عاد البطل العالمي أحمد الجوادي إلى تونس يوم الثلاثاء، محمّلاً بإنجاز تاريخي في بطولة العالم للألعاب المائية التي احتضنتها سنغافورة. الجوادي، الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، أهدى تونس ميداليتين ذهبيتين في سباقي 800 متر و1500 متر سباحة حرة، في واحدة من أبرز المشاركات التونسية على الساحة العالمية خلال السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن الاستقبال الذي حظي به في مطار تونس قرطاج لم يكن في مستوى الحدث، بل كان صادمًا ومثيرًا للدهشة.
ففي الوقت الذي كانت فيه الجماهير تنتظر استقبالًا رسميًا يليق ببطل عالمي، خرج الجوادي من المطار دون أي حضور من وزارة الشباب والرياضة، لا صالة شرفية، لا مراسم، ولا مسؤول واحد في انتظاره. فقط عدد محدود من الصحفيين وبعض المحبين الذين جاؤوا ليعبروا عن فخرهم بهذا الإنجاز. الجوادي، الذي قضى أكثر من أربع عشرة ساعة في السفر من سنغافورة إلى إسطنبول ثم تونس، اكتفى بتصريح مقتضب قال فيه: “بارك الله فيكم… محبة كبيرة، لكنني مرهق.”
هذا المشهد أثار موجة من الاستياء في الأوساط الرياضية والإعلامية، وطرح تساؤلات جدية حول طريقة تعامل وزارة الرياضة مع أبطال تونس ممن رفعوا رايتها عاليا في المحافل الدولية. كيف يمكن أن يعود بطل عالمي إلى وطنه دون أن يجد من يستقبله؟ وهل أصبحت الإنجازات الرياضية الكبرى تمر مرور الكرام دون أن تحظى بالاهتمام الرسمي الذي تستحقه؟
الجوادي لم يحقق مجرد فوز عابر، بل سجل توقيتًا عالميًا في سباق 800 متر بلغ 7 دقائق و36 ثانية و88 جزءًا من الثانية، وهو ثالث أفضل توقيت في تاريخ هذا السباق. كما فاز بذهبية سباق 1500 متر بزمن قدره 14 دقيقة و31 ثانية و22 جزءًا من الثانية، متفوقًا على أسماء عالمية مثل الألماني لوكاس مايرتنز وسفين شفارتس. هذه الأرقام ليست فقط إنجازًا شخصيًا، بل هي فخر لتونس بأكملها، ورسالة واضحة بأن البلاد ما زالت تنجب أبطالًا رغم كل التحديات.
ولم تكن هذه الميداليات الأولى في مسيرة الجوادي، فقد سبق له أن تألق في بطولة العرب بأبو ظبي سنة 2021، وهو في سن السادسة عشرة، وحقق ميداليات ذهبية في بطولة أفريقيا التي احتضنتها تونس سنة 2022. كما شارك في الألعاب الأولمبية باريس 2024، واحتل المركز الرابع في سباق 1500 متر، في إنجاز يُعدّ غير مسبوق لشاب في مقتبل العمر.
اللجنة الاولمبية تتدارك الموقف
بعد ساعات من عودته، حاولت اللجنة الأولمبية التونسية تدارك الموقف، فاستقبل رئيسها البطل في مقر اللجنة، ومنحه منحة مالية قدرها مئة ألف دينار تكريمًا لإنجازه. ورغم أهمية هذه الخطوة، فإنها جاءت متأخرة، وبدا أنها محاولة لتغطية غياب الوزارة عن لحظة كان من المفترض أن تكون وطنية بامتياز.
غياب وزارة الشباب والرياضة عن هذا الحدث يطرح أكثر من سؤال. هل هو تقصير إداري؟ أم تجاهل متعمد؟ أم خلل في التنسيق بين الهياكل المعنية؟ الجوادي لا يطلب مجدًا شخصيًا، بل يطلب اعترافًا بجهده، واحتضانًا لموهبته، ودعمًا لمستقبله الأولمبي. هو مشروع بطل أولمبي في ألعاب لوس أنجلوس 2028، ويحتاج إلى رعاية حقيقية، لا مجرد تكريم رمزي.
الجوادي ليس مجرد سباح، بل هو عنوان لجيل جديد من الرياضيين التونسيين الذين يتحدّون الصعاب، ويصنعون المجد رغم قلة الإمكانيات. هو رسالة أمل، ودعوة لإعادة النظر في طريقة تعامل الدولة مع أبطالها. فهل ننتظر أن يُكرّم في الخارج؟ أم نُعيد الاعتبار لمن يرفع رايتنا في المحافل العالمية؟
إن ما حدث في مطار تونس قرطاج لا يجب أن يمرّ مرور الكرام. فتكريم الأبطال ليس ترفًا، بل هو واجب وطني. والاعتراف بالإنجازات لا يكون فقط بالتصفيق، بل بالدعم الحقيقي، والتخطيط للمستقبل، وتوفير الظروف الملائمة لمزيد من التألق.
أحمد الجوادي عاد، والذهب معه. لكن وزارة الرياضة للأسف، لم تكن في الموعد. فهل تتدارك الوزارة هذا التقصير الغريب خاصة ان وزير الشباب والرياضة استقبل البطل احمد الجوادي في ديسمبر الماضي وتم تنظيم في مقر الوزارة مراسم تكريم رسمية للبطل التونسي وذلك بعد تتويجه بطلا للعالم في بودابست في بطولة العالم للسباحة بودابيست 2024 (مسبح 25 م) بإحرازه ذهبية سباق 1500 م سباحة حرّة بتوقيت بلغ 14دق و16ث و40 جزء بالمائة اضافة الى برونزية سباق 800 م سباحة حرة بزمن قدره 7 دق و31 ث و93 جزء بالمائة.
وهنّأ وقتها وزير الشباب والرياضة الصادق المورالي البطل التونسي بهذا التألق الدولي والإنجاز المميز، مؤكدا أن ما حققه من نتائج مبهرة ومشرّفة لتونس خلال منافسات بطولة العالم للسباحة بالمجر هو تشريف للراية الوطنية وللرياضة التونسية. وأشاد في الان ذاته، بدور كل الأطراف المتدخلة في تحقيق هذا النجاح لاسيّما الإطارات المرافقة له من مكتب جامعي ووزارة وإطار فني، كما تم التطرق إلى الإستحقاقات الرياضية المقبلة للبطل أحمد الجوادي على غرار بطولة العالم للألعاب المائية التي تالق فيها بسنغفورة من 11 جويلية الى 3 اوت 2025 إضافة الى مستحقاته المادية وأبرز مشاغله على جميع المستويات اللوجستية والفنية.