الرياضية – مراد الربيعي
بينما يستعد المنتخب الوطني الأول لكرة القدم لبدء مغامرته في كأس أمم إفريقيا التي انطلقت أمس الأحد في الكامرون، لم تكن الفترة الماضية على مستوى الأجواء المحيطة بالمنتخب في المستوى المطلوب بعد تكرر مظاهر العلاقة المتوترة بين الجامعة التونسية لكرة القدم ووزارة الشباب والرياضة وعلى رأسها الوزير كمال دقيش بل وحتى النظام الحالي الذي يسيّر الدولة التونسية.
وكانت البداية بتعمد رئيسة الحكومة نجلاء بودن استقبال لاعبي المنتخب الوطني بعد عودتهم من قطر والوصول لنهائي كأس الفيفا للمنتخبات العربية دون استقبال رئيس الجامعة أو أي ممثل عنها، بينما حضر وزير الشباب والرياضة كمال دقيش وكانت تلك رسالة أولى تؤكد أن رئيس الجامعة وديع الجريء لم يعد مقبولا لدى من يديرون الدولة ثم جاءت حادثة قطع الكهرباء على الملعب الفرعي لملعب حمادي العقربي برادس قبل اول حصة تدريبية للمنتخب في إطار التحضيرات التي تسبق السفر إلى الكامرون والتبريرات التي ساقها رئيس الحي الوطني الرياضي طارق الفرجاوي والتي لم تكن مقنعة للكثيرين لتزيد في تفاقم الأزمة أكثر.
وبينما هدأت عاصفة هذين الحدثين جاء المعطى الأبرز وهو رفض الإفراج عن الشحنة التي تحوي ملابس المنتخب والتي بقيت محتجزة في الديوانة بسبب رفض الوزارة اعفاءها ضريبيا لتبدأ حرب البيانات في الأيام الماضية حيث اعتبرت الوزارة في بلاغها أن على الجامعة دفع المعاليم الديوانية إذا أرادت الحصول على ملابس المنتخب الوطني بينما ردت الجامعة بأنها تتمتع بإعفاء ضريبي منذ سنوات طويلة مثل كل الجامعات الرياضية.
وبينما كان هذا تلخيصا لكل ما حصل في الفترة الماضية إلا أن تزامن هذه الأحداث مع استعداد المنتخب الوطني للسفر إلى الكامرون جعل الكثيرين يقولون إن الوزارة لم تراع في تصرفاتها العدائية تجاه الجامعة مصلحة المنتخب الذي سيكون المتضرر الأول بسبب التوتر الموجود في أجوائه وكذلك حرمانه من أزيائه بل وروّج أعضاء جامعيون لهذه الفكرة بينما اعتبر آخرون أن الجامعة ورئيسها يحاولون استغلال المنتخب من أجل التهرب من تطبيق القانون وضرب وزير الشباب والرياضة في آن واحد بتعلة أن المتضرر من اي استهداف للجامعة أو رئيسها هو المنتخب الوطني لتصبح هناك معادلة صعبة يمكن للكفة أن تميل فيها للجانبين.
ضرر فعلي على المنتخب
السؤال الذي يطرح هنا هو هل أن كل ما حصل مؤخرا له تأثير على الجو المحيط بالمنتخب الوطني وهو يستعد للمشاركة في كأس أمم إفريقيا ام لا؟ سؤال يجيب عنه رئيس مستقبل سليمان وليد الجلاد في حديثه مع الرياضية بالتأكيد على أن ما قامت به وزارة الشباب والرياضة مؤخرا يبدو مفتعلا وسيتأثر به المنتخب الوطني دون أدنى شك وهو ضغط سلبي تم وضعه من الوزارة على المنتخب وشدد جلاد على أنه يتمنى أن يكون باستطاعة وفد المنتخب من لاعبين واطار فني ومرافقين أن يحوّلوا هذا الضغط السلبي إلى دافع لهم ويحولوا الضعف إلى قوة تدفعهم نحو تحقيق النتائج التي يريد الشعب التونسي مشاهدتها.
وقال جلاد إن ما حصل لم يكن في وقته أبدا وليس له أي مبرر ووزارة الشباب والرياضة عوض إصدار بلاغات من هنا وهناك كان عليها أن تعمل بكل طاقاتها مع الديوانة التونسية ورئاسة الحكومة من أجل تسوية ملف ملابس المنتخب حتى يحس اللاعبون أن هناك دعما سياسيا لهم لكن من الواضح أن الوزارة اليوم باتت في عداوة معلنة مع الجامعة على حساب مصلحة المنتخب بل ولم تعد قابلة أصلا بوجود لعبة كرة القدم.
ويستنكر وزير الشباب والرياضة السابق أحمد قعلول في حديثه مع الرياضية كل ما حصل مؤخرا، بداية بما حدث من استقبال رئيسة الحكومة نجلاء بودن للاعبي المنتخب وتغييب رئيس الجامعة وديع الجريء مرورا بطريقة قطع الكهرباء عن الملعب الفرعي لملعب حمادي العقربي برادس وسياقة رئيس الحي الوطني الرياضي لتبريرات غير مقنعة أبدا ولم تشف غليل الرأي العام وانتهاء بأزمة الملابس المحجوزة وكل هذا حصل في وقت تألق فيه المنتخب في كأس العرب ووصل للنهائي وأظهر روحا كبيرة كانت تستوجب دعم هذا المنتخب الذي وحد التونسيين حوله لكنه عاد إلى تونس ليجد العكس تماما.
