضافة إلى أبو تريكة وكوناتي اللذان أصرّا عن الدفاع عن القضية الفلسطينية غير آبهين بغول الفيفا فإن بعض اللاعبين الآخرين قد ساندوا وتعاطفوا مع هذه القضية سابقا خاصة منهم العرب المسلمون، ولكن بصفة تبدو محتشمة بعض الشيء وذلك قد نتفهمه، لخوفهم عن مسيرتهم ومكانتهم في أنديتهم العالمية التي تلزمهم بالتقيد بقوانين الاتحادات الدولية لمختلف الرياضات.
ومن بين هذه الشخصيات الكثيرة نذكر اللاعب المغربي أشرف حكيمي ومجموعة كبيرة من اللاعبين الجزائريين والمصريين كذلك كمحمد النني ومحمد صلاح ورياض محرز وغريهم، إضافة إلى نادي قادش الإسباني الذي غرد منذ حوالي سنة بحرية: “قلوبنا وأرواحنا مع أهل فلسطين. اللهم انصر أهل فلسطين وكن لهم عوناً”.
وتعرض العديد من الرياضيين في شتى أنحاء العالم وخاصة العرب منهم إلى عقوبات قاسية سلطتها مختلف الهياكل الرياضية العالمية ضد كل من يقف رياضيا مع القضية الفلسطينية سواء ماديا أو شفويا ويصل الأمر إلى حد التوقيف في بعض الأحيان.
و نرى هذه الأيام تضامنا من دول واتحادات رياضية بأكملها مع أوكرانيا على الرغم من أن عدد الضحايا لا يقل عن أولئك الذين لقوا حتفهم في مجازر غزة المحتلة وحروبها ضد دولة الاحتلال، فهل أصبحت الرياضة مسيسة وهل الدعم والتضامن أصبح يقتصر على دول معينة دون غيرها ؟