19.9 C
تونس
23 نوفمبر، 2024
غير مصنف

عبث يحيط بمنتخبنا في الكامرون : فوضى صحية وتنظيمية ومظاهر غير عادية.. فمن يتحمّل المسؤولية؟

الرياضية – مراد الربيعي

1 شاهد التونسيون دورا أول كارثيا في الكان الذي عبر  خلاله المنتخب بثلاث نقاط من فوز وحيد ضد موريتانيا وهو فوز لا يمكن اعتباره مقياسا حقيقيا بالنظر لضعف مستوى المنتخب الموريتاني الشقيق بينما خسر المنتخب ضد مالي في الجولة الأولى وهي التي سنواجهها في الدور الحاسم من التصفيات المؤهلة لكأس العالم قطر 2022 ثم خسر في آخر جولة ضد غامبيا بطريقة دراماتيكية محبطة جعلتنا نلعب ضد نيجيريا في الدور ثمن النهائي.

الخسائر الكروية والمردود السيء الذي ظهر به المنتخب الوطني في الدور الأول رافقتهما تفاصيل غريبة على رأسها دون أدنى شك تفشي فيروس كورونا ليغيب عدد كبيرامن اللاعبين دونا عن المنتخبات الأخرى التي لعب أغلبها بصفوف مكتملة وغاب بعض اللاعبين الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة عن منتخبات أخرى بينما لعب المنتخب مباراة غامبيا منقوصا من 12 لاعبا ثم لعب مباراة نيجيريا أمس منقوصا من أغلبهم مع المدرب الأول منذر الكبير الذي أصيب هو أيضا بالفيروس رفقة طبيب المنتخب سهيل الشملي ومدرب الحراس الشاذلي المبروكي واخصائي العلاج الطبيعي ليكون ذلك مشهدا غير عادي لم يسبق أن حصل لأي منتخب آخر في بطولة كبيرة.

ولم يقتصر الأمر فقط على الرقم القياسي من الإصابات بفيروس كورونا دونا عن المنتخبات الأخرى بل تابعنا أيضا مشاهد غريبة على رأسها إضاعة ثلاث ضربات جزاء في ما بدا أنه غياب كامل للتنسيق بين اللاعبين وعجز عن اختيار المسددين الجيدين لضربات الجزاء حتى تندر البعض بأن ما يحصل في المنتخب في ضربات الجزاء هو ما يحصل في المباريات في الأحياء الشعبية حين يسدد ضربة الجزاء اللاعب الذي تحصل عليها.

 وشاهدنا أيضا مشاكل بين اللاعبين وتصرفات غريبة كان آخرها المناوشات التي وقعت بين سيف الدين الجزيري وحنبعل المجبري بعد نهاية مباراة غامبيا التي شهدت طردا للحارس الاحتياطي فاروق بن مصطفى بين الشوطين بعد تصرف غير مسؤول منه رغم أنه لا يوجد حارس غيره على البنك.

وبعيدا عن مآل نتيجة مواجهة نيجيريا والمشاركة عموما، فان كل هذه الظروف والمشاهد تجمعت مع بعض في الدور الأول ليكون السؤال الأول الذي يطرح هو بم يمكن تسمية كل ما شاهدناه بغرابة ثم بعد ذلك من هو المسؤول عما حصل؟ وهل أن لما يحدث في تونس علاقة ألقت بظلالها على الأجواء المحيطة بالمنتخب؟

فوضى صحية وأشياء غريبة

لم يستطع النائب السابق لرئيس جامعة كرة القدم ماهر السنوسي في حديثه مع الرياضية إخفاء دهشته من كم الإصابات بفيروس التي ضربت لاعبي المنتخب الوطني ورغم وجود إصابات في منتخبات أخرى إلا أن ما حصل مع لاعبي المنتخب الوطني يختلف كليا وعدد اللاعبين المصابين بالفيروس كان كبيرا.

 وتساءل السنوسي عن الاحترافية التي يفترض أن يمتلكها  لاعبو المنتخب لكن لم يظهر منها أي شيء لأن ما حصل يطرح تساؤلات وشكوكا حول احترام البروتوكول الصحي من عدمه ووجود فوضى صحية لا يمكن إخفاءها تحتاج توضيحات من المسؤولين عن المنتخب والجامعة لفهم كل ما حصل لأن من حق التونسيين أن يفهموا الأسباب التي جعلت فيروس كورونا يتفشى في الوفد التونسي عكس البعثات الأخرى.

ويصف المدرب الوطني السابق إسكندر القصري في حديثه للرياضية الوضع الذي أحاط بالمنتخب في الدور الأول بالفوضى الاستثنائية وغير المسبوقة والتي تطرح عدة تساؤلات من الناحية الطبية مع توالي الإصابات بفيروس كورونا وهو ما يؤشر إلى عدم وجود احتياطات صحية وتوقي من اللاعبين كان له تأثير على التحضيرات الخاصة بالمباريات وتوازن المنتخب والجانب البدني والذهني خاصة حيث بات اللاعبون يلعبون وهم خائفون من الإصابة بالفيروس لذلك كان يجب أن يكون هناك حرص أكبر من المسؤولين.

ووقف القصري أيضا عند الاشكال الذي حصل بين سيف الدين الجزيري وحنبعل المجبري والذي لم يكن يجب أن يحصل لأن الاحترام بين اللاعبين يجب أن يكون هو الأساس خاصة في هذا المستوى العالي وتلك المناوشات تظهر العكس تماما دون نسيان ما فعله حمزة المثلوثي ووهبي الخزري عندما سجلا ضد موريتانيا في الجولة الثانية بينما خرج الحارس الاحتياطي فاروق بن مصطفى بالورقة الحمراء ضد غامبيا وتبعه المدرب منذر الكبير وهذه كلها مؤشرات فوضى لا يمكن تجاهلها.

