35 C
تونس
12 أغسطس، 2025
كرة قدم وطنية

ملعب ڨابس بعد الجولة الأولى إذا لم نصلح ملاعبنا فلن نصلح كرتنا

انطلقت الرابطة المحترفة الأولى لموسم 2025/2026 وسط ترقب جماهيري كبير، خاصة مع عودة الفرق الكبرى إلى المنافسة، وعلى رأسها الترجي الرياضي التونسي، بطل الثلاثية المحلية، الذي واجه مستقبل ڨابس في الجولة الافتتاحية. لكن ما شدّ الانتباه لم يكن الأداء الفني، ولا نتيجة المباراة، بل كان المشهد الصادم لأرضية ملعب ڨابس، التي ظهرت في حالة كارثية لا تليق لا برياضة ولا بمدينة لها تاريخ كروي عريق.

أرضية الملعب… بين الإهمال والعبث

منذ اللحظات الأولى للمباراة و في لقاء منقول تلفزيا، بدا واضحًا أن أرضية ملعب ڨابس لا تصلح حتى لتدريبات فرق الهواة. الحفر، التصدعات، بقع الرمال، وانعدام التناسق في العشب، كلها عناصر جعلت من الملعب أقرب إلى ساحة مهجورة منه إلى فضاء رياضي محترف.
المباراة التي جمعت الترجي بمستقبل ڨابس لم تكن فقط ضعيفة فنيًا، بل كانت مهددة صحيًا، نظرًا لخطورة الأرضية على سلامة اللاعبين. كيف يمكن أن تُجرى مباراة رسمية في بطولة وطنية على أرضية بهذا الشكل؟ أين وزارة الرياضة؟ أين الجامعة التونسية لكرة القدم؟ أين بلدية ڨابس؟ أين المسؤولية؟

صيف بلا صيانة… ووعود بلا تنفيذ

الغريب أن ملعب ڨابس لم يشهد أي مباراة رسمية منذ أكثر من شهرين، ما يعني أن هناك وقتًا كافيًا لأشغال التهيئة والصيانة. لكن الواقع يقول إن لا شيء تم فعله. لا إعادة زرع، لا تسوية، لا تجهيزات، لا حتى تنظيف بسيط.
و في بلد يُفاخر بتاريخه الرياضي، ويُراهن على تطوير البنية التحتية، كيف يُترك ملعب بهذا الحجم في هذه الحالة؟
هل ننتظر إصابة خطيرة للاعب حتى نتحرك؟ هل ننتظر فضيحة دولية حتى نُصلح ما أفسده الإهمال؟

انعكاسات فنية على اللاعبين

اللاعبون من الفريقين بدوا مترددين خائفين من الإصابات، التمريرات كانت غير دقيقة، التحركات محدودة، واللعب الجماعي شبه غائب. كيف يُمكن للاعب أن يُبدع على أرضية غير مستقرة؟ كيف يُمكن للمدرب أن يُقيم أداء لاعبيه في ظروف غير طبيعية؟
و حتى الجماهير، التي حضرت بأعداد محترمة، شعرت بالإحباط. لم يكن هذا ما انتظرته من افتتاح الموسم.
الملعب قتل الحماس، وأهان اللعبة.

مسؤولية الجامعة و السلطات المحلية

الجامعة التونسية لكرة القدم تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية. كيف تُعتمد ملاعب غير صالحة؟ أين لجان المراقبة؟ أين التقارير الفنية؟ هل تم تقييم جاهزية ملعب ڨابس قبل انطلاق الموسم؟ وإذا تم، فهل تم التغاضي عن حالته لأسباب غير رياضية؟
أما السلطات المحلية، من بلدية ڨابس إلى المندوبية الجهوية للشباب والرياضة، فهي مطالبة بتوضيح موقفها.
لماذا لم تتم الصيانة؟ هل هناك مشاكل مالية؟ هل هناك تقصير إداري؟ أم أن الأمر لا يعنيهم؟

غضب جماهيري… ومطالب بالإصلاح

على مواقع التواصل الاجتماعي، انفجر غضب جماهيري واسع. صور أرضية الملعب انتشرت بسرعة، وتعليقات التوانسة كانت قاسية، لكنها صادقة “ملعب ڨابس عار على الكرة التونسية.” “كيفاش نحبوا ننافسوا إفريقيا وإحنا نلعبوا في ملاعب كيما هاذي؟” “وين الميزانية؟ وين المسؤولين؟”
الجماهير لا تطالب بالمستحيل، بل تطالب بأبسط شروط اللعب النظيف. ملعب صالح، أرضية محترمة، تجهيزات أساسية. هل هذا كثير؟
و في دول إفريقية مجاورة، مثل المغرب والجزائر، أصبحت ملاعب الفرق الصغرى مجهزة بعشب طبيعي أو صناعي ممتاز، ومدرجات محترمة، وإنارة حديثة. أما في تونس، فحتى ملاعب الرابطة الأولى تُشبه ملاعب الأحياء.
فهل يُعقل أن نُراهن على تطوير الكرة التونسية، ونحن لا نملك ملاعب تُحترم؟
هل يُعقل أن نُشارك في بطولات قارية، ونُستقبل الفرق الأجنبية في ملاعب تُسيء لصورتنا؟

أين الميزانية وأين الرقابة؟

كل سنة، تُخصص الدولة ميزانيات ضخمة للرياضة، وتُعلن عن مشاريع صيانة وتجهيز. لكن أين تذهب هذه الأموال؟
هل هناك رقابة؟ هل هناك متابعة؟ هل هناك محاسبة؟
ملعب ڨابس ليس حالة فردية، بل هو نموذج لملاعب كثيرة في تونس، تُعاني من الإهمال، وتُستخدم رغمًا عن حالتها.
المال موجود، لكن الإرادة غائبة.
و بعض اللاعبين عبّروا عن استيائهم، وإن كان ذلك بشكل غير رسمي. المدربون أيضًا يشتكون من صعوبة تطبيق الخطط التكتيكية على أرضيات غير مستقرة.
كيف نُطوّر الأداء، ونحن نلعب في ملاعب تُعيق اللعب؟
حتى الحكام يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات دقيقة، بسبب ارتداد الكرة غير الطبيعي، أو تعثر اللاعبين في مناطق غير متوقعة.

ملعب ڨابس… جرس إنذار

ما حدث في الجولة الأولى من الرابطة المحترفة الأولى ليس مجرد حادث عرضي، بل هو جرس إنذار. إذا لم نُصلح ملاعبنا، فلن نُصلح كرتنا.
إذا لم نحترم شروط اللعب، فلن نحترم اللعبة نفسها.
ملعب ڨابس يجب أن يكون بداية نقاش وطني حول البنية التحتية الرياضية. و يجب أن نُحاسب، ونُصلح، ونُعيد الاعتبار للرياضة التونسية، التي تستحق أفضل من هذا بكثير.

آخر الأخبار