وشدد قعلول على أن الوزارة والمسؤولين لم يوفروا شيئا للمنتخب وعرقلوه مما من شأنه أن يؤثر على اللاعبين لكنهم سيكونون الأوائل الذين يستقبلون المنتخب إذا حقق نتائج جيدة في كأس أمم إفريقيا وكل هذا بسبب خلافات مع جامعة هي الوحيدة التي لديها مداخيلها الذاتية وميزانية كبيرة وليست عالة على الدولة بل تحرك جزءا من الاقتصاد التونسي لذلك عوض اعفائها كما يقول القانون كان هناك تعامل معها بطريقة متشفية بينما يجب لوم وزير الشباب والرياضة كمال دقيش ووزيرة المالية لأنهما لم يحاولا إيجاد حل وحرموا لاعبي المنتخب من أزيائهم وهم المتضررون الوحيدون مما حصل.
ويؤكد رئيس لجنة المسابقات في الجامعة التونسية لكرة القدم أمين موقو للرياضية أن الأجواء تعكرت بعد ما حصل وأصبحت مشحونة بعض الشيء لكن الجامعة حاولت قدر الإمكان أن تعزل اللاعبين والاطار الفني عن كل ذلك وسعت لتوفير كل الظروف لهم رغم العراقيل التي تم وضعها والتي لا يمكن أن يتضرر منها سوى المنتخب وهذا يجعل بالإمكان على الوفد التونسي أن يتجاوز سريعا تأثيرات كل الضجة التي حصلت ويركز على الملعب وفي الكان للعودة بالنتيجة المطلوبة.
المنتخب وسيلة ضغط لدى الجريء
لكن في المقابل يوجد رأي يعتبر أن كل ما يدور حول تضرر المنتخب من استهداف وزارة الشباب والرياضة للجامعة ووديع الجريء مبالغ فيه للغاية ومحاولة للضغط من الجريء حتى يعكس الهجوم على الوزارة مستغلا المنتخب وهو رأي يعبر عنه الزميل الصحفي سامي العكريمي الذي يقول للرياضية إن المسألة ليست جديدة فمنذ وقت طويل يحاول وديع الجريء إستغلال المنتخب والضغط به متعمدا إظهاره في ثوب المتضرر الأول وهو لا يضغط بهذا فقط على الوزارة حتى يتفادى تطبيق القانون أو المحاسبة بل وأيضا على الرأي العام والجمهور التونسي الذي لا يهمه سوى رؤية المنتخب يتألق ويحقق نتائج جيدة، ولأن رئيس الجامعة يعتبر المنتخب ملكه الخاص فهو يحاول الايهام بأن أي استهداف له هو ضرب للمنتخب بينما كان الحل سهلا وهو أن يدفع ما يتوجب عليه للديوانة ويحصل على أزياء المنتخب لكنه حاول أن يوجه ضربة للوزير ويورّطه مع الرأي العام بتعلة أن الوزير يقف ضد مصلحة المنتخب.
واعتبر العكريمي أن المنتخب بات رهينة لدى وديع الجريء يستعطف به الناس ويحاول أن يضغط به على القرار السياسي كلما اشتد الخناق حوله لأنه يدرك أن القرار السياسي اتخذ في شأنه وهو انتهى وبقي فقط أن يتحرك القضاء لمحاسبته لذلك هو يلوح في كل مرة بورقة أن المنتخب هو المستهدف والمتضرر وهذا غير صحيح لأن ما حصل مؤخرا لن يؤثر على المنتخب وأجواءه. وبينما يؤكد نائب الرئيس السابق في النادي الإفريقي صالح الثابتي في حديثه معنا أن هناك حربا خفية بين الجامعة والوزارة باتت معروفة في الشارع التونسي وخلافا يتفاقم يوما بعد يوم ويمكن أن يتأثر منه المنتخب الوطني وكان يجب أن لا يحدث إلا أنه يعود على أزمة ازياء المنتخب ليشدد على أنها موجودة منذ ثلاث سنوات وتلقى المكتب الجامعي الرد عليها منذ وقت طويل لهذا فإن اثارتها للموضوع في هذا الوقت بالذات غير مفهوم ومريب والجامعة لا يمكنها التمتع بامتياز جبائي لأن القانون 272 من مجلة الديوانة لم ينقح والهبة تعطى مرة كاستثناء لا بشكل دوري ثم إن هناك عقد إشهار بين الجامعة والمزود.. والجامعة هنا أرادت لعب دور الضحية ورهنت المنتخب بينما كان يفترض أن تكون الملابس جاهزة لكل الفترة القادمة ولا تبقى لآخر وقت كما حاولت الجامعة الايهام وأضاف الثابتي أن المسؤول الذي لا يستبق الأحداث ولا يجهز حلولا بديلة ليس مسؤولا إذ لا يعقل قبل أيام قليلة من الكان أن تطلب الجامعة الإفراج عن ملابس المنتخب وحتى لو تجاوبت وزارة الرياضة فإن الديوانة لن تتجاوب لأنها تتبع وزارة أخرى ثم إنه من غير المعقول الايهام بأن وزارة الشباب والرياضة عطلت ملابس المنتخب مما يعرضه للضرر.