وانتقد اللاعب الدولي السابق للنجم الساحلي والنادي الإفريقي فريد شوشان التنظيم الإداري والطبي للمنتخب الذي بدأ بصفر حالة كورونا قبل أن يحطم الأرقام القياسية في عدد الإصابات خلال الدورة حتى دورها الأول.

 وشدد شوشان على أن الواضح هو أنه لم يكن هناك تجهيز وتحضير للتوقي من فيروس كورونا ولم يتم أخذ الاحتياطات اللازمة لذلك وضعنا أنفسنا في مأزق عكس منتخبات أخرى عانت في البداية من بعض الإصابات لكنها عرفت كيف تجاري الأمر وتتجاوزه بإجراءات صحية صارمة لكن مع هذا فإن الخسارة ضد غامبيا بتلك الطريقة رغم غياب ثلاثة أساسيين فقط يؤكد وجود جوانب غير عادية تحصل في المنتخب في الكاميرون أثرت على الأجواء العامة.

وأضاف شوشان أن غياب التنظيم ووجود تداخل في الأدوار وتسيب كبير كانت مظاهره واضحة لدى المنتخب وتجلى ذلك في غياب أي نظام في تنفيذ ضربات الجزاء وفي تدخل مسؤولين على دكة البدلاء لتقديم نصائح فنية للاعبين في مشهد غريب يوضح تماما ما يحدث في المنتخب.

ويصف الزميل الصحفي بإذاعة موزاييك اف ام حيدر الشارني في حديثه للرياضية الوضع الذي ظهر عليه المنتخب بغير العادي بتاتا خاصة أن منتخب موريتانيا موجود في نفس فندق إقامة المنتخب الوطني ولم تكن له إصابات بفيروس كورونا ثم جاءت المناوشات بين سيف الدين الجزيري وحنبعل المجبري لتلقي الضوء على الجو العام داخل المنتخب وتظهر وجود أشياء غريبة.

مسؤولية جماعية

مع الاتفاق على أن ما شاهدناه في دور المجموعات بعيدا عن نتائج المنتخب هي فوضى ظاهرة للعيان هناك اتفاق أيضا على أن المسؤولية جماعية في كل ما حصل حيث يتحمل كل طرف جزءا من المسؤولية وهنا يحمل ماهر السنوسي المسؤولين عن المنتخب والوفد مسؤولية الوضع الصحي الصعب معتبرا أنه كان يجب التعامل بصرامة أكبر وأن على المسؤولين تقديم توضيحات شافية للتونسيين حول سبب تفشي فيروس كورونا دون نسيان دور اللاعبين الذين يفترض انهم محترفون على أعلى مستوى ويعرفون جيدا طرق التوقي من العدوى وضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة ، أما الجزء المتعلق بفوضى ضربات الجزاء فيحملها السنوسي للاطار الفني والمدرب متسائلا حول غياب ترتيب واضح لمنفذي ضربات الجزاء أو على الأقل هذا ما كان باديا للعيان.

ويحمل فريد شوشان أيضا مسؤولية الفوضى الصحية للمسؤولين عن المنتخب الموجودين في الكامرون لأنهم لم يتخذوا أي إجراءات واضحة للتوقي من عدوى الفيروس بل إن هناك أخبار تفيد أن مسؤولا من الجامعة هو من تسبب في نقل العدوى لجميع اللاعبين وأعضاء الوفد أما ما شاهدناه من تسيب فوق الميدان فهو مسؤولية مشتركة بين المدرب الذي كان عليه أن يمسك زمام الأمور بشكل أقوى واللاعبين الذين أظهروا تسيبا كبيرا.

لا تأثير للوضع العام في تونس

قد يرى البعض أن الفوضى المتفق عليها والتي شاهدناها لدى المنتخب على جميع المستويات في الكامرون هي نتاج طبيعي لبلد يعرف فوضى منذ سنوات لكن ماهر السنوسي الذي سافر مع المنتخب كثيرا عندما كان نائب رئيس جامعة لا يرى ارتباطاً بين هذا وذاك مؤكدا أن المنتخب بلاعبيه واطاره الفني عندما يشاركون في دورة كبيرة فإنهم ينقطعون عن العالم ويكونون في شبه عزلة مركزين على الدورة وبالتالي لا علاقة بين الوضع العام في تونس وما رأيناه في الكامرون مع المنتخب.

ولا يبتعد رأي إسكندر القصري كثيرا فبالنسبة له، فان لاعبي المنتخب بعيدون آلاف الكيلومترات ويتوجه تركيزهم نحو كأس أمم إفريقيا ولديهم مهمة يقومون بها بينما الوضع التونسي المتواصل منذ سنوات على جميع الأصعدة بات معتادا لدى اللاعبين الدوليين الناشطين محليا ولا يهم كثيرا من يلعب ويعيش في أوروبا وبالتالي لا وجود لأي تأثير أو ارتباط.

ولا يريد فريد شوشان أن يتم التركيز على تفاصيل جانبية والايهام بأن فوضى المنتخب من فوضى تونس لأن الحقيقة أنه لم يتم تحضير الدورة كما يجب على جميع المستويات وبالتالي ما تابعه كل التونسيين من أحداث غريبة هي نتاج طبيعي للتحضير السيء ولو كان الوضع التونسي يؤثر لكان أثر في منافسات أخرى لعب فيها المنتخب الوطني وآخرها كأس الفيفا للمنتخبات العرب التي وصل فيها للمباراة النهائية.

آخر الأخبار